كتبت آلاء الكسباني :
تتشعب المجالات الصحفية حتى إنها تكاد تُلم بكل النواحي الحياتية للبشر، حيث تحرص الصحافة على تغطية كل شىء من شأنه أن يمس حياة الناس، لإنهم بالضرورة سيهتمون بمتابعة آخر وأهم أخباره وما ينجم عن التحولات التى تحدث به على مسارات حياتهم، وما أشد الأشياء مساساً بالحياة اليومية وأكثرها تقلباً مثل الاقتصاد؟! خصوصاً فى ظل قيام ظواهر العولمة الاقتصادية، حيث يؤثر حدث اقتصادى فى بلد ما على سائر البلاد!
تهتم الصحافة الاقتصادية بتتبع التغيرات الاقتصادية التي تحدث في أي مجتمع ودولة، وتُعنى بتسجيلها وتحليلها وتفسيرها وتحريرها بشكل مفهوم ومبسط للقارئ المتخصص والقارئ العادي، لبيان مدى أثر تلك القرارات والأحداث والتغيرات الاقتصادية على اقتصاد الدولة والمواطنين من حيث الأسعار وقيمة السلع والعملات والضرائب وغيرها، وترجع أهمية الصحافة الاقتصادية وتغطية شؤونها إلى أهمية هذا القطاع بالدرجة الأولى لأي دولة وأي مستثمر سواء على القطاع المحلي أو العالمي، حيث يعد الاقتصاد هو المحرك والدافع الأول للكثير من القرارات السياسية، واستراتيجيات المهتمين بالاستثمار في دولة معينة عن غيرها.
وترجع بداية الصحافة الاقتصادية إلى عام 1882 حيث بدأ تشارلز داو وإدوارد جونز وتشارلز بيرجستريسر بتقديم أول خدمة اتصالات لاسلكية وسلكية تعمل على توصيل الأخبار إلى الشركات الاستثمارية بطول شارع وال ستريت، وفي عام 1889 أُطلِقَت صحيفة الول ستريت كأول جريدة تختص بتقديم الصحافة الاقتصادية للشركات والمستثمرين.
شهدت الصحافة الاقتصادية المصرية انتعاشاً كبيراً، وتطورت بشدة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ظهرت عدة صحف اقتصادية مثل مجلة الإقتصاد الزراعي 1950، ومجلة الإقتصاد والمحاسبة 1951، ومجلة الأهرام الاقتصادي 1980، غير أن الصحافة المصرية لم تشهد ظهور أبواب وصفحات إقتصادية بشكل ثابت إلا عقب قيام ثورة يوليو 1952، حين بدأ التركيز علي المشاكل الإقتصادية الوطنية التى خلفها الاقطاع والاستعمار وطرق حلها، والبحث عن وسائل جديدة لتنمية الاقتصاد المصرى والحث على العمل والإنتاج للتخلص من هذه الآثار، وقد ظهر هذا عندما أقامت حكومة الثورة المجلس الدائم للإنتاج القومي، فبدأت الصحف العامة تهتم بالتحرير الاقتصادي ، ومنها صحف الأهرام و روزاليوسف، إلا إن أول باب اقتصادي في الصحافة المصرية خلال هذه الفترة كان في مجلة التحرير، ثم توالت الصفحات والأقسام الاقتصادية في الصحف المصرية.
وتشمل الصحافة الاقتصادية تغطية أخبار الاقتصاديات المتحكمة بالدول مثل النفط والذهب وأسعار العملات، وكذلك أسعار الفائدة وتغطية أخبار البنوك المركزية مثل البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي المصري والمصارف الكبرى، بالإضافة إلى تغطية أهم القرارات السياسية التي من شأنها أن تؤثر على الاقتصاد، حيث أن الحروب والاضطرابات السياسية خاصة بين الدول الكبرى يكون لها أكبر الأثر على تغيير البيئة الاقتصادية العالمية.
وعلى النطاق المحلي، يجب على الصحفي الاقتصادي أن يهتم بالقرارات السياسية المصيرية التي قد تؤثر على السلع الاستهلاكية أو غيره، مثل اتجاه الحكومة لرفع الضرائب على سلع معينة مثل ما شاهدناه في الفترة السابقة برفع ضريبة المبيعات على السجائر، ما أدى لاتجاه الشركات برفع أسعارها، أو رفع أسعار الوقود أو هبوطها مما سيؤثر على ارتفاع جميع السلع الاستهلاكية بالسوق، وبيان ما إذا كانت الدولة تشهد عجزًا أم فائضاً بميزانيتها وأثر هذا على مستوى المعيشة للمواطن العادى.
ويجب على الصحفي الاقتصادي أن يكون لديه ثقافة واسعة ومطلع دائمًا على الأحوال الاقتصادية والدولية عبر الصحف والمجلات والاطلاع على أسواق المال والعملات، ومتابعة اقتصاديات الدول والقرارات السياسية والاقتصادية، وقراءة والاطلاع على المقالات والتحليلات الاقتصادية وفهمها جيدًا، لكي يستطيع توصيله للقارئ، فضلاً عن معرفته بأساليب وطرق جمع المعلومات ومعالجة البيانات والأرقام ووضعها في قوالب وأشكال بيانية بسيطة وواضحة لكي تصل إلى القارئ بشكل بسيط ومفهوم.
وبالرغم من تطور الصحافة الاقتصادية إلى حد انتشارها عبر السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية وتخصص صحف وجرائد عالمية بها، إلا إنها تقابل الكثير من المعوقات، كالتغيير المطرد فى البيئة الاقتصادية والذي يصعب معه الانتباه الدائم لكل هذه التغييرات، فضلاً عن وجود بعض القرارات الاقتصادية الحساسة التى تحبز الدول إخفائها عن العامة لخطورتها، إلى جانب وجود معلومات سرية تتعلق بالميزانيات الدولية وأوجه الاقتراض والإنفاق، بما يصعب على الصحفى الاقتصادى الإلمام بكافة المعلومات المطلوبة.
Topics that are related to this one