يُطل السيناريست الشاب هشام منصور هذا الشهر على الشاشة الفضية بالموسم الأول من برنامجه "آخر الليل" على قناة النهار الفضائية، والذى يُصَنَف باعتباره برنامج ساخر خفيف الظل، ولم يكن هذا البرنامج هو أول عهد هشام منصور بالبرامج الساخرة، فقد سبق له تقديم برنامج العلم والإيماو على قناته بموقع اليوتيوب، والذى كان يحصد آلاف المشاهدات والمشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر.
وليس هذا البرنامج الساخر هو أول من ينتقل من عالم اليوتيوب والسوشيال ميديا الضيق المحصور على فئة بعينها ليصبح شبابى نسبياً، إلى عالم الشاشة الفضية الرحب، التى تخاطب البيت المصرى كله، والأسرة العادية بكل ما تحتويه من أعمار وتوجهات دينية واجتماعية ومستويات مادية وطبقية، وهى تجربة أثبتت إن المحل الأساسي لبعض هذه البرامج هو اليوتيوب والفيسبوك، إلا قليل منها استطاع أن يخاطب كل أفراد الأسرة على مُختَلَف توجهاتهم، أما غير هذا، فكان من الأفضل أن تظل هذه البرامج تخاطب الشباب على يوتيوب وتحصد الإعلانات بعد آلاف المشاركات التى تتوالى عليها، فإن من يخرج من داره، يقل مقداره فعلاً...
تتناول هذه البرامج القضايا الاجتماعية في الواقع المصرى بشكل مثير للسخرية، لكنها لا تلقى رواجاً خارج بيئة الفيسبوك الشبابية المصرية، نظراً لإن من هم فوق الشريحة السنية من ١٨ لــ٣٥ لا يتشاركون الحس الفكاهى مع من هم منها، تبعاً لاختلاف المناظير العمرية في الحكم على الأمور من شريحة لأخرى، والتي تصبغ رؤية البشر للأمور بنظرات خاصة، تُشكِلها قناعاتهم وشخصياتهم المختلفة المتفردة، وهو ما يجعل هذه البرامج غير قادرة على تحقيق النجاح المطلوب أو الجماهيرية المرجوة، خصوصاً وإن مواضيعها لا تحاول جاهدةً الوصول لكل الفئات والشرائح العمرية.
سبق برنامج آخر الليل برنامج آخر لعمرو راضى، أحد صانعى "الفيديوهات" الساخرة على اليوتيوب والسوشيال ميديا المصرية، والذى لم يلقى أيضاً التوقعات التي كانت موضوعة عليه، بالإضافة إلى برنامج "ساتر داى نايت لايف" النسخة المصرية، والذى سعى الشباب إلى متابعته في حين لفظه الكبار، وسرعان ما تحول عنه الشباب أيضاً لمحاولته انتزاع الضحكة من المشاهد، اللهم إلا في بعض الاسكتشات اللطيفة التي أجمع المشاهدون على كوميديتها بالفعل، وغير هذا، نجد برنامج أشرف يقدمه أيمن لمذيعه أيمن وتّار على ام بى سى مصر، الذى ظهر لموسم واحد لم يعبء الكثيرون بمشاهدته، لينتهي فجأة بدون مواسم قادمة كما بدأ فجأة، وغيرها من البرامج التي تُصنِف نفسها كبرامج ساخرة، وينظر إليها أصحابها كطفرة من نوعها، لكنها ذات جماهيرية عالية على مواقع التواصل الاجتماعى فقط، ولم تنجح قط، بمجرد أن لمست أقدام مُعديها وكاتبيها أرضية مدينة الإنتاج الإعلامى.
غير إنه ثمة برامج ساخرة أثبتت نجاحاً جماهيرياً غير مسبوق، بل ويعد أحدها بمثابة انطلاقة ظهور هذا النوع من البرامج الساخرة، خصوصاً في اعتمادها على الاسكتشات والغناء والنقد اللاذع المضحك، وهو برنامج البرنامج لمقدمه المذيع باسم يوسف، والذى بدأ على الانترنت بتجهيزات بسيطة جداً، ولفت إليه انظار جميع الفئات العمرية، فنجح نجاحاً باهراً على التلفزيون المصرى، إلى جانب هذا نجد برنامج البلاتوه لمقدمه أحمد أمين والذي يحصد أكبر عدد من المشاهدات حالياً على التلفزيون، بعد أن كان أمين مقدماً لفيدوهات ساخرة لا تتجاوز الخمس دقائق على الفيسبوك، وهو ما نراه في حجم النقلة النوعية لبرنامج أمين الآن، حيث يحفظ "افيهاته" الكبار قبل الصغار، ويتابعه الآلاف سواء عند إذاعة الحلقة أو بعد وضع رابط لها على حساب القناة الرئيسي بمواقع التواصل الاجتماعى، ثم تأتى البرامج الساخرة القائمة على شخصيات غير حقيقية استطاعت أن تقنعنا إنها من لحم ودم، كآبلة فاهيتا وسيد أبو حفيظة.
أصبحت الكتابة الساخرة سوقاً رائجاً في عالم السوشيال ميديا، وهو ما أنتج العديد من المذيعين والمعدين الذين انتشروا بسرعة البرق وانتقلوا من السوشال ميديا للشاشة الفضية، لكن قرارهم بالـ"لعب في المضمون" جعلهم يكررون ما قالوه في مواقع التواصل على شاشات التلفزيون، وهو ما عجّل بنهايتهم، ومع هذا لاتزال القنوات تتهافت في توظيفهم، ولازال التلفزيون يستعر ببرامج الكوميديا المصرية، في ظاهرة فريدة، وغير مفهومة بالمرة!
Topics that are related to this one