يُطلق مصطلح السلطة الرابعة على الصحافة، ويُستخدَم هذا المصطلح فى إبراز الدور المؤثر للصحافة فى تعميم المعرفة والتوعية التنوير، وفى تشكيل الرأى وتوجيه الرأى العام، والإفصاح عن المعلومات وخلق القضايا، وتمثيل الحكومة لدى الشعب وتمثيل الشعب لدى الحكومة بل وتمثيل الأمم لدى بعضها البعض!
استُخدِم المصطلح بكثافة انسجاماً مع الطفرة التى رافقت الصحافة العالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، ويدور الجدل حول أول من أطلقه، حيث يُقال إن السبب فى إشهار هذا المصطلح هو المؤرخ الاسكتلندى توماس كارليل، وذلك من خلال كتابه الأبطال وعبادة البطل 1841 حين اقتبس عبارات للمفكر البريطاني إدموند بيرك 1797 التى خاطب بها مقاعد الصحفيين فى مجلس العموم البريطانى، والتى أشار فيها الأخير إلى الأحزاب الثلاثة أو الطبقات التي تحكم البلاد ذلك الوقت، رجال الدين والنبلاء والعوام، قائلاً إن : الصحفيين هم من يحتلون السلطة الرابعة، الأكثر تأثيراً من كافة الأحزاب الآخرى، بما لهم من أهمية اجتماعية واقتصادية وسياسية جعلتهم جزءً من الحياة الديمقراطية.
وقد تضاربت الآراء خاصةً بين رجال القانون حول مفهوم السلطة الرابعة ومدلولها، فإذا كانت قد ارتفعت بعض الأصوات فى الماضى ولقبت الصحافة بصاحبة الجلالة وفى الحاضر بالسلطة الرابعة، فإن هذه الأصوات تعبر فى الحقيقة عن معنى سياسى أكثر منه معنى دستورى وقانونى، ولذلك فإن المدلول الذى يراها باعتبارها رابع السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية) هو مدلول يشكك الكثيرون فى صحته، وإنما يُقصد بها رابع السلطات بعد الحكومة، الرأي العام، والمؤسسات الدينية فى الدولة، وذلك بسبب قدرتها على التأثير فى الشعب من خلال قيامها بالتعبئة الاجتماعية وشحذ الرأى العام ضد أو مع القرارات التى تخص حياتهم اليومية، كما إنها تمثل رقابة على أى قرار يمس الرأى العام، وتفتح أذهانهم تجاه القضايا والشؤون الداخلية والخارجية، ومن ثم فليس المقصود بها جهازاً له تنظيمات يستطيع بها أن يُصدِر قرارات نافذة، أو امتلاكه لأدوات الإكراه المادى التى تُلزِم أى أحد بآرائه، وإنما تستطيع أن تُلفِت أنظار الرأى العام إلى الأمور الهامة وتوقظ رؤيته لها، فضلاً عن وظيفتها الإخبارية والتى تقوم على إمداد الرأى العام بالأخبار التى يحتاجها بدون تعتيم أو غموض، ومن أهم أمثلة لعب الصحافة لهذا الدور، كشفها لفضيحة " ووتر جيت " التى تخص الرئيس الأمريكى نيكسون 1974.
ولذا، تلعب الصحافة دور السلطة الرابعة باعتبارها منبراً إعلامياً ومنصة رأى تمتلئ بالرقى والشفافية والنزاهة وتحارب كل ما يعد معاكساً لهذه القيم.
Topics that are related to this one