أولى ضحايا قانون الطوارئ

20/04/2017 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: أخرى


كتبت سناء فتوح :


يأتي إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي أمراً بفرض قانون الطوارئ بعد حادث تفجيري كنيستي الغربية والإسكندرية ليثير القلق عن زيادة الانتهاكات ضد الصحافة والصحفيين ، قلق ومخاوف أكدتها جريدة البوابة لعدد الواقعة يومي الإثنين والثلاثاء الأيام التي تلت يوم الحادثة مباشرة ، وكتبت الجريدة مانشيت كبير يقول : " يوم أسود في تاريخ مصر" ووجهت اللوم لوزير الداخلية متهمة إياه بالتقصير والخلل في تأمين الكنائس ومطالبة بمحاسبته في ما حدث عندما أوردت عنوان يقول : " حاسبوه قبل أن تُحاسبوا" ، وأوضحت الصحيفة في بيان لها توضيحاً لموقفها : " لم نحِد أبداً عن مسئوليتها الوطنية في الحفاظ على أمن وسلامة وطننا ، ومن هذا المنطلق كان موقفنا تجاه ما حدث الْيَوْمَ من تفجير لكنيستي مارجرجس بطنطا و المرقسية بالإسكندرية ، أعلنا صراحة وهذا رأينا ، أن هناك تقصيراً أمنياً كبيراً يستوجب محاسبة المقصرين ، وتغيير الاستراتيجية الأمنية المُتّبعة حالياً في مواجهة الإرهاب " ، والأمر الذي يدعو للقلق والدهشة أن جريدة البوابة تعتبر من الصحف الموالية للسلطة والحكومة ، وكثيراً ما توجّه دعماً وتشجيعاً كبيراً للجهود التي تقوم بها قوات الشرطة والجيش لمحاربة الإرهاب في الأخبار والتقارير التي تنشرها .


 وفِي الحقيقة إن الصحافة المصرية دائماً ما تعاني من الانتهاكات التي تُمارس ضدها سواء في فترات فرض قانون الطوارئ ووقت عدم فرضه ، فلقد أعلن مرصد ( صحفيون ضد التعذيب ) شهر مارس الماضي أنه تم توثيق ٤٨ حالة انتهاك بحق الصحفيين والإعلاميين في عدد من محافظات الجمهورية أثناء تأدية عملهم خلال شهر فبراير االماضي ، ورصد التقرير الشهري ١٤ حالة انتهاك منع من التغطية الصحفية ، ١٠ حالات فرض غرامة مالية ، و ٨ حالات اتهام عبر بلاغ نيابة ، إضافة إلى ٦ حالات تعد بالقول والتهديد ، و٥ وقائع قبض واتهام ، إلى جانب ٣ حالات احتجاز بدون وجه حق ، و٣ أحكام بالحبس فضلاً عن حالتي تعدِ بالضرب أو إحداث إصابة ، وحالتي إتلاف وحرق معدات صحفية ، وتصدرت الجهات الحكومية والمسئولين الجهة الأكثر انتهاكاً للصحفيين سواء منعهم من التغطية أو مسح محتوى الكاميرا أو الاستيقاف والتفتيش والتعدي بالقول والتهديد وإتلاف معدات صحفية .


ويقول الصحفي خالد البلشي في تصريح له لقناة الحرة : " أن الحريات منتهكة بشكل حقيقي من البداية ، ولكن المشكلة تظهر في استمرار السلطة في ممارسة هذه الانتهاكات بدعم أنها تطبق القانون الذي فرضته الأزمة في هذه المرحلة ، والذي ربما يفتح الباب لتوحش أكبر" وتنص المادة الثالثة من قانون الطوارئ على أن " لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية : الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها " ، ويأتي هذا النص ليعد انتهاكاً واضحاً لحرية الصحافة تحت إطار قانوني تتذرع به السلطة لمواجهة أي جهة معارضة تواجهها أو تحاسِبها ،


يأتي هذا النص ليطيح ما يُفترض أن يضمنه الدستور لحرية الصحافة في مادته ٧١ التي تنص على : " يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها ، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة ، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية " . ومن القرارات التي تبعت فرض قانون الطوارئ وتنذر بتخوف نحو مزيد من القيود التي ستواجهها الصحافة الفترة المقبلة ثلاثة قرارات رئاسية بتشكيل الهيئات المنظمة للمجال الإعلامي والصحفي ، وعلى رأسها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي عُين مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق رئيساً له ، والهيئة الوطنية للصحافة الذي عُين كرم جبر رئيساً له وهو الرئيس السابق لمجلس إدارة روز اليوسف، وهي إحدى المؤسسات الصحفية الحكومية، وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام ويترأسها رئيس قطاع القنوات المتخصصة بتليفزيون الدولة، حسين زين. ولذلك دعت جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات بنقابة الصحفيين المصريين جميع الزملاء الصحفيين لرفض حالات القمع والمصادرة التي يفرضها قانون الطوارئ عبر إعلانها عن رفضها لمحاولات السلطة لإسكات الصحافة سواء عبر إجراءات استثنائية أو فرض قوانين قمعية والتي تتمثل في ما يسمى بـ تأميم الصحافة من خلال تعيين أفراد يتميزون بولائهم للأجهزة الأمنية في المؤسسات التي تدير شئون الصحافة والإعلام .


وما يستجد في المشهد ويدعو للقلق أيضاً ، أن رقابة الدولة لن تقتصر على مؤسسات الإعلام الورقي والمرئي والمسموع بل ستمتد لتشمل الرقابة على مؤسسات الإعلام الرقمي مواقع التواصل الاجتماعي والذي أقره ودعا له بعض نواب البرلمان ، فلقد صرح النائب تادروس قلدس عضو لجنة. الاتصالات والتكنولوجيا خلال لقائه لبرنامج " صباحك مصري " أن قسم جرائم المعلومات بوزارة الداخلية يرصد كافة الجرائم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأنه خلال أسبوعين سيتم التقدم بقانون خاص للحد من ظاهرة الجرائم الإلكترونية ، مؤكداً أن هذا القانون لا يقيد الحريات بل ينظمها رفضاً منه لتوجيه أي مواطن سب وقذف للدولة لأن هذا يعتبر تحت طائلة التجريح وليس النقد " . وفي التقييم الذي يقوم به موقع " أخبار ميتر " لتغطية الصحف الإلكترونية من حيث مهنيتها ، لوحظ في الأيام التي تلي الحادثة -التي يتم فيها تغطية ملابسات الحادث- ميل بعض الصحف بشكل مبالغ فيه لإبراز وتضخيم الجهود التي تقوم بها الجهات الأمنية للتعرف على مرتكبي حوادث التفجير ، وهو ما أثار تساؤلات هل سيقتصر قانون الطوارئ على منع الأصوات المخالفة والمعارضة لسياسات السلطة زعماً منها أنها تضر بأمن وسلامة الوطن أم سيمتد أثره لدفع الصحف وتوجيهها لتبني أجندات تمارس سيطرتها على عقل المواطن وأفكاره وتشكل وعي

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية