شائعة تزعم أن الطماطم حقنت بمادة "الإيثريل".. ووزارة الزراعة ترد
خلال الأسابيع الأخيرة، انتشرت منشورات ومقاطع فيديو تزعم أن محصول الطماطم لهذا العام مُسرطن بسبب حقنه بمادة "الإيثريل"، ما يؤدي إلى تغيّر لون الجزء الداخلي من ثمرة الطماطم إلى الأبيض، ما أدى إلى إثارة الجدل والمخاوف بين المواطنين بشأن سلامة المحصول وصلاحيته للاستهلاك. فما حقيقة هذه المزاعم؟
ما القصة؟
ظهر فيديو على "فيسبوك" لأحد الأشخاص يزعم أن وجود اللون الأبيض داخل ثمار الطماطم دليل على حقنها بمادة مسرطنة تُعرف بـ"الإيثريل". وتوسع انتشار الادعاء ليؤكد أن الطماطم المطروحة بالأسواق المصرية جميعها غير صالحة للأكل، ما تسبب في موجة قلق واسعة. (الأرشفة 1 - 2 - 3 - 4)
كيف تحققنا؟
قام فريق "أخبار ميتر" بالتحقق من المزاعم المتداولة، وتبين أنه في 26 سبتمبر 2025 أصدرت وزارة الزراعة المصرية بيانًا رسميًا بشأن الفيديو المنتشر حول وجود طماطم في الأسواق تم رشها بمادة "الإيثريل" -هي نوع من منظمات نمو النبات، وتحتوي على "الإيثيفون" كمكون نشط رئيسي- لتسريع النضج والتلوين. وأكد البيان أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، موضحًا أن ظهور اللون الأبيض داخل ثمار الطماطم يرجع إلى عدة أسباب طبيعية، من بينها: ارتفاع درجات الحرارة عند النضج (الإجهاد الحراري)، أو التقلبات الحرارية التي تؤثر على تكوين صبغة الليكوبين المسؤولة عن اللون الأحمر، وكذلك نقص التسميد بعنصري البوتاسيوم والكالسيوم أو زيادة التسميد النيتروجيني.
وشددت الوزارة على أن هذه العوامل منفردة أو مجتمعة قد تؤدي لظهور اللون الأبيض داخل الثمار، ولا علاقة لها باستخدام أي مواد كيميائية للتلوين. كما طمأنت المستهلكين بأن تناول هذه الطماطم لا يمثل أي خطورة صحية. وفي ختام البيان، ناشدت وزارة الزراعة وسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي توخي الدقة وعدم نشر الشائعات دون الرجوع إلى المصادر الرسمية، لتجنب إثارة البلبلة بين المواطنين.
نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، نفى ما تم تداوله عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وجود طماطم مسرطنة في الأسواق المصرية نتيجة استخدام الأسمدة النيتروجينية. وأكد "أبو صدام"، في مداخلة هاتفية مع برنامج "صباح البلد" على قناة "صدى البلد", أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، مشددًا على أن الطماطم المتاحة بالأسواق آمنة وصالحة للاستهلاك.
وأوضح أن ظهور أجزاء بيضاء داخل بعض ثمار الطماطم أمر طبيعي يرتبط بعوامل مناخية وزراعية، ولا يشكل أي خطورة على صحة المستهلكين. كما أشار إلى أن وزارة الزراعة تواصل متابعة الأسواق لضمان جودة المحاصيل وسلامتها.
أظهرت دراسة نشرتها جامعة ميسوري لإدارة الآفات المتكاملة (IPM) بتاريخ 20 يوليو 2022 أن ما يُعرف بـ"التبييض الداخلي" أو ظهور اللب الأبيض في ثمار الطماطم، هو اضطراب طبيعي يحدث غالبًا نتيجة ظروف الإجهاد الحراري وضعف الخصوبة، ولا علاقة له بمواد كيميائية مسرطنة.
وأوضحت الدراسة أن هذا اللب الأبيض الصلب قد يظهر أسفل الكأس مباشرةً أو يمتد في بعض الحالات عبر عمق الثمرة بالكامل، كما قد تبدو الجدران الداخلية للثمرة شاحبة وذات مظهر "فليني". وأشارت إلى أن الأصناف القديمة ذات التجاويف الخمسة للبذور أكثر عرضة لهذه الظاهرة مقارنةً بالأصناف الحديثة مثل "شريحة لحم البقر".
وأكد التقرير أن الحرارة الزائدة ونقص التسميد بالبوتاسيوم من أبرز الأسباب وراء ظهور هذه المشكلة، خاصة عند النباتات التي تعاني من ضعف الغطاء النباتي وتتعرض الثمار فيها لأشعة الشمس المباشرة.
وأوصت الدراسة باستخدام أصناف أقل عرضة لهذه الظاهرة، إلى جانب تطبيق برامج تسميد متوازنة تعتمد على وفرة البوتاسيوم وتشجع على نمو أوراق كثيف يحمي الثمار من الإجهاد الحراري.
كشفت أن تلك المادة تُستخدم في تسريع نضج ثمار الطماطم بالمزارع التي تحتوي على نباتات مكتملة النمو تحمل كمية كبيرة من الثمار. وهدفت الدراسة إلى تقييم تأثير الإيثيفون على التركيب الكيميائي لثمار سبعة أصناف من الطماطم المخصصة للتصنيع الغذائي، بعد رشه في مرحلة "النضج الأخضر". حيث أُجريت التجربة على مدى ثلاث سنوات متتالية في محطة أبحاث بالقرب من مدينة كراكوف، مع متابعة الظروف الجوية من درجات الحرارة وكميات الأمطار، حيث وُجد أن الإيثيفون عزّز محتوى المستخلص و السكريات الذائبة و حموضة الثمار. في المقابل، لم يؤثر استخدامه على نسبة المادة الجافة أو مركب الليكوبين المسؤول عن اللون الأحمر، بينما انخفضت مستويات فيتامين "C" (حمض الأسكوربيك) في الطماطم المعاملة بالمادة. كما لاحظ الباحثون أن التركيب الكيميائي للثمار اختلف باختلاف الظروف الجوية لكل عام، مما يؤكد دور المناخ في جودة المحصول وتباين استجابة الأصناف المختلفة للإيثيفون. وأظهرت النتائج أن صنف "Hubal" سجل أعلى نسبة من المادة الجافة والسكريات، بينما تميز صنف "Rumba" و"Sokal F1" بأعلى محتوى من الليكوبين، وصنف "AF 1120 F1" بأعلى مستوى من الحموضة.
أشارت الدراسة إلى أن المواد الكيميائية المسؤولة عن تسريع النضج قد تُشكل خطرًا على صحة الإنسان إذا لم تُستخدم في حدود المستويات الآمنة الموصى بها. وفي السنوات الأخيرة ظهرت آراء متباينة بين المستهلكين بشأن مدى سمّية مادة الإيثيفون. تجدر الإشارة إلى أن الإيثيفون مُسجل لدى وكالة حماية البيئة الأمريكية منذ عام 1973 كمنظم لنمو النبات يُستخدم لتعجيل نضج الفاكهة وتحفيز الإزهار. ورغم أنه يُعتبر مادة مُهيجة للجلد والعينين، إلا أنه غير مصنّف كمسرطن للبشر، حيث وضعته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) ضمن الفئة "D" أي "غير مسرطن للإنسان".
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، فإن الحد الأقصى المسموح به من المدخول اليومي للإيثيفون هو 0.05 ملغم/كغم من وزن الجسم/اليوم، بينما الحد الأقصى لبقايا الموصى به على الفواكه المعالجة هو 2 ملغم/كغم (2 جزء في المليون) (Bowie، 2007).
الادعاء بأن الطماطم مسرطنة بسبب مادة "الإيثريل" مضلل، فاللون الأبيض داخل الثمرة يرجع لأسباب طبيعية مثل الحرارة ونقص العناصر، والطماطم آمنة وصالحة للاستهلاك. الدراسات العلمية والجهات الرسمية أكدت أن "الإيثيفون" غير مصنف كمسرطن ويُستخدم بأمان ضمن الحدود المسموح بها.
تصنيفات الموضوعات
Mariam Rafaat (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن. قدم من هنا