بعد مدة ليست بقصيرة تصل إلى أكثر من 100 يوم منذ توليه للرئاسة في أواخر فبراير الماضي، يُستشهد بدونالد ترامب كرئيس نظام سياسى ديمقراطى فى ظاهره، تحوّل إلى ديكتاتوري يضع القيود على الحقوق والحريات، يُمارِس المسئولون فى رحابته كل ما يحلو لهم من قمع الصحافة وحرية التعبير!
ولم تعد سياسات ترامب مؤثرة فى الإعلام الأمريكى فحسب، بل انتشرت كاحمى لتصيب باقى الدول بالعدوى، خصوصاً الديكتاتورية عن بكرة أبيها، فإذا ما ارتأى رؤساء أكبر الديكتاتوريات إن رئيس أكبر بلد "حر" فى العالم يُضيق الخناق على وسائل الإعلام، كيف لهم أن يتصرفوا؟! حتى إن المتحدث باسم مجلس الوزراء الكمبودى "فاي سيفان" قد تعهد بـ"سحق" الكيانات الإعلامية التي تعرض "السلام والأمن" فى المملكة إلى خطر، منادياً جميع الوكالات الصحفية الاجنبية بفرض رقابة ذاتية على صحفييها وإلا قام بإغلاقها، وبرر تهديده بالإشارة إلى ما قام به ترامب، بمنع وطرد عدد من وسائل الإعلام المشهورة من مؤتمر صحفي للبيت الأبيض في يناير.
ونقلت صحيفة "بنوم بنه" عن "سيفان" قوله بـ "إن حظر دونالد ترامب لعمالقة الإعلام الدولي يرسل رسالة واضحة مفادها ان الرئيس ترامب يرى إن الأخبار التى تنشرها هذه المؤسسات الإعلامية لا تعكس الوضع بنزاهة ومهنية، ولا تنقل الحقيقة، ولذلك يجب أن تُمَارَس حرية التعبير في نطاق القانون وأن تأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية والسلام، فقرار الرئيس ترامب لا يمس نهايةً بالديمقراطية أو بحرية التعبير".
يأتي ذلك في أعقاب موجة جديدة من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها كمبوديا بما في ذلك قتل صحفي بارز وناقد للسياسات الحكومية، كيم لي، وقانون جديد يهدف إلى تفكيك أحزاب المعارضة في الفترة السابقة للانتخابات المحلية والوطنية، وتوضح مثل هذه كيف يمكن استخدام الخطاب المتهور والأفعال النرجسية للرئيس ترامب من قبل الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية مصدر الحريات وأكبر دولة حاضنة للديمقراطية في العالم، هل يمكن أن تكون في وقت قريب الدولة التي يتم الاحتذاء بها في نقض هذه المبادئ؟ ويبدو أنه سيكون من الضروري تقييم اتجاهاتها ومبادئها المتعلقة بحرية التعبير، بل إن أول من أدرك هذا هم الأمريكيون أنفسهم، وهو ما دفعهم للقيام بعدد من التظاهرات التي اجتاحت الشارع الأمريكي بعد إعلان تولي ترامب الرئاسة، ومن الواضح إن الرئيس الأمريكي مازال يخفي في جعبته سياسات أكثر سوء، لم توضحها المئة الأولى من حكمه، مازال هناك الكثير الذي سيظهر في القريب العاجل.