هل تعتقد أن خياراتك الشرائية مبنية على قرارات عقلانية؟
على الاغلب ستغير رأيك بعد الانتهاء من قراءة ما يلي.
قبل أن نستعرض أبرز أساليب التسويق التي تستخدمها العلامات التجارية لدفعك إلى الشراء، سنوضح ما هو مفهوم العلامة التجارية (Brand) الذي يعد أقوى أسلوب جذب تستخدمه الشركات للتأثير على المستهلكين:
ربما تعتقد أن العلامة التجارية هي منتج أو شعار (Logo) أو وعد، ولكن العلامة التجارية ليست أيًا مما سبق. والمفاجأة أن العلامة التجارية هي انعكاس الشخص وشعوره عن شركة أو منتج أو خدمة ما، على سبيل المثال لو تحدثنا عن شركة ملابس واحدة فهذا يعني أن لديها ملايين العلامات التجارية لدى ملايين الأشخاص، والتي تم تكوينها نتيجة تجاربهم وخبراتهم مع الشركة ومنتجاتها.
وهذا يعني أننا نتعامل مع الشركات كما لو أنها أشخاص فنحب البعض ونكره الآخر.
وفي تجربة أجريت على بعض مستخدمي الهواتف المحمولة من شركتي آبل وسامسونج، أظهرت النتائج أن مستخدمي آبل يظهرون تعاطفًا مع الأخبار السيئة عن الشركة كما لو كانت أحد أفراد العائلة. في حين أن مستخدمي سامسونج لم يظهروا التعاطف نفسه مع الأخبار السيئة لسامسونج، ولكن أظهروا شعورًا إيجابيًا حينما سمعوا أخبار سيئة عن آبل! نعم بعض المستخدمين يشترون سامسونج فقط بسبب عدم حبهم لآبل (أو ما تمثله لهم).
هذا بالطبع يطرح العديد من الأسئلة، مثل؛ كيف تدفعنا الشركات على شراء منتجاتها؟ وما الذي دفع أغلبنا (إن لم يكن جميعنا) للارتباط بالعلامات التجارية؟ وكيف أصبح اختيار الشركات التي نستهلك منتجاتها يعبر عن هوياتنا؟
سنبدأ مع مصطلح Sensation Transference أو تحويل المشاعر:
من أكثر المنتجات التي تظهر فيها وسيلة الجذب هذه؛ الطعام. تعتمد هذه الطريقة على دفعك للشراء من خلال:
طرق تستخدم في المراكز التجارية والمتاجر:
هل تساءلت يومًا لماذا يتم وضع حلويات وسكاكر عند صندوق الدفع آخر المتجر؟
جواب ذلك يكمن في معرفة الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا. يوجد نظامان للتفكير لدينا؛ نظام 1 يتخذ قرارات سريعة ولا تعتمد على التفكير المطول (حين تجاوب سريعا على سؤال: ما اسمك)، ونظام 2 الذي يحتاج وقتًا لأخذ قرارات وإعطاء إجابات (يستخدم عند حل المسائل الرياضية).
يفعّل نظام 1 في أدمغتنا في مواقف عدة أبرزها حين نكون مرهقين، لذلك بعد جولة مرهقة في المتجر يغريك التجار بأطعمة مليئة بالسكر لأنك على الأغلب ستشتريها في آخر لحظة بدون وعي.
كما تتبع المراكز التجارية نفس المفهوم كونها كبيرة ومرهقة، فتجد نفسك أكثر عرضة لشراء أشياء لا تحتاجها بسبب قرارات سريعة تتخذها وأنت مرهق.
لا يعلم أغلبنا التكلفة الحقيقية التي تستحقها المنتجات، لذلك يحاول التجار أن يضعوا سياق للمنتجات المعروضة ليدفعوك إلى اتخاذ قرار الشراء. تجد على سبيل المثال منتج ما بسعر 20 جنيهًا بجانبه المنتج نفسه لشركة مختلفة بسعر 60 جنيهًا، حينها ستكوّن رأيًا سريعًا أن شراء المنتج ذو السعر الأرخص هو القرار الصائب.
The hedonic treadmill/ مشاية المتعة:
من طبيعة أدمغتنا أنها تسعى دوام الوقت للحصول على المتعة؛ فبعد أن يحصل المرء على المنتج الجديد الذي أراد شرائه يعتقد أنه اكتفى، لكن ما يحدث هو أن متعة المنتج الجديد بعد فترة تتلاشى، ويعود المرء مجددًا ليبحث عن متعة جديدة يلاحقها. تستخدم الكثير من الشركات هذا المفهوم وأبرزهم شركات الهواتف المحمولة التي تصدر إصدارًا جديدًا كل سنة أو ربما في مدة أقل، بهدف دفع الجمهور إلى السعي للحصول عليه.
رسائل مموهة أو لا شعورية:
تعرف هذه الرسائل بأنها علامات غير واضحة تمامًا، تستخدم للتأثير على لاوعي المستهلك دون أن يشعر لدفعه للقيام برد فعل ما (في هذه الحالة الشراء).
