مشروع قانون يدعو لإلغاء وزارة التعليم بالكامل وتحويل مسؤولياتها إلى الولايات
مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مارس الماضي توقيعه أمرًا تنفيذيًا لتفكيك وزارة التعليم، تعود إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في السياسات التعليمية الأمريكية: هل يجب أن تبقى وزارة التعليم موجودة أصلًا؟ وكيف يؤثر تفكيكها على ملايين الطلاب والبرامج التعليمية في عموم البلاد؟
في هذه الورقة التفسيرية، نغوص في تفاصيل القرار وخلفياته السياسية، ونحاول فهم ما الذي تعنيه هذه الخطوة لمستقبل التعليم الأمريكي.
منذ تأسيسها، شكّلت وزارة التعليم الأمريكية هدفًا دائمًا للدعوات اليمينية المطالِبة بإلغائها، إلا أن التهديد الأكبر لها اليوم يأتي من البيت الأبيض الحالي. فقد كانت خطة إغلاق الوزارة جزءًا من الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري، وعُرضت ضمن "مشروع 2025"، وهو مخطط سياسات يدعم رئاسة ثانية لترامب. ينص المشروع على تقليص دور السياسة التعليمية الفيدرالية وصولًا إلى إلغاء الوزارة بالكامل. (مؤرشف)
في 20 مارس، وقّع الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتفكيك وزارة التعليم الأمريكية، وحثّ الكونجرس على إلغائها نهائيًا. ويأتي هذا القرار امتدادًا لموقفه المعارض للتعليم العام، وهو موقف عبّر عنه منذ حملته الانتخابية. تأسست الوزارة عام 1980 بموجب قرار من الرئيس جيمي كارتر، وبدعم من منظمات تعليمية كبرى مثل الرابطة الوطنية للتعليم (NEA).
خلال الأسابيع السابقة، اتخذت الإدارة خطوات مثيرة للجدل شملت: تقليص تمويل المدارس العامة، إطلاق برنامج قسائم مدرسية على مستوى وطني، تخفيف الرقابة على المدارس الخاصة، والسماح بمداهمات من إدارة الهجرة داخل المدارس.
ورغم الخطاب السلبي الذي تبنته الإدارة ضد المدارس العامة، إلا أن نهجها كشف عن هدف واضح: إضعاف النظام العام لصالح القطاع الخاص، حتى لو جاء ذلك على حساب الطلاب الأكثر احتياجًا، وذلك لتمويل إعفاءات ضريبية لأصحاب الثروات.
- 90% من طلاب الولايات المتحدة و95% من الطلاب ذوي الإعاقة يتلقّون تعليمهم في المدارس الحكومية، التي تعتمد على برامج تديرها وزارة التعليم.
- تقليص الوزارة سيؤدي إلى تقليص الموارد المخصصة للطلاب الأكثر احتياجًا، وزيادة الكثافة الصفّية، وتقليل الخدمات التعليمية الخاصة لذوي الإعاقة، فضلًا عن تقليص حماية حقوقهم المدنية.
- يروّج البيت الأبيض لفكرة أن إلغاء الوزارة ضروري "لإعادة السلطة إلى الولايات".
- ورغم أن الولايات تسيطر أصلًا على معظم جوانب التعليم، إلا أن هذا الخطاب المناهض للتدخل الفيدرالي يهدف إلى التغطية على الحقيقة، وهي أن الطلاب من ذوي الدخل المحدود، سواء في المناطق الريفية أو الحضرية أو الضواحي، بالإضافة إلى الطلاب ذوي الإعاقة، سيتكبّدون خسائر كبيرة.
- إلغاء الوزارة يعني تقليص التمويل الموجه للبرامج التي تدعم وتعلّم وتحمي الطلاب الأكثر هشاشة.
- هذا التوجه سيترك العديد من الأسر في حالة قلق، ويشكّل تهديدًا حقيقًا للمجتمعات التي تعتمد على هذه البرامج.
- دعم المدارس ذات الاحتياجات الخاصة
قد يتم فقدان تمويل الباب الأول، الذي يدعم المدارس التي تخدم الطلاب الفقراء، مما يؤدي إلى فقدان 180,000 وظيفة تدريس وتأثر 2.8 مليون طالب.
- تعليم الطلاب ذوي الإعاقة
يتلقى 7.5 مليون طالب تعليمًا خاصًا بموجب قانون (IDEA)، وإذا تم نقل هذا البرنامج إلى وكالة أخرى، قد يواجه الطلاب صعوبة في الحصول على الدعم اللازم.
- مكتب الحقوق المدنية
نقل المكتب إلى وزارة العدل قد يضعف قدرته على حماية الطلاب من التمييز، ما قد يؤدي إلى زيادة خطر التمييز والتسرّب المدرسي.
