يُعد الكاريكاتير (محرفة من كاريكاتور بالفرنسية) فن ساخر من فنون الرسم، وهو صورة تبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية أو خصائص ومميزات شخص أو جسم ما، بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي أو السياسي أو الفني أو غيره.
وقد ظهرت أول رسوم كاريكاتيرية مهمة في أوروبا خلال القرن السادس عشر الميلادي. وكان معظمها يهاجم إما البروتستانتيين وإما الرومان الكاثوليك خلال الثورة الدينية التي عرفت بحركة الإصلاح الديني، ثم أنجبت بريطانيا عددا من رسامي الكاريكاتير البارزين خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، حيث اشتهر وليام هوجارث برسوماته الكاريكاتيرية التي انتقدت مختلف طبقات المجتمع الإنجليزي، وأبدع جورج كروك شانك، وجيمس جيلاري، وتوماس رولاندسون المئات من الرسوم الكاريكاتيرية اللاذعة حول السياسة والحكومة في إنجلترا، ثم ما لبث أن انتقل إلى كل أنحاء العالم، ليتطور على يد صحفى ورسامى الشرق الأوسط.
ولفن الكاريكاتير قدرة مهولة على النقد، بما يفوق حتى المقالات والتقارير الصحفية أحياناً، فصورة ساخرة واحدة قادرة على إيصال ألف فكرة بألف مقال، حيث إن إضحاك الناس على شىء ما بنقده من خلال السخرية منه يُبِت ويُرَسِخ هذا النقد فى وجدانهم، وبالرغم من تطور مفهوم الكاريكتور بحيث لم يعد مقصوراً على إضحاك الناس، خصوصاً بتناوله لقضايا مهمة وساخنة ومؤلمة إنسانياً، إلا إنه مازال قادراً على لفت أنظار الجميع لأحداث جسيمة من خلال رسم صورة، حيث يتفاعل الإنسان مع الأشياء الحسية الملونة بالعين أكثر من الكلام، ولذلك فالكريكاتير قادر على إرسال الرسائل الصحفية أبلغ من المقالات والتقارير والكتابات.
والشاهد أن فن الكاريكاتير في الصحافة العربية صامد وصاعد، وقد صار له أجيال متعاقبة تتوالد وتنتج المبدعين في كافة مجالاته، فنرى مثلاً فى مصر، تطور فن الكاريكتير بشدة من خلال مراحل صحفية كثيرة ومتعاقبة، أفضت من كثرة تعاقبها إلى حد تفتق ذهن الفنان التشكيلي محمد عبلة عن القيام بتوثيق هذا الفن العريق عن طريق الحصول علي مجموعات كاملة من الرسوم الكاريكاتيرية لأجيال مختلفة من الساخرين الذين أثروا فى الصحافة المصرية في القرن العشرين، وذلك بتأسيس أول متحف للكاريكاتير بمحافظة الفيوم، وقال عبلة إن المتحف الذي يضم رسوما منذ بدايات القرن العشرين هو الأول من نوعه في العالم العربي، حيث يضم مجموعة نادرة لأصول رسوم الكاريكاتير في الصحافة المصرية منذ بدايات القرن الماضي.
وقد تطور الفن الكاريكاتيرى الصحفى من خلال تطور الصحافة رقمياً واستخدامها للتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعى، والذى يظهر حالياً بوضوح فى رسومات الفنان "محمد قنديل"، أو الذى لقب نفسه بأنديل لتذييله لأغلب رسوماته بها، والتى تعد مبهرة إلى حد كبير نظراً لاستخدامه تقنيات حديثة فى الرسم والتلوين وإبراز المعاني ولتطرقه لقضايا ساخنة ومعالجته لها على شاكلة "هم يضحك".
سيظل الفن الكاريكاتيرى بحراً صحفياً لن ينضب، قادراً على إبراز الآلاف من المعانى برسمة ملونة، بسيطة ومضحكة جداً!
Topics that are related to this one