ما الذي يجعل بعض الناس ينكرون ظاهرة مؤكدة؟ هذه الورقة تفضح أبرز الخرافات المناخية وتُعيد الأمور إلى نصابها العلمي
رغم التقدم العلمي الهائل وفهمنا المتزايد لتغير المناخ، لا تزال بعض الخرافات والمفاهيم الخاطئة تسيطر على الأذهان وتنتشر بسرعة تفوق سرعة الحقائق. هذه المعتقدات، التي غالبًا ما تُبنى على معلومات مغلوطة أو تفسيرات سطحية، تعيق الوعي الحقيقي بخطورة الظواهر المناخية. في هذا التقرير، نسلّط الضوء على أبرز هذه الخرافات، ونوضح الفارق بين ما يُشاع وما تؤكده الأدلة العلمية.
الحقيقة: تغيّر المناخ عبر العصور ليس ظاهرة جديدة؛ فقد مرّت الأرض خلال الـ800,000 سنة الماضية بدورات متعاقبة من العصور الجليدية والفترات الدافئة، مرتبطة باختلافات طفيفة في مدار الأرض وتأثيرها على كمية الطاقة الشمسية الواصلة. إلا أن الاحترار الحالي يختلف تمامًا، إذ بدأ بشكل واضح منذ منتصف القرن التاسع عشر نتيجة الأنشطة البشرية، ويتسارع بمعدل غير مسبوق في تاريخ المناخ الحديث.
تُظهر بيانات مستخرجة من عينات الجليد، وحلقات الأشجار، والرواسب البحرية، أن مستويات غازات الاحتباس الحراري – خاصة ثاني أكسيد الكربون – لها تأثير مباشر على مناخ الأرض، وأن الاحترار الحالي يحدث بوتيرة تفوق بعشرة أضعاف وتيرة ما بعد العصر الجليدي، مع ارتفاع في انبعاثات الكربون بمعدل يفوق الطبيعي بـ250 مرة. (مؤرشف)
الحقيقة: الطقس البارد في منطقة معينة لا ينفي وجود الاحترار العالمي، إذ يُقاس تغير المناخ بناءً على معدلات درجات الحرارة العالمية وعلى مدى زمني طويل. رغم أن بعض المناطق قد تشهد برودة مؤقتة، فإن الاتجاه العام على مستوى الكوكب يُظهر ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة. (مؤرشف)
الحقيقة: ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من الغازات الطبيعية التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن زيادته غير الطبيعية بفعل الأنشطة البشرية تُحدث ضررًا كبيرًا.
للمقارنة بين تأثير الغازات المختلفة، يُستخدم مقياس "مكافئ ثاني أكسيد الكربون" (CO₂-eq) بناءً على "إمكانية الاحتباس الحراري العالمي" (GWP)، الذي يقيس كمية الطاقة التي يمتصها طن من أي غاز مقارنة بطن من ثاني أكسيد الكربون خلال 100 عام.
على سبيل المثال، رغم أن تركيز الميثان في الغلاف الجوي أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون، فإن تأثيره الحراري لكل طن منبعث أقوى بكثير، لذلك يتم تحويله إلى مكافئ CO₂ لتقييم حجمه الحقيقي في التغير المناخي. هذا النظام يُسهم في توحيد تقارير الانبعاثات عالميًا، ويُسهّل فهم الأثر النسبي لكل غاز دفيئة في رفع حرارة الأرض.(مؤرشف)
الحقيقة: الشمس هي المصدر الأساسي للضوء والحرارة، على كوكب الأرض، لكنها ليست السبب في ظاهرة الاحتباس الحراري السريعة التي نعيشها اليوم. فالعلماء يقيسون كمية الطاقة الشمسية الواصلة إلى الأرض منذ عام 1978 باستخدام الأقمار الصناعية، ولم يلاحظوا أي زيادة فيها. في المقابل، درجات الحرارة على الكوكب تستمر في الارتفاع، مما يعني أن السبب الرئيسي هو الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود وإطلاق الغازات الدفيئة.
دليل آخر مهم هو طريقة توزيع الحرارة في الغلاف الجوي. إذا كانت الشمس هي السبب، لكانت جميع طبقات الجو تسخن معًا. لكن ما يحدث هو العكس: درجات الحرارة ترتفع قرب سطح الأرض، بينما تنخفض في الطبقات العليا مثل الستراتوسفير. هذا يؤكد أن الغازات الدفيئة تُحبس الحرارة في الطبقات السفلى، ولا علاقة للشمس بارتفاع درجات الحرارة الحالي. (مؤرشف)
الحقيقة: ساعدت الأقمار الصناعية والأجهزة الحديثة العلماء في تتبع حالة مناخ الأرض بدقة. ومن خلال هذه البيانات، أصبح من الواضح أن مناخ الكوكب يتغير بالفعل مع مرور الوقت.
منذ أكثر من 150 سنة، عرف العلماء أن بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون تحبس الحرارة في الغلاف الجوي. وتُظهر القياسات أن زيادة هذه الغازات تمنع خروج الحرارة من الأرض، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة. كلما زادت هذه الغازات، زاد الاحترار. (مؤرشف)
كما أكد تقرير وكالة ناسا عن تغير المناخ العالمي حالة المعرفة العلمية حول تغير المناخ، أن أكثر من 97% من علماء المناخ يؤكدون أن النشاط البشري هو السبب الرئيسي وراء هذا التغير.(مؤرشف)
على الرغم من التقدم العلمي الكبير والإجماع الواسع بين العلماء حول حقيقة تغير المناخ وأسبابه، لا تزال بعض الخرافات تُشكك في هذه الحقائق وتنتشر في الخطاب العام. يوضح هذا التقرير أن تلك الخرافات لا تستند إلى أدلة علمية، بل تُعطّل الوعي الصحيح وتُهدد الجهود المبذولة لمواجهة الأزمة. تؤكد الحقائق المستندة إلى أبحاث دقيقة أن النشاط البشري، وليس العوامل الطبيعية كالطقس أو الشمس، هو المحرك الأساسي لتغير المناخ السريع الذي نعيشه اليوم. لذا، فإن نشر الوعي المبني على العلم ومكافحة المعلومات المضللة هو خطوة محورية نحو مستقبل أكثر استدامة.
Topic categories
مريم رأفت (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
The Akhbarmeter team provides a space for stakeholders and the public to respond to information contained in the fact-checking process and correct it with complete transparency. You can contact us via our email at [email protected]. The team will also undertake to make the necessary corrections as soon as possible once the information is confirmed and accepted. Apply here
Do you have a correction or missing information you would like to add? 📱 Contact us
Topics that are related to this one