مشاعر غير متبادلة.. علاقة سامة بين المستهلكين والعلامات التجارية

14/11/2022 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: المهنية الإعلامية
مشاعر غير متبادلة.. علاقة سامة بين المستهلكين والعلامات التجارية

هل تعتقد أن خياراتك الشرائية مبنية على قرارات عقلانية؟

على الاغلب ستغير رأيك بعد الانتهاء من قراءة ما يلي. 

قبل أن نستعرض أبرز أساليب التسويق التي تستخدمها العلامات التجارية لدفعك إلى الشراء، سنوضح ما هو مفهوم العلامة التجارية (Brand) الذي يعد أقوى أسلوب جذب تستخدمه الشركات للتأثير على المستهلكين:

ربما تعتقد أن العلامة التجارية هي منتج أو شعار (Logo) أو وعد، ولكن العلامة التجارية ليست أيًا مما سبق. والمفاجأة أن العلامة التجارية هي انعكاس الشخص وشعوره عن شركة أو منتج أو خدمة ما، على سبيل المثال لو تحدثنا عن شركة ملابس واحدة فهذا يعني أن لديها ملايين العلامات التجارية لدى ملايين الأشخاص، والتي تم تكوينها نتيجة تجاربهم وخبراتهم مع الشركة ومنتجاتها.

وهذا يعني أننا نتعامل مع الشركات كما لو أنها أشخاص فنحب البعض ونكره الآخر.

وفي تجربة أجريت على بعض مستخدمي الهواتف المحمولة من شركتي آبل وسامسونج، أظهرت النتائج أن مستخدمي آبل يظهرون تعاطفًا مع الأخبار السيئة عن الشركة كما لو كانت أحد أفراد العائلة. في حين أن مستخدمي سامسونج لم يظهروا التعاطف نفسه مع الأخبار السيئة لسامسونج، ولكن أظهروا شعورًا إيجابيًا حينما سمعوا أخبار سيئة عن آبل! نعم بعض المستخدمين يشترون سامسونج فقط بسبب عدم حبهم لآبل (أو ما تمثله لهم).

هذا بالطبع يطرح العديد من الأسئلة، مثل؛ كيف تدفعنا الشركات على شراء منتجاتها؟ وما الذي دفع أغلبنا (إن لم يكن جميعنا) للارتباط بالعلامات التجارية؟ وكيف أصبح اختيار الشركات التي نستهلك منتجاتها يعبر عن هوياتنا؟

  • في ما يلي سنعرض بعض الأساليب التي يتم استخدامها لدفعنا على الشراء بدون وعي:

سنبدأ مع مصطلح Sensation Transference أو تحويل المشاعر:

من أكثر المنتجات التي تظهر فيها وسيلة الجذب هذه؛ الطعام. تعتمد هذه الطريقة على دفعك للشراء من خلال:

  • التأثير بمشاعرك عبر سرد قصة تشبه تجاربك في الحياة ولكن مع إدخال المنتج كعنصر هام في القصة. (مثال: إعلان هاينز، وويرذرز أوريجينال).
  • اختيار اللون المناسب؛ فهناك تجارب أثبت أن اللون يؤثر على مذاق الطعام (اللون الأخضر قد يوهمك أن الطعام صحي). لذلك قررت شركات السمن النباتي استبدال لونها الأبيض إلى الأصفر لتشبه الزبدة، وبالفعل نجح ذلك وزادت مبيعاتهم.
  • التغليف من الأمور الهامة أيضًا التي تهتم بها الشركات؛ فحين تنظر إلى عبوة ذهبية على سبيل المثال ومزينة بشرائط حمراء ومكتوب عليها بخط مرتب، قد تقرر أن تشتري المنتج ليس بسبب جودته ولكن لأنك أحببت مظهره الفاخر.

طرق تستخدم في المراكز التجارية والمتاجر:

  1. الإرهاق:

هل تساءلت يومًا لماذا يتم وضع حلويات وسكاكر عند صندوق الدفع آخر المتجر؟

جواب ذلك يكمن في معرفة الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا. يوجد نظامان للتفكير لدينا؛ نظام 1 يتخذ قرارات سريعة ولا تعتمد على التفكير المطول (حين تجاوب سريعا على سؤال: ما اسمك)، ونظام 2 الذي يحتاج وقتًا لأخذ قرارات وإعطاء إجابات (يستخدم عند حل المسائل الرياضية).

