بين الشعور العابر والحالة المرضية.. حقائق علمية تفنّد المفاهيم المغلوطة عن أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا بين الأمهات الجدد
رغم التقدّم في الوعي بالصحة النفسية، لا يزال اكتئاب ما بعد الولادة محاطًا بسلسلة من المفاهيم الخاطئة التي تُقلّل من شأنه وتُعرقل التعافي منه. فهذه الحالة، التي تؤثر على ما بين 13% إلى 19% من النساء بعد الإنجاب، تُواجه غالبًا بتقليل خطورتها، أو اعتبارها ضعفًا، أو وصمها بالخجل. وبينما تعاني واحدة من كل خمس نساء من الاكتئاب أو القلق بعد الولادة، يظل التشخيص المبكر والدعم النفسي عناصر حاسمة في تجنّب المضاعفات. بعض الأعراض، مثل الهلوسة أو التغيرات المزاجية الحادة، تستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا.
في هذه الورقة، نسلط الضوء على أبرز الخرافات المنتشرة حول اكتئاب ما بعد الولادة، ونقدّم الحقائق العلمية التي تساعد على فهمه والتعامل معه بطريقة صحيحة.
الحقيقة: اكتئاب ما بعد الولادة ليس شعورًا عابرًا بالحزن، بل اضطراب نفسي جاد يحتاج إلى تدخل علاجي. صحيح أن كثيرًا من الأمهات يشعرن بالحزن أو القلق بعد الولادة، فيما يعرف بـ"الكآبة النفاسية"، إلا أن هذه المشاعر تزول خلال أيام. أما اكتئاب ما بعد الولادة فيكون أعمق ويستمر لفترات طويلة، ويؤثر على قدرة الأم في العناية بنفسها وطفلها.
الحقيقة: لا يرتبط اكتئاب ما بعد الولادة بضعف الشخصية، ولا يُفرّق بين النساء بحسب وضعهن الاجتماعي أو الاقتصادي أو أعمارهن. يمكن أن يصيب أي شخص، رغم أن بعض العوامل مثل تاريخ الإصابة بالاكتئاب أو صعوبة الحمل قد تزيد من احتمالية حدوثه.
الحقيقة: الاكتئاب لا يقتصر على النساء. فقد يُصاب به الآباء الجدد، والشركاء من نفس الجنس، وحتى الآباء بالتبني. فالتغيرات العاطفية والضغوط المرتبطة بالأبوة يمكن أن تؤدي إلى اكتئاب ما بعد الولادة لدى أي شخص، بغض النظر عن جنسه.
الحقيقة: رغم أن الحزن أحد أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، إلا أن المرض يشمل طيفًا واسعًا من الأعراض مثل التهيّج، نوبات الغضب، الشعور بالذنب، واضطرابات النوم أو الشهية، بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل الصداع وآلام المعدة. كما قد يؤثر على العلاقة مع المولود الجديد ويعيق تكوين الرابط العاطفي معه.
الحقيقة: لا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بمن سيُصاب باكتئاب ما بعد الولادة، إذ لا يفرّق هذا الاضطراب بين الناس بناءً على العمر أو الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية. ورغم أن بعض العوامل مثل وجود تاريخ سابق للاكتئاب أو صعوبة في الحمل قد تزيد من احتمالية الإصابة، إلا أن الاكتئاب قد يصيب أي شخص، بغض النظر عن خلفيته أو ظروفه.
اكتئاب ما بعد الولادة ليس ضعفًا شخصيًا ولا حالة عابرة يمكن تجاهلها. بل هو اضطراب نفسي شائع، يمكن علاجه والتعافي منه، خاصة مع الدعم النفسي والمجتمعي المناسب. إدراك الحقيقة وتفكيك الخرافات المحيطة بهذه الحالة يساعد الأمهات والآباء على تجاوز الوصمة، وطلب المساعدة دون خجل أو تأخير. الفهم أول خطوات الوقاية، والمساندة أساس التعافي.
تصنيفات الموضوعات
أمنية حسن (مدققة معلومات)
صحفية تمتلك خبرة متنوعة في مجال الصحافة المجتمعية وتحرير الفيديو. لديها خبرة في إنتاج التقارير ال...
صحفية تمتلك خبرة متنوعة في مجال الصحافة المجتمعية وتحرير الفيديو. لديها خبرة في إنتاج التقارير المكتوبة والفوتوغرافية لدى مؤسسة باشكاتب، وتحرير الأفلام القصيرة لمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، وتغطية قضايا المرأة لمؤسسة جنوبية حرة. ساهمت في برنامج "Her Story" التابع للأمم المتحدة من خلال ترجمة مقالات وشاركت في إنتاج فيلم قصير عن قضايا النوع الاجتماعي. حاصلة على درجة الليسانس في الإعلام من جامعة جنوب الوادي بقسم الإذاعة والتلفزيون. تشارك بنشاط في سرد القصص وتوثيق القضايا الاجتماعية.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن. قدم من هنا