شائعة واسعة الانتشار تزعم ظهور موجة وبائية جديدة داخل البلاد
انتشرت خلال الأيام الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات عديدة تزعم وجود تفشٍّ واسع لفيروس جديد في مصر يشبه فيروس كوفيد-19 في الأعراض وطريقة العدوى. وتزامنت هذه الادعاءات مع إعلان ظهور حالات من فيروس ماربورغ في إثيوبيا، ما أثار حالة من القلق والجدل بين المواطنين. فهل هذه الادعاءات صحيحة؟ وما حقيقة الأمر؟
تداولت حسابات على منصة "فيسبوك" منشورات تزعم ظهور فيروس جديد في مصر، وأطلق عليه البعض "كورونا الجديد" بزعم تشابه أعراضه مع فيروس كوفد-19. وارتبط انتشار الادعاء بالإعلان عن حالات فيروس ماربورغ في إثيوبيا. (الأرشفة 1 - 2 - 3 - 4)
قام فريق "أخبار ميتر" بالتحقق من صحة الادعاءات المتداولة حول انتشار فيروس جديد في مصر، من خلال مراجعة التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة. وفي 22 نوفمبر 2025، نفى الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «مساء 6» على قناة «الحياة»، وجود أي فيروس مجهول أو "كورونا جديد" في مصر.
وأكد عبد الغفار أن فيروس ماربورغ غير موجود في مصر، ولا ينتقل عبر الهواء، بل من خلال المخالطة اللصيقة بسوائل الجسم، مشيرًا إلى أن حركة السفر بين مصر والدول التي تشهد إصابات ليست كبيرة. كما أوضح أن الوزارة تمتلك نظام ترصد وبائي قوي يتابع الوضع محليًا وعالميًا.
وأوضح أيضًا أن ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية خلال هذا الوقت من العام هو ارتفاع اعتيادي ومتكرر كل عام، وأن الفيروسات المنتشرة حاليًا هي الفيروسات الموسمية المعتادة، وعلى رأسها الإنفلونزا التي تُعد الأكثر انتشارًا والأقوى في الأعراض. وأشار إلى أن شعور البعض بأن الإنفلونزا هذا العام أشد من السابق يعود إلى أن آخر موسم طبيعي لها كان في عام 2019 قبل جائحة كورونا، والتي تسببت في إضعاف مناعة الجسم تجاه الفيروسات الأخرى، إضافة إلى تراجع معدلات تلقي لقاح الإنفلونزا خلال السنوات الأخيرة.
تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى زيادة ملحوظة في نشاط فيروس كورونا على مستوى العالم خلال الأشهر الأخيرة. فقد بلغ معدل إيجابية الاختبارات في 11 مايو 2025 نحو 11% في 73 دولة، وهو مستوى يقترب من ذروة يوليو 2024. وتتركز هذه الزيادة بشكل أساسي في شرق المتوسط، وجنوب شرق آسيا، وغرب المحيط الهادئ. في المقابل، تُسجّل أفريقيا وأوروبا والأمريكتين معدلات إيجابية منخفضة تتراوح بين 2% و3%، مع عدم وجود إشارات واضحة لارتفاع كبير في بيانات مياه الصرف الصحي أو الأنشطة الوبائية.
ورغم زيادة الإصابات، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن البيانات المتاحة حول معدلات الدخول للمستشفيات أو العناية المركزة أو الوفيات ما زالت محدودة في بعض المناطق، ولا تشير حتى الآن إلى تأثير صحي خطير مماثل لما كان في ذروة الجائحة.
