العنف ضدّ المرأة: أرقام صادمة وتأثيرات واسعة تكشف حجم الأزمة العالمية

العنف ضدّ المرأة: أرقام صادمة وتأثيرات واسعة تكشف حجم الأزمة العالمية

ظاهرة عالمية تُقوّض الصحة والأمان والتنمية المستدامة

تم النشر بتاريخ : 24/11/2025  تم التحديث بتاريخ: 23/11/2025 22:11:12  تصنيف: ورقة حقائق 
  • العنف ضد المرأة واسع الانتشار: حوالي ثلث النساء حول العالم يتعرضن للعنف.
  • أشكال العنف: جسدي، نفسي، جنسي، وعنف رقمي متزايد.
  • التأثيرات الصحية: إصابات جسدية، اكتئاب وقلق، تعاطي الكحول، أمراض منقولة جنسيًا، حمل غير مرغوب فيه، تأثير على صحة الأبناء.
  • التكاليف الاقتصادية والاجتماعية: خسائر في الإنتاجية، تكاليف الرعاية الصحية، أثر على الناتج المحلي الإجمالي.
  • العلاقة بأهداف التنمية المستدامة: يعرقل العنف التقدم نحو المساواة بين الجنسين والصحة والتعليم والمشاركة الاقتصادية.
  • دور القطاع الصحي: الوقاية، الكشف المبكر، الدعم الشامل للناجيات، تعزيز التوعية والمساواة بين الجنسين.
  • القوانين والتشريعات: حماية قانونية محدودة، ثغرات في قوانين الاغتصاب والتحرش وزواج الأطفال، تمويل منخفض لمكافحة العنف.

يقدم هذا التقرير "فاكت شيت" تحليلًا موجزًا ومبنيًا على البيانات حول واقع العنف ضد المرأة عالميًا، مع استعراض الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة به. ويتناول التقرير مدى انتشار العنف، وتأثيراته الصحية، وانعكاساته على الصحة الجنسية والإنجابية وعلى الأطفال، إضافة إلى التكاليف الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه. كما يوضح التقرير ارتباط هذه القضية بأهداف التنمية المستدامة، ويستعرض دور القطاع الصحي في الكشف المبكر وتقديم الرعاية والدعم. ويُختتم التقرير بعرض أهم الأساليب والتدخلات الفعالة لمنع العنف وتعزيز بيئة آمنة للنساء والفتيات.

المقدمة 

يُعد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يُحيى في 25 نوفمبر من كل عام، مناسبة دولية لتسليط الضوء على واحدة من أخطر القضايا الاجتماعية والصحية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات حول العالم. العنف ضد المرأة لا يقتصر على كونه انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، بل يمثل تهديدًا مباشرًا لسلامتها الجسدية والنفسية، وصحة الأسرة والمجتمع، ويؤثر على مسارات التنمية والتقدم. ومع استمرار ارتفاع معدلات العنف في مختلف الدول، تزداد الحاجة إلى فهم أعمق لأبعاده وتأثيراته، وإبراز دور المؤسسات الصحية والاجتماعية في منعه والتعامل معه، إلى جانب تعزيز السياسات التي تحقق أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة. ويهدف هذا التقرير إلى تقديم صورة شاملة ومبنية على الأدلة حول مظاهر العنف ضد المرأة وتأثيراته، والجهود المطلوبة لمواجهته.

ما هو العنف ضد المرأة؟

يُعرَّف العنف ضد المرأة، وفق الأمم المتحدة، بأنه أي فعل عنيف قائم على النوع الاجتماعي يترتب عليه، أو يُحتمل أن يترتب عليه، أذى جسدي أو جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل ذلك التهديد بالعنف أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع في الحياة العامة أو الخاصة. ويُعد العنف بين الشريكين أحد أكثر أشكال العنف انتشارًا، ويتضمن سلوكيات من الشريك الحالي أو السابق تُسبب ضررًا بدنيًا أو جنسيًا أو نفسيًا، مثل الاعتداء الجسدي والإكراه الجنسي والإساءة اللفظية والسلوكيات المسيطرة. كما يشمل العنف ضد المرأة العنف الجنسي، وهو أي فعل أو محاولة فعل جنسي تُفرض على المرأة باستخدام الإكراه، بغضّ النظر عن علاقة الجاني بالضحية. ويتضمن الاغتصاب ومحاولات الإغتصاب و اللمس الجنسي غير المرغوب فيه وغيرها من الأفعال التي تُعد انتهاكًا لحرمة الجسد وكرامة المرأة.ويمثل هذا النوع من العنف انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وله آثار صحية ونفسية واجتماعية طويلة المدى. (1)