إذا كنت تنوي شراء ساعة يد، ننصحك أن تلاحظ على أي ساعة تم ضبط أغلب الساعات في المحلات أو المواقع الإلكترونية. إذا وجدت أن أغلبها مضبوطة على وقت 10:10 فهذه ليست مصادفة؛ فعند التمعن في شكل الساعة ستجد أن العقارب صممت بهذه الطريقة لتوحي بوجه مبتسم. (شاهد أيضًا إعلان كنتاكي الذي تضمن أحد مشاهده دولار داخل برجر، بالإضافة إلى رسائل مموهة لشركات أخرى).
قد تؤثر الموسيقى على اختياراتنا كذلك، فهناك تجربة أجريت داخل محل نبيذ كشفت أنه حينما تعرض المستهلكون لموسيقى ألمانية اختاروا المنتجات الألمانية، وحين تعرضوا لموسيقى فرنسية انعكس ذلك أيضًا على ما اشتروه واختاروا منتجات فرنسية.
والجدير بالذكر أن تأثير هذه الرسائل مازالت محل جدل إذا كانت فعلًا تؤثر على خياراتنا أم لا.
Neuromarketing/ علم التسويق العصبي:
في الدعاية التقليدية تسألك الشركات بعض الأسئلة لمعرفة ماذا تفضل، ثم تعتمد على هذه الإجابات لصنع دعايات وحملات تسويق لمنتجاتها. لكن تبين أن هذه الوسيلة غير ناجحة دائمًا لأن الأشخاص لا يعرفون دائمًا ماذا يريدون.
في التسويق العصبي لا تثق الشركات بإجابات المستهلكين، لذلك بعد أن تطرح الأسئلة تراقب التغيرات الفسيولوجية التي تحدث لأدمغتهم؛ مما يعني أن هذه الشركات في أحيان كثيرة تعرفنا أكثر من أنفسنا لأنها تستطيع معرفة ما يدور في لاوعينا.
تستخدم طرق عدة لجمع البيانات عن المستهلكين في التسويق العصبي:
وعلى الرغم من نجاح طرق التسويق العصبي في التأثير على المستهلكين، فإن العديد يعتبرونها غير أخلاقية ويعارضون استخدامها لأسباب عدة:
تأثير العلامات التجارية وطرق التسويق على الأطفال:
يعد الأطفال شريحة مستهدفة مهمة للشركات، وذلك لأن حين تكسب الشركة طفلًا واحدًا فذلك يعني أنها كسبت أهاليهم أيضًا، وعلى الأغلب سيستمر هؤلاء الأطفال في استهلاك منتجات الشركة مع تقدمهم في العمر إلى أن ينجبوا أطفالًا يختارون استهلاك منتجات الشركة نفسها.
أبرز مثال على ذلك؛ ماكدونالدز، فهي تستهدف الأطفال بصورة كبيرة لكي يدفعوا أهاليهم لشراء المنتجات من خلال ألعاب وجبة الهابي ميل. وفي عام 2011 نفذت ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية قرار منع تقديم ألعاب مجانية مع وجبة الهابي ميل، ولكن وجدت ماكدونالدز طريقة أخرى لتقديم الألعاب من خلال بيع اللعبة الواحدة مقابل 10 سنتات.
نعود إلى النقطة التي بدأنا منها وهي العلامات التجارية، وسنتحدث الآن على تأثيرها على حياتنا الشخصية (التي تقودنا في النهاية لشراء منتجاتها):
تقدم العلامات التجارية حاليًا للمستهلكين؛ نمط حياة وقيم ومفاهيم، أكثر من كونها شركات تقدم لهم منتجات فقط.
فالعلامات التجارية اكتشفت أنها عن إذا أقنعت المستهلك بثلاثة أشياء ستضمن اختياره لها:
وبهذا يستطيعون التأثير على اللاوعي، ودفع المستهلكين لاتخاذ قرار الشراء.
ولكن هذه العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك تؤثر على سلوكياتنا بالسلب لتلك الأسباب:
في النهاية يجب أن نعلم أننا لسنا مسيرين بالكامل، وبالرغم من أن قراراتنا في كثير من الأحيان يتحكم بها لاوعينا، فإن معرفة أساليب التلاعب قد يساهم في مساعدتنا على اتخاذ قرارات أكثر حكمة مستقبلًا. كما أن هناك بعض الوسائل الأخرى التي يمكن اتباعها للحد من تأثير هذه الأساليب، منها:
المصادر:
What Is Branding? 4 Minute Crash Course. - YouTube
How Brands Are Influencing Your Decisions | Neuromarketing | Spark - YouTube
Neuromarketing: How brands are getting your brain to buy more stuff - YouTube
How Apple and Nike have branded your brain | Your Brain on Money | Big Think - YouTube
Is There a Buy Button Inside the Brain: Patrick Renvoise at TEDxBend - YouTube
Neuromarketing: The new science of consumer decisions | Terry Wu | TEDxBlaine - YouTube
The [brand] connected consumer | Tiffany White | TEDxUIUC - YouTube
Why Do Some Lifestyle Brands Become A Way Of Life?
Psychology Truths: How Brands Influence Consumer Buying Decisions - Studeo
How brands shape our identities : NPR
Brand management: The psychology behind brands we love
The neuroscience of branding - Big Think
Neuromarketing: Knowing Why You Buy | Sam Usher | TEDxTufts - YouTube
Who's is Tricking Whom? by Marianna Velozo
Subliminal Advertising - Psychologist World