يفعّل نظام 1 في أدمغتنا في مواقف عدة أبرزها حين نكون مرهقين، لذلك بعد جولة مرهقة في المتجر يغريك التجار بأطعمة مليئة بالسكر لأنك على الأغلب ستشتريها في آخر لحظة بدون وعي.

كما تتبع المراكز التجارية نفس المفهوم كونها كبيرة ومرهقة، فتجد نفسك أكثر عرضة لشراء أشياء لا تحتاجها بسبب قرارات سريعة تتخذها وأنت مرهق.

  1. السعر الحقيقي:

لا يعلم أغلبنا التكلفة الحقيقية التي تستحقها المنتجات، لذلك يحاول التجار أن يضعوا سياق للمنتجات المعروضة ليدفعوك إلى اتخاذ قرار الشراء. تجد على سبيل المثال منتج ما بسعر 20 جنيهًا بجانبه المنتج نفسه لشركة مختلفة بسعر 60 جنيهًا، حينها ستكوّن رأيًا سريعًا أن شراء المنتج ذو السعر الأرخص هو القرار الصائب.

The hedonic treadmill/ مشاية المتعة:

من طبيعة أدمغتنا أنها تسعى دوام الوقت للحصول على المتعة؛ فبعد أن يحصل المرء على المنتج الجديد الذي أراد شرائه يعتقد أنه اكتفى، لكن ما يحدث هو أن متعة المنتج الجديد بعد فترة تتلاشى، ويعود المرء مجددًا ليبحث عن متعة جديدة يلاحقها. تستخدم الكثير من الشركات هذا المفهوم وأبرزهم شركات الهواتف المحمولة التي تصدر إصدارًا جديدًا كل سنة أو ربما في مدة أقل، بهدف دفع الجمهور إلى السعي للحصول عليه.

 

رسائل مموهة أو لا شعورية:

تعرف هذه الرسائل بأنها علامات غير واضحة تمامًا، تستخدم للتأثير على لاوعي المستهلك دون أن يشعر لدفعه للقيام برد فعل ما (في هذه الحالة الشراء).

  1. رسائل بصرية:

إذا كنت تنوي شراء ساعة يد، ننصحك أن تلاحظ على أي ساعة تم ضبط أغلب الساعات في المحلات أو المواقع الإلكترونية. إذا وجدت أن أغلبها مضبوطة على وقت 10:10 فهذه ليست مصادفة؛ فعند التمعن في شكل الساعة ستجد أن العقارب صممت بهذه الطريقة لتوحي بوجه مبتسم. (شاهد أيضًا إعلان كنتاكي الذي تضمن أحد مشاهده دولار داخل برجر، بالإضافة إلى رسائل مموهة لشركات أخرى).

  1. رسائل سمعية:

قد تؤثر الموسيقى على اختياراتنا كذلك، فهناك تجربة أجريت داخل محل نبيذ كشفت أنه حينما تعرض المستهلكون لموسيقى ألمانية اختاروا المنتجات الألمانية، وحين تعرضوا لموسيقى فرنسية انعكس ذلك أيضًا على ما اشتروه واختاروا منتجات فرنسية.

والجدير بالذكر أن تأثير هذه الرسائل مازالت محل جدل إذا كانت فعلًا تؤثر على خياراتنا أم لا.

 

Neuromarketing/ علم التسويق العصبي:

في الدعاية التقليدية تسألك الشركات بعض الأسئلة لمعرفة ماذا تفضل، ثم تعتمد على هذه الإجابات لصنع دعايات وحملات تسويق لمنتجاتها. لكن تبين أن هذه الوسيلة غير ناجحة دائمًا لأن الأشخاص لا يعرفون دائمًا ماذا يريدون.

في التسويق العصبي لا تثق الشركات بإجابات المستهلكين، لذلك بعد أن تطرح الأسئلة تراقب التغيرات الفسيولوجية التي تحدث لأدمغتهم؛ مما يعني أن هذه الشركات في أحيان كثيرة تعرفنا أكثر من أنفسنا لأنها تستطيع معرفة ما يدور في لاوعينا.

