حوادث.. مصائب.. كوارث.
هل تبدو تلك الكلمات مألوفة؟!
للأسف، لن نتفاجأ إذا كانت إجابتك نعم!
أصبحنا جميعًا اليوم متخمين بالأخبار السلبية التي تملأ وسائل الإعلام من حولنا وتحيط بنا على مدار الساعة؛ مما أدى إلى وقوع الكثير في حفرة الإحباط والتشاؤم، بل واتجه البعض إلى العزوف تمامًا عن متابعة الأخبار، وهجر المناخ المظلم الذي تضعنا أغلب الأخبار الصحفية في عالمنا الحالي فيه.
والسؤال هنا هو: هل من حل لإضفاء بعض النور على هذه الرقعة المظلمة؟
بالطبع! الإجابة ببساطة تكمن في "صحافة الحلول".
ما هي "صحافة الحلول"؟
يكمن الاختلاف بين صحافة الحلول والصحافة الاعتيادية في موضع اهتمام كلًا منهما:
في الصحافة الشائعة يعتبر لب القصة هو المشاكل والفساد والأخطاء التي تحدث من حولنا.
لكن في صحافة الحلول تتغير المعادلة؛ فيركز الصحفي بشكل أساسي على الحلول التي ابتكرها وجربها أشخاص أو جهات لمواجهة مشكلة يتعرضون لها باستمرار، ويعتبرها الكثيرون صحافة متكاملة لأنها تقدم الحل والمشكلة معًا.
تدور وظيفة صحافة الحلول حول دعم أفراد المجتمع بالفرص والمعلومات التي يحتاجونها لإصلاح بيئتهم، وبناء مجتمع أفضل. وتقدم في الأساس هذه القصص إجابة للتساؤلات التالية (من يحل ماذا؟ وكيف؟). ويجب أن تكون الحلول في هذه القصص قد جربت بالفعل وقابلة للتكرار والتطوير في بيئات مشابهة، وهذا يعني ألا يكون العنصر الأساسي فيها هو توافر المال.
تتكون صحافة الحلول من عناصر أساسية يجب أن توجد في جميع قصصها وهي:
1- المشكلة:
لن نكون بحاجة إلى حل إذا لم يكن هناك أية مشاكل!
لهذا السبب تحديدًا يجب أن تُعرِّف الجمهور على المشكلة التي نبت منها الحل الذي ستعرضه في قصتك، واهتم بشرح أسبابها وتأثيرها السلبي بطريقة مفصلة لجمهورك، بحيث تكون لديهم رؤية متكاملة تساعدهم في تقييم الحل بصورة صحيحة.
2- الحل:
نأتي الآن لعصب القصة وهو "الحل"، وهنا يتم شرح الحل وكيف يعمل بصورة مفصلة، ولكن احذر أن يتضمن الحل في قصتك على شيئين:
3- الرؤى:
على قصص الحلول أن تهدي الجمهور دروسًا ورؤىً يمكنهم تطبيقها والاستفادة منها في المستقبل.
4- عيوب الحل:
لا يوجد حل كامل، فاحرص دائمًا على أن تبحث عن النواقص والقيود في تنفيذ واستخدام الحل، كما تبحث عن مميزاته، وقدم ذلك بكل شفافية إلى جمهورك، فهذا يزيد من ثقتهم بك.
5- عرض النتائج بالأدلة والبيانات:
يقترن الحل دائمًا بالنتائج، والنتائج يجب أن تقترن بالأدلة على فعاليتها، والبيانات لقياس مدى نجاحها أو فشلها، وعليك أيضًا أن توضح للقارئ لماذا اخترت هذا الحل بالتحديد بالأسباب المنطقية.
ولا تعتقد أن البحث عن قصص لصحافة الحلول أمر يحتاج إلى قوة خارقة، فهذا غير صحيح، عليك فقط أن تتذكر أن تنظر بتمعن لأحداث الحياة من حولك، وهذه بعض النصائح التي قد تساعدك على ذلك:
1- ابحث عن المشاكل الصغيرة في البداية:
كل المشاكل الكبيرة يمكن تقسيمها لمشاكل صغيرة. اختر مشكلة صغيرة لكن مؤثرة، واستكشف إذا كان هناك شخص ما حاول بالفعل تجربة حل لها.
