كورونا المستجد ليس أول وباء يضرب البشرية، ولكن على مر العصور ظهر العديد من الأوبئة التي هددت حياة البشر، وتم إعلان نهايتها بعدما أنهت حياة الآلاف وفي بعض الأحيان كان الأمر يصل إلى الملايين.
عدد من تلك الأوبئة انتشر بسبب الحركة التجارية والحملات العسكرية، حيث أن بعض الأفراد المصابين كانو ينقلوا الأمراض معهم لبلادهم أو منها، وتسببوا في زيادة انتشار تلك الأوبئة. استطاعت البشرية تخطي الأوبئة إما بإختفائها مع مرور الوقت، أو إيجاد علاج أو لقاح مع تقدم العلوم والطب.
يجب الإشارة أن الأوبئة في بعض الأحيان يتعدى ضحاياها ضحايا الكوراث الطبيعية أو الحروب، على سبيل المثال تعدى عدد وفيات الأنفلونزا الإسبانية التي ظهرت ما بين 1918 – 1919 50 مليون وفاة على الأقل ، وهو أكثر من عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى التي تم خلالها استخدام المدافع والدبابات والطائرات والسلاح الكيميائي على مدار 4 سنوات.
لمحة عن بعض الأوبئة:
الطاعون الأنطوني (165-180)
ظهر عام 165 م داخل حدود الإمبراطورية الرومانية، وتم تسميته بهذا الاسم نسبة للسلالة التي كانت تحكم في تلك الفترة "الأنطونيون"، وحسب ما نقله المؤرخ الروماني كاسيوس ديو أنه كان يتسبب في وفاة ما لا يقل عن 2000 شخص يوميًا، واستمر في الانتشار حتى عام 180 ميلاديًا، أي ما يقرب من 15 عامًا، وأدى إلى وفاة ما لا يقل عن خمسة ملايين، وأظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الطاعون الأنطوني هو مرض الجدري، ويوجد له لقاح حاليًا.
طاعون جستنيان (541 – 542 )
انتشر هذا النوع من الطاعون في كل أنحاء الإمبراطورية البيزنطية في آسيا وأفريقيا وأوروبا بين عامي 541 و542، سمي بطاعون جستنيان، نسبة للإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول، ووفقًا لعدد من المؤرخين، ظهر الوباء لأول مرة في كل من الصين والشمال الشرقي لبلاد الهند، وانتشر منها عن طريق التجارة ليصل الساحل الشرقي للقارة الأفريقية.
من ناحية أخرى، أشار المؤرخ بروكوبيوس القيسراني إلى انتشار المرض من أثيوبيا نحو ضفاف النيل بمصر، وتفشيه بشكل سريع نحو الإسكندرية وفلسطين.
ما بعد ظهور الوباء ولمدة مائتي عام، عاد ليظهر أكتر من مرة، وعلى حسب المؤرخين المعاصرين، تسبب طاعون جستنيان في وفاة ما بين 25 إلى 50 مليون شخص.
الطاعون الأسود (1347 – 1351)
بدأ ظهور الموجة الأولى من الطاعون الأسود في الصين عام 1347، انتقل بعدها إلى القارة الأوروبية وبدأت أسوأ موجة للطاعون في تاريخ البشرية، وكان من أكبر الأسباب لانتشار هذا المرض هو الحملات العسكرية المغولية، وحركة التجارة وانتشار الفئران، بالإضافة إلى التدهور الكبير الذي شهده قطاع الصحة والنظافة، وتسبب الطاعون الأسود في وفاة ما بين 75 – 100 مليون شخص.
الكوليرا (1817- حتى الآن )
في بداية عام 1817، شهد العالم 7 حالات انتشار للمرض، كان مصدرها القارة الأسيوية وخاصة من الهند، بدأت الموجة الأولى بين 1817 و1923، ثم أثرت 5 منها على اوروبا مسببة 150 ألف حالة وفاة في عام 1832، و50 الف وفاة في عام 1866 في الولايات المتحدة.
أما حالة الانتشار السابعة - والأولى في القرن العشرين - بدأت في عام 1961، وبحلول عام 1991 كانت وصلت إلى 5 قارات ومازالت مستمرة، بحسب منظمة الصحة العالمية، ويقدر الباحثين إصابة 1.3 و4 مليون حالة بالكوليرا سنويًا، وبيوصل عدد الوفيات بين 21,000 و143,000 وفاة في أنحاء العالم، ولكن متوافر علاج ولقاح.
الأنفلونزا الإسبانية (1918 – 1919)
بدأت في الانتشار عام 1918، في الشهور الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، واعتبر البعض الحرب أنها مسؤولة بعض الشىء عن تفشي المرض، لأن الوباء خرج من النطاق العسكري، عندما بدأ الجنود في العودة لمنازلهم ونقل المصابون الفيروس معهم.
كانت إسبانيا من أوائل الدول التي أعلنت تسجيل أول حالات الوفاة بالفيروس، لذا تم تسميته بالإسبانية، ويعتقد بعض المؤرخين أن هناك دول أخرى لم تعلن عن إصابات أو وفيات بها بسبب الرقابة العسكرية التي كانت مفروضة عليها، وبسبب وضع أسبانيا كدولة محايدة لم يكن هناك مشكلة في إعلانها ذلك.
وانتشر الفيروس في دول أخرى، مثل بريطانيا وفرنسا وهنغاريا وألمانيا والنمسا والسويد وكندا والولايات المتحدة وجنوب إفريقيا والهند واليابان.
يقول موقع السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، أن حوالي 500 مليون شخص أصيبوا بـ"الإنفلونزا الإسبانية"، أو ما يعادل ثلث سكان الكرة الأرضية وقتها، وتوفى حوالي 50 مليون شخص على الأقل، ما يجعله الوباء الأكثر فتكًا في التاريخ المعاصر.
الإيدز (1976 – حتى الآن)
بدايته كانت عام 1976 في الكونغو وانتشر بعدها في مختلف أنحاء العالم، وبلغ عدد المصابين به منذ ظهوره حتى الآن حوالي 36 مليون شخص، وهو مستمر حتى يومنا هذا.
وفي عام 2014 توصل علماء إلى أن النمو السكاني وتجارة الجنس وحركة السكك الحديد وانتقال البشر سمح بانتشار فيروس "اتش اي في" المسبب للإيدز، وبالنسبة للعلاج أعلنت منظمة الصحة أن علاجه باستخدام الأدوية التي يمكن أن تساهم في تدني مستويات الفيروس في الجسم بحيث يمكن للجهاز المناعي أن يعمل بشكل طبيعي.
سارس (2003 – 2002)
يعتبر أول وباء في القرن الـ 21 ظهر أول مرة في الصين في فبراير عام 2002، وانتشر إلى أكثر من 24 بلد في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوربا وآسيا قبل أن يتم احتوائه، توفى 774 شخص بسببه حول العالم، وتم إصابة أكثر من 8000 شخص.
الصورة : © HULTON ARCHIVE / BBC
المصادر:
Topics that are related to this one