مع تزايد إصابات الإنفلونزا وأدوار البرد، تتصاعد الشائعات حول ظهور فيروسات جديدة
يتناول هذا الفاكت شيت توضيح حقيقة انتشار فيروس الإنفلونزا من النوع H1N1 في مصر، في ظل زيادة حالات الإصابة بأدوار البرد والإنفلونزا خلال الفترة الحالية. ويستعرض التقرير المعلومات الطبية والعلمية المتاحة حول طبيعة الفيروس، وطرق انتقاله، وأعراضه، ومدى خطورته.
مع دخول فصل الشتاء وارتفاع معدلات الإصابة بأدوار البرد والإنفلونزا، تزايد الحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن انتشار واسع لفيروس H1N1، مصحوبًا بادعاءات حول تحوره أو ظهور فيروسات جديدة في مصر. هذا التزامن بين كثافة الإصابات وانتشار المعلومات غير الدقيقة أثار قلقًا لدى المواطنين. في هذا السياق، تأتي هذه الورقة لتوضيح الصورة الكاملة، وشرح الحقائق الطبية المؤكدة، والتمييز بين الإنفلونزا الموسمية ونزلات البرد، بعيدًا عن التهويل أو التقليل من المخاطر.
فيروس H1N1 هو إحدى سلالات فيروس الإنفلونزا الموسمية التي تصيب الجهاز التنفسي. وفي أغلب الحالات، تكون الإصابة خفيفة إلى متوسطة، ويتعافى المرضى تلقائيًا، خاصة الأصحاء.
ينتقل الفيروس عبر الرذاذ المتطاير أثناء السعال أو العطاس أو التحدث، وكذلك من خلال لمس الأسطح الملوثة ثم لمس الأنف أو الفم أو العينين. ويُعد التطعيم السنوي الوسيلة الأكثر فاعلية للوقاية وتقليل حدة الأعراض والمضاعفات المحتملة. (1)
يعود مصطلح إنفلونزا الخنازير إلى فيروس H1N1 الذي ظهر عالميًا في عامي 2009–2010، نتيجة خليط جيني من فيروسات إنفلونزا بشرية وحيوانية. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية آنذاك حالة وباء عالمي، مع تقديرات بوفاة نحو 284,400 شخص. وفي أغسطس 2010، أُعلن رسميًا انتهاء الوباء، لكن الفيروس استمر كأحد سلالات الإنفلونزا الموسمية المتداولة حتى اليوم. (2)
تختلف الإنفلونزا عن نزلات البرد في شدة الأعراض وسرعة ظهورها. فالإنفلونزا تظهر بشكل مفاجئ، وتتسم بارتفاع ملحوظ في الحرارة، وآلام شديدة في العضلات، وإرهاق عام ورعشة. أما نزلات البرد، فتكون أعراضها أخف وتظهر تدريجيًا، وغالبًا تقتصر على الكحة واحتقان الأنف والعطس دون ارتفاع كبير في الحرارة.(3)
أكّد الدكتور عمرو قنديل، مساعد وزير الصحة والسكان للطب الوقائي، أن فيروس H1N1 هو النمط السائد حاليًا في مصر وشمال ووسط إفريقيا، وأن انتشاره يأتي ضمن النشاط الموسمي المعتاد للفيروسات التنفسية خلال فصل الشتاء، ولا يمثل وضعًا استثنائيًا .(4)
نفت وزارة الصحة وجود أي فيروسات مجهولة أو متحورات شرسة، مؤكدة استقرار الوضع الصحي. كما أوضح الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة و الوقاية أن الفيروسات التنفسية متعددة، وأشهرها انتشارًا هو فيروس الإنفلونزا، وخاصة نوع H1N1. وأضاف أن هذا النوع ليس فيروسًا جديدًا، ولكنه يظهر بشكل أكثر وضوحًا أو شدة في بعض السنوات بسبب تغييرات طبيعية في شكل الفيروس، وليس بسبب ظهور متحورات جديدة. (4) (5)
أرجع المختصون ذلك إلى ما يُعرف بـ"الفجوة المناعية" بعد جائحة كورونا، حيث تراجع التعرض الطبيعي للفيروسات لعدة سنوات، ما جعل عودة الإنفلونزا أكثر وضوحًا. وتمثل الإنفلونزا حاليًا نحو 60% من حالات العدوى التنفسية المسجلة.
