كيف تغطى صحيفة ما صعود زعيم سياسي مناهض للدستور ويؤيد العنصرية ويشجع على العنف؟ هل تتخذ الصحافة موقفها من تناول أخبار الديكتاتوريات بناء على معايير المجتمع أم تتخطاها؟ هل تتخذ موقف محايد تجاه الشخص الذي يفوز في انتخابات عادلة لأن قيادته تعكس إرادة الشعب؟ هذه الأسئلة وغيرها، واجهت الصحافة الأمريكية بعد صعود الزعماء الفاشيين في إيطاليا وألمانيا في العشرينيات و الثلاثينيات، وذلك بوصول هتلر وموسوليني إلى الحكم.
في حين لم تكن الديكتاتورية قيمة في المجتمعات الأمريكية أنذاك، كان موسوليني محبوباً من الصحافة الأمريكية، والتي تحدثت عنه فيما لا يقل عن 150 مقالة من 1925-1932، تكلمت عنه بلهجة إيجابي، لكن هذا لم يعنى إن كل الصحف الأمريكية كانت موالية للفاشية، حيث تناولتها بعض الصحف باعتبارها "حركة سياسية عنيفة في أساليبها"، لكن على الجانب الآخر، كانت أغلب الصحف تتحث عن موسوليني باعتباره الطريق لتنشيط اقتصادها.
نجح موسوليني في التحالف مع هتلر بعد وصوله إلى الحكم في المانيا من وجهة نظر الصحافة الأميركية والتي أطلقت عليه في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن العشرين "موسوليني الألماني"، وبالنظر إلى التناول الإيجابي للصحافة عن موسوليني في تلك الفترة، إلا إنه كان يُنظَر إلى هتلر على أنه نكتة،حتى و عندما فاز حزب هتلر بالنفوذ في البرلمان، وحتى بعد أن أصبح مستشار ألمانيا في عام 1933 - حوالي عام ونصف قبل الاستيلاء على السلطة الديكتاتورية - كتبت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية عن أنه إما سيتم تجاوزه من قبل السياسيين التقليديين أو أنه سيتوجب عليه أن يصبح أكثر اعتدالا، في الواقع، كان ثمة اتجاه صحفى لتحجيم هتلر وتوقع فشله والتأكيد على إن السياسيين والشعب سيقفون له بالمرصاد، وذلك نظراً لعدائه للسامية وتعذيبه لليهود، وبحلول منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، أدرك معظم الصحفيين الأمريكيين خطأهم في التقليل من شأن هتلر!
إن مجريات التاريخ تعاد الآن، نظراً لما نعيشه فى الوقت الحالي بوصول ترامب إلى السلطة وتهكم الصحافة عليه، فهل يا ترى سيكون نسخة مشابهة لديكتاتوريات مضت أم سيتماشى مع وجهة وتوقع الصحافة ؟!