2- يوجد طريقتان تستطيع اتباعهما لتصل لقصة حلول مميزة، وهما:
البدء بالبحث عن الحل، من خلال:
أو البدء بالمشكلة، وذلك عن طريق:
3- اعرف إجابات بعض الأسئلة الشائعة عن اختيار القصة المناسبة:
لا، يكفي أن تكون القصة قوية ومهمة وتقدم حلولًا ناجحة يمكن تكرارها، أو حلولًا فاشلة بها دروس وأفكار يستطيع الناس الاستفادة منها.
وحتى إذا كانت قصتك تحتوى على حل ناجح، لا تنسى أن تعرض الجوانب السلبية والقصور في الحل، لتقديم رؤية موضوعية وصادقة.
لا يوجد عدد محدد يمكنك أن تقيس عليه، فكل قصة مميزة عن الأخرى. وربما تجد في قصة ما الكثير من الأدلة والإثباتات عن مدى فعالية الحل أو العكس، وفي قصة أخرى لن تجد أي معلومات أكيدة (على سبيل المثال: إذا كانت القصة تتحدث عن مشكلة ناشئة مثل وباء كوفيد-19، الذي يحاول فيها الجميع جاهدًا من خلال طرق مختلفة، أن يتأقلم على وضع الحياة الجديد).
لكن عليك في جميع الأحوال أن تكون صادقًا، وتعرض كل ما تعرف بالأدلة المؤكدة، وتوضح أيضًا النقاط التي ليس لديها بيانات تثبت نجاحها أو فشلها بعد.
نوع الأدلة في قصص صحافة الحلول لا تختلف عن نوع الأدلة في الصحافة التقليدية، فيمكن أن تكون أرقام وإحصائيات، أو مقابلات مع شهود عيان وخبراء.
تمامًا كالقصص في الصحافة التقليدية، لا تثق ثقة عمياء في كلام المصادر أو شهود العيان، واحرص على توثيق المعلومات بمستندات موثقة. وإذا كان الحل لمشكلة حديثة، ابحث عن إحصاءات أولية وتحدث مع خبراء على دراية واسعة بالمشكلة.
ولا تنسى أيضًا أن تتحدث مع المتضررين بالمشكلة في الأساس، واسألهم هل بالفعل قدم لهم الحل أي تغيير؟
وسبب الاهتمام المتزايد في الآونة الأخير بصحافة الحلول، يكمن في فوائدها العديدة، سنعرض فيما يلي أهمها:
وعلى الرغم من ندرة اتباع هذا النهج في عالمنا العربي، فإن هناك أمثلة واعدة بدأت في الانتشار مثل مبادرة "إيجاب" التي أنشأتها الصحفية المصرية "دينا أبو غزالة" لتشجيع صحفيي الشرق الأوسط وإفريقيا على التعلم أكثر في مجال صحافة الحلول، وتساعدهم في تقديم قصصهم ونشرها مع المؤسسات الإخبارية المختلفة.
ويعود هدف "دينا أبو غزالة" من إنشاء هذه المبادرة إلى رغبتها في تصحيح الصورة المقدمة عن مصر والشرق الأوسط في الأخبار العالمية، والتي تقدم غالبًا فقط الأحداث السلبية التي تحدث في البلاد، في صورة تدل على أن الأخبار الجيدة من نصيب الغرب فقط.
وفيما يلي سنقدم بعض الأمثلة لقصص صحافة الحلول:
في النهاية، إذا أعجبك مفهوم مجال صحافة الحلول وتريد أن تتعمق أكثر فيها؛ تستطيع أن تبدأ الآن بهذه اللعبة المكونة من أسئلة ومواقف لتقريب الصورة لك بشكل عملي، واهتم أيضًا بالبحث والقراءة عن أمثلة قوية ومؤثرة لقصص صحافة الحلول، واحرص على المشاركة والتعلم من التدريبات والفرص المتاحة على الإنترنت على سبيل المثال.
لزيارة مصادر المقال وروابط أخرى تضم معلومات مفيدة:
Hope, Impact, Appeal: How Solutions Journalism Transforms Engagement - YouTube
Solutions Journalism: Why it Matters - YouTube
Solutions Journalism Explainer - YouTube
The Keys to Powerful Solutions Journalism - YouTube
TOL Education | What is Solutions Journalism?
Solutions Journalism: Learn SoJo With Our Interactive Game
Newsgathering for Solutions Journalism - COJO Against COVID
Engagement and Solutions Reporting Checklist
What Is Solutions Journalism & Why Is It So Important for Media?
What makes a successful solutions journalism story? | International Journalists' Network
قائمة توصيات لتطبيق صحافة الحلول عمليًا وإشراك الجمهور | شبكة الصحفيين الدوليين