دعا الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والوقائية، كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة إلى ضرورة الحصول على لقاح الإنفلونزا الموسمية، مؤكدًا أن اللقاح يتغير سنويًا ليواكب التحورات الطبيعية للفيروس. وأوضح أن الفيروس المنتشر حاليًا ليس جديدًا، لكنه يشهد تحورات مستمرة تزيد من شدة الأعراض، خاصة مع تقلبات الطقس وزيادة فرص انتقال العدوى داخل التجمعات المغلقة. (5)
شدد مستشار الرئيس على ضرورة التزام الطلاب المصابين بنزلات البرد أو الإنفلونزا بالبقاء في المنزل حتى تمام الشفاء، محذرًا من أن انتقال العدوى داخل الفصول قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في الإصابات. كما دعا إدارات المدارس إلى تسهيل غياب الطلاب المرضى دون خصم من درجات المواظبة لضمان حماية الطلاب الآخرين والحد من انتشار الفيروس. (5)
في حال كانت الحالة الصحية العامة جيدة وظهرت أعراض إنفلونزا خفيفة، فقد لا تستدعي الحالة استشارة الطبيب في أغلب الأحيان، إذ يمكن التعافي بالراحة والعلاج المنزلي. إلا أن هناك فئات تكون أكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا، ويُنصح لها بالتواصل مع الطبيب فور ظهور الأعراض. وتشمل هذه الفئات النساء الحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة مثل الربو، والنفاخ الرئوي، والسكري، وأمراض القلب، حيث قد تتطور الأعراض لديهم بشكل أسرع أو أشد. (2)
يجب طلب الرعاية الطبية العاجلة فورًا عند ظهور أي من الأعراض التالية: (2)
- صعوبة أو ضيق في التنفس.
- ألم أو ضغط في الصدر.
- علامات الجفاف مثل قلة أو انعدام التبول.
- دوار مستمر أو فقدان الاتزان.
- نوبات تشنج أو صرع.
- تدهور أو تفاقم الأمراض المزمنة المصاحبة.
- ضعف شديد أو آلام قوية في العضلات.
ينبغي التوجه فورًا للحصول على رعاية طبية إذا ظهرت على الطفل أي من العلامات التالية:
- صعوبة في التنفس.
- شحوب أو تغير لون الجلد أو الشفاه أو الأظافر إلى الرمادي أو الأزرق، وفقًا للون البشرة.
- ألم في الصدر.
- علامات الجفاف.
- آلام شديدة في العضلات.
- نوبات تشنج.
- تفاقم أي أمراض مزمنة يعاني منها الطفل. (2)
يتعافى معظم المصابين بالإنفلونزا تلقائيًا دون الحاجة إلى علاج خاص. وفي الحالات الخفيفة يُنصح بـ:
- البقاء في المنزل لتجنّب نقل العدوى.
- الحصول على قدر كافٍ من الراحة.
- شرب السوائل بانتظام.
- استخدام خافضات الحرارة عند الحاجة.
- مراجعة الطبيب إذا ساءت الأعراض أو استمرت لفترة طويلة.
أما الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة أو ينتمون إلى الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، فيجب علاجهم بالأدوية المضادة للفيروسات في أقرب وقت ممكن، تحت إشراف طبي. (1)
تشمل الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا:
- النساء الحوامل.
- الأطفال دون سن 5 سنوات.
- كبار السن (60 عامًا فأكثر).
- المصابون بأمراض مزمنة مثل القلب والرئة والسكري.
- مرضى السرطان الذين يتلقون علاجًا كيميائيًا.
- الأشخاص ضعيفي المناعة، بما في ذلك المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية.
يُعد التطعيم السنوي الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من الإنفلونزا، إذ تقل فاعليته بمرور الوقت، لذلك يُوصى بتلقيه كل عام. كما تشمل وسائل الوقاية الأخرى:
- غسل اليدين بانتظام.
- تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
- التخلص الآمن من المناديل.
- تجنب الاختلاط الوثيق بالمصابين.
- البقاء في المنزل عند الشعور بأعراض مرضية.
- تجنب لمس العينين والأنف والفم.
يوصى بالتطعيم بشكل خاص لـ:
- النساء الحوامل.
- الأطفال من عمر 6 أشهر حتى 5 سنوات.
- الأشخاص فوق 65 عامًا.
- المصابين بأمراض مزمنة.
- العاملين في القطاع الصحي.
نعم، يتم تحديث لقاحات الإنفلونزا سنويًا لتتناسب مع الفيروسات المنتشرة، وتشمل لقاحات على هيئة حقن، إضافة إلى لقاحات بخاخ الأنف في بعض الدول.
تتابع منظمة الصحة العالمية انتشار فيروسات الإنفلونزا عالميًا، وتوصي بتركيبة اللقاح الموسمي مرتين سنويًا، كما تدعم الدول في:
- رصد الفيروسات.
- تعزيز قدرات التشخيص والاستجابة.
- رفع معدلات التطعيم بين الفئات الأكثر عرضة.
- دعم البحث العلمي لتطوير علاجات ولقاحات جديدة.
ينتشر فيروس الإنفلونزا الموسمية H1N1 في مصر خلال فصل الشتاء ضمن النمط الموسمي المعتاد، دون وجود فيروسات جديدة أو متحورات خطيرة. زيادة الإصابات الحالية مرتبطة بموسم الشتاء والفجوة المناعية بعد جائحة كورونا، وليست وضعًا استثنائيًا. تؤكد الجهات الصحية أن الوضع مستقر، مع أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية والحصول على لقاح الإنفلونزا، خاصة للفئات الأكثر عرضة للمضاعفات.
Mariam Rafaat (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن. قدم من هنا