توضح منظمة الصحة العالمية أن خطر كوفد-19 انخفض عالميًا من مرتفع إلى متوسط بفضل ارتفاع المناعة وتراجع الوفيات. وترتبط معظم الإصابات حاليًا متحورات JN.1 (أوميكرون) التي تنتشر سريعًا لكنها لا تسبب شدة مرضية أعلى. ورغم ذلك، ما يزال الفيروس واسع الانتشار إلى جانب الإنفلونزا وفيروسات تنفسية أخرى، بينما تحدّ قلة البيانات وضعف المراقبة من قدرة المنظمة على تقييم الوضع بدقة. كما تستمر حالات ما بعد كوفد لدى نسبة صغيرة من المصابين. وتوصي المنظمة بالاستمرار في تطعيم الفئات الأكثر عرضة للخطر ودمج رصد الفيروس ضمن أنظمة متابعة الأمراض التنفسية.
أعلنت وزارة الصحة الإثيوبية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، في نوفمبر 2025 عن أول تفشٍ مؤكد لفيروس ماربورغ في البلاد. وقد بدأ الاشتباه في بلدة جينكا قبل أن يتم تأكيد الحالات عبر الفحوصات الجزيئية في المعهد الإثيوبي للصحة العامة. حتى 20 نوفمبر، تم فحص 33 عينة أسفرت عن 6 حالات مؤكدة بينها 3 وفيات، إضافة إلى 3 حالات محتملة توفيت قبل التمكن من اختبارها. كما جرى تحديد 206 مخالطين تتم متابعتهم يوميًا، وما يزال مصدر العدوى قيد التحقيق، إلا أن الفحص الميداني كشف عن وجود خفافيش الفاكهة وهي المضيف الطبيعي للفيروس في المنطقة.
ويُعد فيروس ماربورغ مرضًا شديد الخطورة يشبه الإيبولا، وقد تصل نسبة الوفيات إلى 88%، لكنها تنخفض مع العلاج المبكر والرعاية المناسبة. وتعمل منظمة الصحة العالمية حاليًا مع السلطات الإثيوبية لتعزيز المراقبة، وإدارة الحالات، وتتبع المخالطين، وضبط العدوى، ورفع جاهزية المختبرات، خاصة مع ضغط النظام الصحي نتيجة تفشيات أخرى مثل الكوليرا وحمى الضنك والحصبة.
حتى الآن لم تُعلن وزارة الصحة المصرية رسميًا عن تسجيل أي حالات مصابة بأي فيروس خطير، سواء كان فيروسًا جديدًا أو فيروس ماربورغ أو غيره من الفيروسات عالية الخطورة. وأكدت الوزارة أن الوضع الوبائي في مصر مستقر، وأن الفيروسات المنتشرة حاليًا هي فيروسات تنفسية موسمية معتادة لا تختلف في نمطها أو شدتها عن الأعوام السابقة. كما شددت على امتلاك مصر نظام ترصد وبائي قوي يُتابع باستمرار أي أمراض قد تشكّل تهديدًا للصحة العامة، ولم يُسجل أي مؤشرات تدل على ظهور فيروسات غير معروفة أو انتشار غير طبيعي للعدوى.
أجرى فريق "أخبار ميتر" مسحًا عشوائيًا للتعليقات المنشورة على منصات التواصل لمتابعة أي شكاوى صحية بين الأطفال أو الطلاب قد تشير إلى إصابات استثنائية. ولم يرصد الفريق أي دلائل تتعارض مع البيانات الرسمية، ما يعزز استنتاج استقرار الوضع الصحي.
تداولت منصات التواصل ادعاءات بوجود «فيروس جديد» في مصر يشبه كورونا، لكن وزارة الصحة نفت وجود أي فيروسات مجهولة أو خطيرة. الإصابات الحالية موسمية ومعتادة، بينما يشهد العالم ارتفاعًا متوسطًا في نشاط كورونا دون مؤشرات خطورة عالية. وفي المقابل، أعلنت إثيوبيا تفشيًا محدودًا لفيروس ماربورغ، دون أي إصابات في مصر. وتؤكد وزارة الصحة أن الوضع الوبائي مستقر ولا يستدعي القلق.
تصنيفات الموضوعات
Mariam Rafaat (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن. قدم من هنا