قد يكون دونالد ترامب و رئاسته أعظم هدية تُقدم إلى الصحافة في واشنطن منذ اختراع حساب المصروفات.
وعليه فإن نهجه الأرثوذكسي في السياسة والحكم قد عملا على سحق المألوف فمن المفيد هذه الأيام ،بعدما كان الأمر مملا، كتابة التقارير عن أفعال الإدارة .
في مؤتمره الصحفي الذي عُقد في يناير كانون الثاني ،بدأ ترامب بالكشف عن نيته الحقيقية وذلك بعقاب السي إن إن و الباز فيد و ذلك لمساهتمهم في إعداد "تقرير معارض" متعلق به. و قال الرجل الذي ظهر في برنامج InfoWars أن المعلومات الواردة مزيفة وأثنى على الجهود المبذولة.
فوض ترامب نيوت جينيش للذهاب إلى برنامج شون هانيتي للمساهمة في تشويه الميديا ،قال جينيش في حلقة الحادي عشر من يناير " ترامب و فريقه عليهم أن يخرجوا و يفهموا كيف يمكنهم باستخدام قوتهم وضع قواعد للحوار . " يمكنهم إغلاق صحافة النخبة " ثم أتى لاحقا إعلان Reince Priebus رئيس موظفي البيت الأبيض الذي جاء فيه أن ترامب قد يعيد تسكين الفريق الرئاسي الصحفي في مكان أقل حيث المبني التنفيذي القديم و قد وجه سبايسر سكرتير الاعلام و الصحافة توبيخا للصحفيين مطالبا إياهم بالتزام حدود اللياقة في المؤتمرات الصحفية .
و الآن و قبل أن تجد لجنة حماية الصحفيين نفسها في مواجهة كارثة أن ردود أفعال ترامب وتحركاته كلها ضد الصحافة - وهي كذلك بالفعل- فعلينا أن نشكر ترامب على تسهيله لعملنا فإذا كانت فكرة ترامب عن المؤتمرات الصحفية هي "صفع" الصحافة و إذا كان مساعدوه يعتقدون أن الصحافة في حاجة إلى إغلاق أبوابها و إذا كان رئيس موظفيه يرى أن نقل الموظفين خارج المبنى ،لإجبارهم على تغطية المؤتمرات الصحفية وفقا لشروطه بدلا من الاعتماد حصرا على المهارات التقليدية في نقل التقارير الصحفية ،فإن حاملي بطاقات نقابة الصحفيين عليهم أن يبدأوا في التفكير في أن تغطية واشنطن هي تغطية لمنطقة حرب حيث الصراع يأتي بالصراع حيث يمنع الضباب جمع المعلومات الموثوق بها مباشرة من المقاتلين، حيث إنهاحالة مسألة حياة أو موت.
فعلى طريقته الخاصة فقد سخر لنا ورقة رابحة تماما يجب على صحفيين فهم يوم التنصيب على أنه يوم التحرير لاستكشاف الأخبار خارج دوائر واشنطن المعتادة. لقد كان واضحا في ازدرائه للصحافة وكراهيته للمؤتمرات الصحفية ،لذا و مع انتهاء عهد غرفة الصحافة في البيت الأبيض ،حان الوقت للتغطية خلف خطوط العدو.
على أي حال اعتمدت التقارير الصحفية الصادرة عن واشنطن على العلاقة التبادلية بين المصادر و الصحفيين فالمصادر تُثري الصحفيين و الصحفيون كذلك يثرون المصادر . فلا شيء غير أخلاقي في المساندة. فعندما يقوم مراسل بالاتصال بإدارة مصدر ما للتأكد من صحة واقعة محرجة ،فإن المصدر يوافق على التصريح طالما أن المراسل مستعد على أقل تقدير لسماع السياق الذي تحكي فيه الإدارة تلك الواقعة.و لكن تصرف ترامب العدواني تجاه الصحافة ، طرده لفريق السي إن إن لمحاولة طرحه سؤالا عن المؤتمر الأخير ، و خدعته في المؤتمر الأخير حين حشد مؤيديه بين الجمهور لإخراس صوت تبادل المنافع. إنه من السهل التنبؤ أنه بدلا من التفاوض مع الصحفيين على قدم المساواة ،تقدم إدراته جدول أعمالها عن طريق تغذية للصحفيين بالمحتوى المتفق عليه كما يغذي مدرب السيرك حيواناته .