ما مدى انتشار العنف ضد المرأة؟

يُعد العنف ضد المرأة أزمة عالمية واسعة الانتشار ما تزال مستمرة بأبعاد مقلقة، إذ تكشف التقارير الدولية أن امرأة واحدة من كل ثلاث نساء، أي نحو 840 مليون امرأة حول العالم، تعرضت خلال حياتها لعنف من شريكها الحميم أو لعنف جنسي. ورغم خطورة المشكلة، فإن معدلات العنف لم تشهد أي تحسن يُذكر منذ عام 2000، حيث لم يتجاوز الانخفاض السنوي 0.2% خلال العقدين الماضيين. وفي عام واحد فقط، تشير التقديرات إلى أن 316 مليون امرأة فوق سن الخامسة عشرة تعرضن لعنف جسدي أو جنسي من شريك حميم. (2)

وتُظهر البيانات أيضًا أن العنف الجنسي من غير الشريك يمثل تهديدًا واسعًا، إذ تعرّضت 263 مليون امرأة لهذا النوع من العنف منذ سن الخامسة عشرة، ورغم ذلك يتوقع الخبراء أن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير بسبب الخوف والوصمة. كما تُشير الإحصاءات إلى أن ما يصل إلى 38% من جرائم قتل النساء تُرتكب على يد شركائهم، بينما تُبلّغ 6% من النساء عن تعرضهن لاعتداء جنسي من غير الشريك، رغم محدودية البيانات المتاحة.

وقد أدّت الأزمات الإنسانية، والنزاعات، جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم المشكلة، حيث زادت فترات الإغلاق من تعرض النساء للعنف داخل المنازل وقلّلت من قدرتهم على الوصول إلى الخدمات والحماية، مما ساهم في ارتفاع عوامل الخطر واستمرار دوائر العنف. (1)

الذكاء الاصطناعي ودوره في تصاعد العنف الرقمي ضد النساء

يشهد العالم موجة متصاعدة من الإساءة الرقمية ضد النساء يقودها التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد أصبحت الهجمات الإلكترونية أكثر سرعة واستهدافًا وصعوبة في الكشف، وتشير البيانات إلى أن 38% من النساء تعرضن لعنف عبر الإنترنت، بينما شهدت 85% منهن هذا العنف بشكل مباشر. وتُعد تقنية التزييف العميق من أخطر الأدوات المستخدمة، حيث تُظهر التقديرات أن نحو 95% من محتوى التزييف العميق الموجود على الإنترنت هو مواد إباحية غير موافَق عليها تستهدف النساء بشكل شبه كامل.

ولا تبقى هذه الانتهاكات داخل العالم الرقمي فقط، بل تمتد آثارها إلى الواقع، إذ يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوظائف، أو تهديد السلامة الجسدية، أو التأثير على العلاقات الأسرية والتعليم، ما يجعل الفجوة بين الإساءة الرقمية والاعتداء الحقيقي شبه منعدمة. وفي ظل هذا التصاعد، تؤكد الأمم المتحدة للمرأة ضرورة أن تتحمل شركات التكنولوجيا مسؤوليتها عبر توفير بيئات رقمية أكثر أمانًا، والاستجابة السريعة للتبليغات، وزيادة تمثيل النساء في تطوير هذه التقنيات لحماية الفئات الأكثر استهدافًا. (3)

التأثيرات الصحية للعنف

يؤدي العنف ضد المرأة، خاصة عنف الشريك الحميم، إلى مجموعة واسعة من الآثار الصحية الخطيرة، حيث تُظهر التقديرات أن نحو 30% من النساء عالميًا يتعرضن لهذا النوع من العنف. وينتج عنه إصابات جسدية مباشرة مثل الكسور والرضوض، إضافة إلى آثار نفسية عميقة أبرزها الاكتئاب والقلق، إذ تكون النساء اللواتي يتعرضن للعنف أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمقدار الضعف. كما يرفع العنف مستويات تعاطي الكحول، ويُعد من أبرز العوامل المرتبطة بجرائم قتل النساء، حيث يُرتكب ما يصل إلى 38% من هذه الجرائم على يد شركائهن. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن هذه النتائج تعكس حجم المشكلة الصحية العالمية وضرورة تعزيز دور القطاع الصحي في الاكتشاف المبكر وتقديم الدعم والرعاية للناجيات.

الصحة الجنسية والتناسلية وتأثير العنف على الأبناء

يمسّ العنف الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة بشكل مباشر، إذ يزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا، مثل الكلاميديا والسيلان، وترتفع في بعض المناطق احتمالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة قد تصل إلى مرة ونصف. كما يرتبط العنف بالحمل غير المرغوب فيه وارتفاع معدلات الإجهاض، حيث تكون النساء المعنفات أكثر عرضة للإجهاض بمرتين مقارنة بغيرهن. ولا يقتصر الضرر على المرأة فقط، بل يمتد إلى أطفالها، إذ يزيد العنف من احتمالات ولادة أطفال منخفضي الوزن بنسبة 16%، ويؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية لدى الأبناء نتيجة العيش في بيئة عنيفة. كما أن العنف الجنسي من غير الشريك، الذي تعرضت له أكثر من 7% من النساء عالميًا، يترك آثارًا نفسية خطيرة مثل اضطرابات القلق والاكتئاب، ما يعكس الضرر العميق والممتد لهذا النوع من العنف. (4)

التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للعنف ضد المرأة والفتيات

يُكلف العنف ضد النساء والفتيات الدول والمجتمعات والضحايا تكاليف كبيرة تشمل النفقات المباشرة وغير المباشرة، الملموسة وغير الملموسة، مثل فقدان أيام العمل، تكاليف الرعاية الصحية، والدعم الاجتماعي. على سبيل المثال، في مصر يُقدّر فقدان 500 ألف يوم عمل سنويًا بسبب العنف الزوجي، وتتحمل وزارة الصحة أكثر من 14 مليون دولار لخدمة ربع الناجين فقط. وفي المغرب تصل التكاليف السنوية الإجمالية للعنف الجسدي أو الجنسي إلى حوالي 308 مليون دولار، أما في الاتحاد الأوروبي فتُقدّر بنحو 366 مليار يورو، يمثل العنف ضد النساء 79% منها. وفي فيتنام، تكلف العنف ضد النساء نحو 1.41% من الناتج المحلي الإجمالي، وتكسب النساء المعنفات أقل بنسبة 35% من غير المعنفات. (6)

العلاقة مع أهداف التنمية المستدامة (SDGs)

يُعد العنف ضد المرأة أحد أبرز العوائق التي تعرقل التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين. فوفقًا للتقديرات العالمية، تتعرض نسبة من النساء والفتيات اللواتي سبق لهن الدخول في علاقات شراكة، وتتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا، للعنف الجسدي و/أو الجنسي من قبل شريك حميم خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. ولا يمثل هذا العنف انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان فحسب، بل يعرقل أيضًا التقدم في مجالات الصحة، والتعليم، والمشاركة الاقتصادية، ويُضعف قدرة المجتمعات على تحقيق تنمية شاملة ومستدامة. وبالتالي، فإن القضاء على العنف ضد المرأة شرط أساسي لتحقيق الأهداف العالمية بحلول عام 2030. (5)

دور القطاع الصحي

رغم أن مكافحة العنف ضد المرأة تتطلب تعاونًا متعدد القطاعات، فإن للقطاع الصحي دورًا محوريًا وحاسمًا. يمكن للقطاع الصحي أن يساهم في مواجهة العنف من خلال:

- اعتبار العنف ضد المرأة قضية صحة عامة والدعوة لعدم التسامح معه.

- تقديم خدمات صحية شاملة وآمنة وتدريب مقدمي الرعاية على الاستجابة المتعاطفة لاحتياجات الناجيات.

- لكشف المبكر عن حالات العنف لدى النساء والأطفال، وتقديم الإحالة والدعم لمنع تكراره.

- تعزيز المساواة بين الجنسين عبر دمجها في التعليم الصحي والمهارات الحياتية.

- توفير بيانات دقيقة من خلال المسوحات الصحية وأنظمة المعلومات لتعزيز الفهم وتوجيه السياسات.

القوانين والتشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة والفتيات

الحماية القانونية المحدودة: في عام 2022، كانت 14% فقط من النساء والفتيات حول العالم يتمتعن بحماية قانونية قوية لضمان حقوقهم الأساسية.

تأثير التشريعات على الحد من العنف: انخفاض معدلات عنف الشريك الحميم في الدول التي لديها قوانين لمكافحة العنف الأسري (9.5% مقابل 16.1%). ومع ذلك، فقط 55% من الدول لديها قوانين شاملة لمكافحة العنف الأسري.

الثغرات التشريعية: أكثر من 60% من البلدان تفتقر إلى قوانين اغتصاب قائمة على مبدأ الموافقة، وأقل من نصف النساء محميات من التحرش الإلكتروني، و139 دولة لا تملك قوانين كافية لمنع زواج الأطفال.

تمويل إنهاء العنف ضد النساء والفتيات: التمويل منخفض عالميًا؛ فقد انخفض بنسبة 13% بين 2018–2019 و2020–2021، و99% من المساعدات لا تصل لمنظمات حقوق المرأة المحلية، بينما لا يحصل سوى 5% من التمويل للمنظمات المدنية. (6)

الخلاصة

العنف ضد المرأة ظاهرة واسعة الانتشار تؤثر على حوالي ثلث النساء عالميًا، وتشمل العنف الجسدي، النفسي، الجنسي، والعنف الرقمي. له آثار صحية خطيرة تشمل الإصابات الجسدية، الاكتئاب، اضطرابات الكحول، والأمراض المنقولة جنسيًا، كما يؤثر على الحمل والأبناء. العنف يولد تكاليف اقتصادية واجتماعية ضخمة للدولة والمجتمع، ويعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمساواة بين الجنسين. للقطاع الصحي دور محوري في الكشف المبكر، الدعم، والتوعية، بينما تظل الحماية القانونية محدودة في معظم البلدان. التمويل لمكافحة العنف غير كافٍ، مع وجود ثغرات تشريعية كبيرة في مجالات التحرش والاغتصاب وزواج الأطفال.

Profile Picture

Mariam Rafaat (مدققة معلومات)

صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...

سياسات التصحيح

يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن. قدم من هنا

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية