بين التغذية والخصوبة: ما يقوله العلم عن تأثير النظام الغذائي على فرص الحمل
في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد فيه مصادر التوتر، أصبحت رحلة الحمل لدى بعض النساء أكثر تعقيدًا مما كانت عليه في الماضي. وسط هذا الواقع، ظهرت العديد من النصائح الشعبية والطب البديل التي تقدم حلولًا، من بينها فكرة أن "الأكل يمكن أن يعزز فرص الحمل". قد تبدو الفكرة بسيطة، بل وحتى أقرب إلى الخرافة، لكن ما مدى صحتها؟ هل يمكن لصحن من السبانخ أو حفنة من الجوز أن تصنع فرقًا حقيقيًا في رحلة الحمل؟
في هذا التقرير، نستعرض العلاقة بين التغذية والخصوبة لدى النساء، مستندين إلى أبحاث علمية أولية، ونحاول فهم: هل هناك حقًا ما يُعرف بـ"أطعمة تعزز الخصوبة"؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه خلطًا بين العلم والتمنّي؟
تشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى وجود علاقة واضحة بين النظام الغذائي وصحة الخصوبة لدى المرأة. فالأنظمة الغذائية غير الصحية، مثل تلك الغنية بالدهون المتحولة، الكربوهيدرات المكررة، والسكريات المضافة، قد تؤثر سلبًا على فرص الحمل. في المقابل، الأنظمة الغذائية الصحية، خصوصًا النظام المتوسطي الغني بالألياف، أحماض أوميجا-3، البروتين النباتي، والفيتامينات والمعادن، تبدو داعمة للخصوبة.
من المثير للاهتمام أن النظام الغذائي لا يؤثر فقط على الهرمونات أو الوزن، بل قد يغيّر من توازن ميكروبات الأمعاء، وهو جانب جديد يُعتقد أنه مرتبط بالخصوبة، لكن ما زال يحتاج إلى المزيد من البحث. (مؤرشف)
أظهرت الأبحاث أن نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، النشاط البدني، الضغوط النفسية، الحالة الاقتصادية والاجتماعية، مؤشر كتلة الجسم، التدخين، الكحول، الكافيين، والمواد المؤثرة على الحالة العقلية، كلها عوامل يمكن أن تؤثر على الخصوبة.
النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا بشكل خاص في حالات العقم الناتجة عن اضطرابات التبويض وبطانة الرحم، خاصة من حيث كمية السعرات ومحتوى العناصر الغذائية مثل الفيتامينات والبروتين والدهون والمعادن. ورغم الاهتمام الكبير بهذا المجال، إلا أن قلة الدراسات التجريبية وغياب نتائج حاسمة تمنع تقديم توصيات غذائية محددة للنساء الراغبات في الحمل.
تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة قوية بين النظام الغذائي وخصوبة المرأة، إلا أن هناك الكثير من الجوانب التي لا تزال بحاجة إلى دراسة أعمق. يؤثر النظام الغذائي للفرد، بالإضافة إلى نمط حياته والأمراض المصاحبة، بشكل مباشر على فرص الإنجاب.
ومن بين الأنظمة الغذائية المفيدة، يبرز النظام الغذائي المتوسطي كأحد الأنظمة التي تدعم الصحة الجسدية والعقلية، وتقلل من مشاكل مقاومة الإنسولين واضطرابات التمثيل الغذائي وخطر السمنة، وكلها عوامل مرتبطة بالخصوبة. يعتمد هذا النظام على تناول الخضروات، الفواكه، البقوليات، زيت الزيتون، الحبوب الكاملة، منتجات الألبان القليلة الدسم، الأسماك، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والسكريات.
على عكس النظام الغذائي المتوسطي، يُعتبر النظام الغذائي الغربي أحد الأنماط التي قد تؤثر سلبًا على خصوبة المرأة. يتميز هذا النظام بارتفاع استهلاك الكربوهيدرات المكررة و البسيطة، والسكريات، والمأكولات السريعة، واللحوم الحمراء والمصنعة، في مقابل انخفاض تناول الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة، والأسماك، والدواجن قليلة الدسم.
تشير الدراسات إلى أن اتباع النظام الغربي يؤدي إلى تغيرات في مستويات الهرمونات داخل الجسم، مما يؤثر على جودة البويضات ويقلل من فرص الإخصاب. كما وُجد أنه يؤخر حدوث الحمل، ويزيد من مشاكل التبويض، ويؤثر سلبًا على الهرمونات الأنثوية مثل البروجسترون. كذلك، فإن النظام الغذائي الغني بالسعرات والدهون المشبعة و قليل الألياف والفيتامينات يرتبط بزيادة خطر العقم.
أظهرت مراجعة علمية أجراها باحثون من كلية الصحة العامة وكلية الطب بجامعة هارفارد أن النظام الغذائي له دور مؤثر في دعم الخصوبة، خصوصًا لدى النساء اللواتي يحاولن الحمل بشكل طبيعي. (مؤرشف)
وجدت الدراسات أن بعض العناصر الغذائية لها تأثير إيجابي واضح على الخصوبة، وتشمل:
- حمض الفوليك
- فيتامين ب12
- أحماض أوميجا 3 الدهنية
- اتباع نظام غذائي صحي مثل النظام المتوسطي
بينت المراجعة أن بعض العناصر الغذائية الأخرى لم تُظهر تأثيرًا كبيرًا على الخصوبة، ومنها:
مضادات الأكسدة
فيتامين د
منتجات الألبان
الصويا
الكافيين
الكحول
في المقابل، ثبت أن الدهون المتحولة والأنظمة الغذائية غير الصحية الغنية باللحوم المصنعة، السكريات، والمشروبات المحلاة، تؤثر سلبًا على الخصوبة.
من المهم الإشارة إلى أن خصوبة الرجل تُعد جزءًا لا يتجزأ من عملية الحمل، ويؤثر فيها أيضًا نمط الحياة والتغذية، مما يستدعي النظر إلى الصحة الإنجابية كمجهود مشترك. تشير الدراسات إلى أن النظام الغذائي الغني بالفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، والمأكولات البحرية يمكن أن يحسن جودة السائل المنوي. (مؤرشف)
رغم انتشار الفكرة القائلة بوجود "أطعمة تسرّع الحمل"، فإن العلم لا يدعم وجود مكونات سحرية تؤدي لهذا الهدف بشكل مباشر. التغذية الصحية، وخاصة النظام المتوسطي، تُعد داعمًا قويًا للخصوبة من خلال تحسين الهرمونات وجودة التبويض وتقليل الالتهابات. لكنها تبقى عاملًا مساعدًا ضمن مجموعة من العوامل المعقدة مثل نمط الحياة، الحالة النفسية، الوزن، وحتى دور الشريك. باختصار، لا توجد وصفة غذائية تضمن حدوث الحمل، لكن تناول الطعام الصحي قد يُقرب الطريق.
تصنيفات الموضوعات
مريم رأفت (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن. قدم من هنا