بدأت الصحافة بالفعل لإعداد نفسها لمثل هذا التعجيز التعسفي في العهد الترامبي باتباع زوايا الأخبار التي تعتمد بدرجة أقل على وصول المعتاد من الرسمي. في صحيفة واشنطن بوست ،جمعت الصحيفة فريقا يتضمن أكثر العناصر عنفوانا وهو ديفيد فارينتولد للتحقيق في صفقات ترامب وصراع المصالح والانتهاكات المحتملة لمبدأ المكافآت .
جريدة الوول ستريت بدأت تحقيقا في كيف أن ديون ترامب لأكثر من 150 مؤسسة مالية ،سيخلق تضاربا كبيرا للمصالح بالنسبة له.
إن فرص تجاهل حراس البيت الأبيض و ملاحقة ترامب تعلن عن نفسها بشكل يومي . على سبيل المثال فإن الجدران الأربعة لمكتب الأخلاقيات الحكومية يكاد ينوء العرائض المقدمة ضد معارضيه كما ذكرت النيويورك تايمز في وقت مبكر هذا الشهر.
وذكرت التايمز أن ترامب شكل أغنى مجلس الوزراء في التاريخ الأميركي الحديث. و تقول الصحيفة أن موقعها قد سقط بالفعل من كثرة الاستفسارات العامة للمواطنين ،كما أعلن مدير شركة أوكلاهوما سيتي للغاز والكهرباء عن أن خطة ترامب لتفادي تضارب المصالح غير كافية على الإطلاق.
و كما أغلق ترامب باب البيت الأبيض في وجه الصحفيين ، فإنهم أيضا سوف ينشرون في كل الأرجاء و المؤسسات في البلاد أن السيد الرئيس منزعج. لمؤسسة الاستخباراتية، التي انتقدت ترامب حول قضية القرصنة الروسية، لا تملك له أي رصيد معنوي و لا حتى احتراما .
و بالنسبة لنيسكون الذي أيضا كان موقفه ضد الصحافة ، لكنه لا يزال يتمتع بشعبية في الأوساط الصحفية على الأقل ،كما خاض نيسكون حربا ضد الصحافة لمنع نشر أوراق البنتاغون عام 1971 ، وهذا يدل على كارثة ، ففي كتابه تسميم الصحافة يقتبس مارك فلدتساين من بعض أوراق البنتاغون المسربة من قبل دانيال السبرغ و التي يقول فيها " إن صناع الصحف لمدة ثلاثين عاما وأكثر كانوا يعيشون بسعادة ... على المساعدات الحكومية و فجأة انقلبوا ضدنا في ثورة واسعة النطاق". و علق السبرغ. " لم يعودوا يطالبون بورقة واحدة تلو الأخرى أو بفرصة، ولا يسعون فقط للحصول على قطعة من الوقائع ولكنهم يتجهون إلى العصيان المدني الراديكالي".
ومثل نيسكون ربح ترامب الكثير من المؤيدين من مواجهاته مع الصحافة ولكن بقى غير ذي شعبية بالنسبة لنصف الأمة تقريبا ، و قد شكل جمهورا عريضا يريد البحث عن فضائح ، فليذكر أحدهم مساعدو ترامب أن الموضوع أصعب بكثير من إغلاق الصحافة و أن إغلاق متابيعها أصعب بكثير .
الرتجمة بتصرف . رابط المقال الأصلي http://www.politico.com/magazine/story/2017/01/trump-is-making-journalism-great-again-214638
Topics that are related to this one