توقفت القنوات عن البث، غطاها اللون الأسود، وظهرت تحذيرات مكتوبة باللون الأحمر، حول التهديدات التي تتعرض لها حرية الصحافة، لا هذا ليس فيلماً سينمائياً يحتوى على قدر من الدراما، وإنما الأمر واقع، حدث على التلفزيون المنغولي فى وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، احتجاجاً على التغييرات القانونية التى ستضع وكالات إعلامية وعدد من الصحفيين تحت طائلة العقاب بسبب اتهامهم بالتشهير قبل الانتخابات.
وبرغم تحول منغوليا منذ فترة طويلة إلى واحة من الديمقراطية، إلا أنها بين جيران يتم وصفهم بأنهم عمالقة الاستبداد مع الصحافة، هما الصين وروسيا، وقد أحدث التحول السياسي في منغوليا منذ الثورة السلمية في عام 1990 إضافة كبيرة للمستثمرين الأجانب، وهو ما أنعش الإعلام والحركة الصحفية، ولكن مع الانتخابات الرئاسية التى جرت فى يونيو الماضى، أعربت الجماعات الحقوقية والوكالات الصحفية عن قلقها من تزايد استخدام الحكومة لتكتيكات قمعية ضد وسائل الإعلام وقيامها بخنق المعارضة، من خلال سجن الصحفيين وتكميم أفواههم، مُدعيةَ فى هذا إنها بلاد حرية وديمقراطية وبها قنوات شرعية للتعبير عن الرأى ويكتسب فيها الإعلام مكانة متميزة كمنصة رأى، فى الوقت ذاته الذي تقرر فيه هذا الاسبوع ان يناقش البرلمان التعديلات القانونية التي يمكن أن تفرض غرامات كبيرة على الصحفيين المتهمين بالتشهير، وتشكل هذه التعديلات والقوانين تهديداً كبيراً على حرية الصحافة، ما يجعلها تتوقف عن تغطية قضايا هامة تتعلق بالفساد المتفشي في البلاد.
أظلمت اثني عشر محطة تلفزيون منغولية لمدة ساعة تقريباً مساء الأربعاء، لا يُكتب عليها سوى جملة واحدة، "حقك فى المعرفة تحت التهديد"، وفي صباح الخميس، صدر عدد إحدى أكبر صحف البلاد، أونودور، نفس الرسالة على صفحتها الأولى.
وقالت هاشو نارانجرجال، رئيسة منظمة المجتمع المدني "جلوب انترناشونال" في منغوليا، ان وسائل الاعلام قد تواجه عقوبات تصل إلى 200 مليون توغريك (82،850 دولار) لانتهاكات بموجب التعديلات، في حين أن الصحفيين الأفراد ومستخدمي وسائل الاعلام الاجتماعية يمكن تغريمهم 2 مليون توغريك ( 828 دولارا) لكل فرد، كما أوضحت ان هذه الغرامات شكلت "رقابة اقتصادية" قد يسيء اليها السياسيون لحماية أنفسهم. وقالت: "إن المناخ السياسي العام سلبي جدا بالنسبة لحماية الصحفيين".
وقالت باتبولد تشيمجي، وهي صحفية لموقع GoGo.mn، إن الحكومة قد أساءت استخدام قانون التشهير في الماضي لفرض رقابة على الصحفيين، وأضافت إن الغرامة البالغة قيمتها 2 مليون توغريك تعادل راتب ثلاثة أشهر للصحفى الواحد، فهى "إنها أموال كبيرة جداً على الصحفيين ليدفعوا مقدارها، لأنهم لا يكتسبون من مهنتهم الكثير فى المقام الأول".
المصدر: Mongolian media goes dark to protest press freedom threat
http://www.reuters.com/article/us-mongolia-politics-idUSKBN17T0G8