في كتابه المتلاعبون بالعقول يرى هيربرت شيللر أنه لكي يؤدي التضليل الإعلامي دوره بفعالية أكبر فلا بد من إخفاء دلائل وجوده بمعنى أن الشعب الذي يجري تضليله عليه أن يفهم أن الأمور تجري في مجراها الطبيعي و الحتمي و أن الشعب يمكن أن يؤمن أن الحكومة و الإعلام بعيدة تماما عن معترك المصالح الاجتماعية المتصارعة .
و ذلك على فرضية أن الحكومة المتمثلة في الكونجرس و النظام القضائي والرئاسة لا تتبع حزبا معينا . ويورد لنا مثالا عن ذلك بقوله أنه في عام 1972 كانت الحملة الانتخابية للرئيس نيكسون تقام تحت شعار "لجنة إعادة انتخاب الرئيس " و ليس المرشح "نيكسون".
كما ذكر على سبيل المثال أن وكالة الاستخبارات الفيدرالية FBI ظهرت في وسائل الإعلام لمدة نصف قرن على أنها وكالة لا سياسية هدفها الأسمى هو تنفيذ القانون.
إلا أن – والكلام على عهدة شيللر – الوكالة استُخدمت دوما لكبت أي سخط اجتماعي .و يضيف بقوله :
"صحيح أن الصحافة تعترف بأن العديد من التحقيقات الصحفية لا تتوخى الإنصاف والموضوعية إلا أنها تظل تؤكد على أنها نتيجة للخطأ الإنساني و لا يمكن أن تفسر على أنها عيوب جوهرية في نظم نشر المعلومات السليمة بصفة أساسية .
أما حقيقة أن وسائل الإعلام بما فيها الصحافة و التليفزيون و الدوريات ،هي جميعها مشروعات تجارية تتلقى أجورها من الاستغلال التجاري لمساحاتها الزمنية أوالمكانية لصالح الإعلانات، فهي حقيقة لا يبدو أنها تلفت انتباه أحد من الذين يدافعون عن نزاهة ومهنية الإعلام.
و يقول شيللر أن في فترة رئاسة نيكسون زادت حدة الانتقادات الموجهة إلى الإعلام و الصحافة لا لشىء إلا لأنها كانت غير يمينية بما يكفي ! .
ما رأيكم ؟هل من المستحيل أن تكون وسائل الإعلام حيادية و موضوعية بسبب مصادر تمويلها ؟ و هل تتحكم مصادر التمويل في معايير ونوعية التناول الخبري للصحف ووسائل الإعلام؟
Topics that are related to this one