- القروض الطلابية ومنح بيل
إلغاء برامج القروض الطلابية ومنح بيل قد يؤدي إلى فقدان الدعم المالي لـ30% من طلاب الجامعات، مما يزيد من معدلات التسرّب الدراسي.
وزارة التعليم الأمريكية هي الهيئة الفيدرالية المسؤولة عن وضع وتنفيذ السياسات التعليمية على مستوى الولايات المتحدة. وتلعب دورًا تنسيقيًا بين الحكومة الفيدرالية والولايات، وتدعم الجهود الرامية إلى تحسين جودة التعليم وتحقيق العدالة التعليمية بين جميع الفئات والطبقات. (مؤرشف)
تتمثل مهمة الوزارة في دعم الرؤية التعليمية لرئيس الولايات المتحدة، وتطبيق القوانين التي يصدرها الكونجرس. وتشمل مسؤولياتها:
- تحسين نتائج التحصيل الدراسي.
- تعزيز جودة التعليم.
- ضمان تكافؤ الفرص التعليمية.
- إعداد الطلاب للمنافسة في سوق عمل عالمي دائم التغير.
- عام 1867: أنشأ الرئيس أندرو جونسون أول وزارة للتعليم، وكان دورها يقتصر على جمع البيانات والإحصاءات.
- عام 1868: جرى تقليصها إلى "مكتب التعليم" بسبب المخاوف من تدخل الحكومة الفيدرالية في شؤون الولايات.
- بقيت تابعة لعدة وزارات (الداخلية، الصحة، التعليم، الرعاية الاجتماعية) حتى منتصف القرن العشرين.
ومع إطلاق الاتحاد السوفيتي لقمر "سبوتنيك" في خمسينيات القرن الماضي، بدأ اهتمام الحكومة الأمريكية يزداد بتطوير التعليم، خصوصًا في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
وفي الستينيات، أطلق الرئيس ليندون جونسون برامج تعليمية كبرى ضمن إطار "حرب الفقر"، استهدفت دعم الطلاب من ذوي الدخل المحدود.
في عام 1979، أصدر الكونجرس قانونًا ينشئ وزارة التعليم رسميًا، وبدأت أعمالها في مايو 1980 خلال ولاية الرئيس جيمي كارتر.
- عند التأسيس: 4 موظفين فقط، وميزانية قدرها 15 ألف دولار.
- في عام 1965: تجاوز عدد الموظفين 2,100، وبلغت الميزانية 1.5 مليار دولار.
- بحلول عام 2010: وصل عدد الموظفين إلى 4,300، وبلغت الميزانية نحو 60 مليار دولار.(مؤرشف)
في فبراير 2023، تقدّم النائب الجمهوري باري مور (عن ولاية ألاباما) مع مجموعة من النواب بمشروع قانون لإلغاء وزارة التعليم (H.R.938)، ويتضمن المشروع البنود التالية:
1. حل الوزارة:
- تُلغى الوزارة خلال 30 يومًا من سريان القانون.
- تُوقف جميع برامجها، باستثناء:
- برنامج منحة بيل الفيدرالية.
- برنامج القروض الفيدرالية المباشرة (ويليام د. فورد).
- يتم نقل إدارة البرنامجين إلى وزارة الخزانة.
2. تمويل الولايات مباشرة:
- يُطلق وزير الخزانة برنامج منح يوجّه التمويل مباشرة إلى الولايات لدعم التعليم الابتدائي والثانوي.
- يتم توزيع التمويل بناءً على نسبة مساهمة سكان كل ولاية من ضرائب الدخل الفيدرالية.
- تُلزم الولايات باستخدام هذه الأموال فقط لأغراض التعليم الأساسي والثانوي.
3- رؤية الكونجرس
- دعم المنافسة والاختيار في التعليم.
- التأكيد على حق أولياء الأمور في اختيار نوع التعليم المناسب لأبنائهم.
مما سبق يتبين أن مشروع قانون إلغاء وزارة التعليم الأمريكية يمثل خطوة جذرية في إعادة صياغة مشهد التعليم في الولايات المتحدة. وبينما يرى البعض فيها استعادة للحرية المحلية ومقاومة لتدخل الحكومة، يرى آخرون أنها تهدد أهم مقومات العدالة التعليمية، وتعرض الفئات الأكثر هشاشة لمزيد من التهميش. النقاش الدائر حول هذا المشروع يكشف عن صراع أعمق بين رؤيتين لأمريكا: واحدة مركزية تهدف لحماية الحقوق، وأخرى لامركزية تضع الحرية فوق كل اعتبار.
تصنيفات الموضوعات
مريم رأفت (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن.
هل لديك تصحيح أو معلومة غائبة ترغب بإضافتها؟ 📱 تواصل معانا