 

تستخدم طرق عدة لجمع البيانات عن المستهلكين في التسويق العصبي:

  1. تعبيرات الوجه: يتم تقييم ومراقبة تعبيرات المستهلكين من خلال 60 عضلة متحكمة في الوجه.
  2. متابعة حركة العين: عن طريق تتبع أين ينظر المستهلكون تحديدًا، والمواضع التي يدققون النظر بها أكثر من غيرها.
  3. تحليل الصوت: هنا يتم التركيز على نبرة الصوت وليس كلمات المستهلك.
  4. موصلية الجلد: هنا يتم إيصال الجلد بجهاز مثل أجهزة كشف الكذب، ويعمل هذا الجهاز على قياس معدل القلب وضغط الدم والكهرباء بين الأصابع.
  5. جهاز التخطيط الكهربائي للدماغ EEG: لقياس التيارات الكهربائية فوق جمجمة المستهلك.
  6. جهاز MRI أو التصوير بالرنين المغناطيسي: يقيس  تدفق الدم في الدماغ ودرجة الإكسجين التي يتم استهلاكها في أماكن متفرقة من الدماغ.

وعلى الرغم من نجاح طرق التسويق العصبي في التأثير على المستهلكين، فإن العديد يعتبرونها غير أخلاقية ويعارضون استخدامها لأسباب عدة:

  • وجود بلاد تمنع إجراء اختبارات غير طبية بأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، مما يعني أن أغلب هذه الاختبارات يتم إجراؤها في الخفاء، ولا أحد يعلم تحديدًا ما هي البيانات المخزنة عن المستهلكين وفيما تستخدم.
  • تتلاعب بأدمغة المستهلكين لتستفيد ماديًا وتجاريًا.

 

تأثير العلامات التجارية وطرق التسويق على الأطفال:

يعد الأطفال شريحة مستهدفة مهمة للشركات، وذلك لأن حين تكسب الشركة طفلًا واحدًا فذلك يعني أنها كسبت أهاليهم أيضًا، وعلى الأغلب سيستمر هؤلاء الأطفال في استهلاك منتجات الشركة مع تقدمهم في العمر إلى أن ينجبوا أطفالًا يختارون استهلاك منتجات الشركة نفسها.

أبرز مثال على ذلك؛ ماكدونالدز، فهي تستهدف الأطفال بصورة كبيرة لكي يدفعوا أهاليهم لشراء المنتجات من خلال ألعاب وجبة الهابي ميل. وفي عام 2011 نفذت ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية قرار منع تقديم ألعاب مجانية مع وجبة الهابي ميل، ولكن وجدت ماكدونالدز طريقة أخرى لتقديم الألعاب من خلال بيع اللعبة الواحدة مقابل 10 سنتات.

نعود إلى النقطة التي بدأنا منها وهي العلامات التجارية، وسنتحدث الآن على تأثيرها على حياتنا الشخصية (التي تقودنا في النهاية لشراء منتجاتها):

تقدم العلامات التجارية حاليًا للمستهلكين؛ نمط حياة وقيم ومفاهيم، أكثر من كونها شركات تقدم لهم منتجات فقط.

فالعلامات التجارية اكتشفت أنها عن إذا أقنعت المستهلك بثلاثة أشياء ستضمن اختياره لها: 

  1. أنها تقربه من أن يكون الشخص الذي يطمح أن يكون في المستقبل.
  2. تمكنه من التعبير عن نفسه أمام نفسه والمجتمع.
  3. تؤمن له دعم مجتمعي يشبهه، وذلك بإقناعه أن مستهلكي نفس المنتج يتشاركون هوية مجتمعية وقيم وأفكار متشابهة. (من أمثلة الطرق التي تقنعنا باستهلاك منتج ما؛ آراء المستهلكين أسفل المنتجات أو ما يعرف بالـ Reviews).

وبهذا يستطيعون التأثير على اللاوعي، ودفع المستهلكين لاتخاذ قرار الشراء.

ولكن هذه العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك تؤثر على سلوكياتنا بالسلب لتلك الأسباب:

  • أصبحت الشركات تستخدم المستهلكين كلافتات دعاية مجانية لها، تعرض من خلالها منتجاتها أو ما تمثله.
  • أصبح استهلاك منتجات ما جزء من تكويننا، وهذا يعني أن أي تأثر في أداء الشركات سينعكس على رؤيتنا لأنفسنا سواء إيجابيًا أو سلبيًا، وهذا يعد أمرًا خطيرًا يجعلنا غير واعيين بقيمة أنفسنا بعيدًا عن هذه المنتجات.

في النهاية يجب أن نعلم أننا لسنا مسيرين بالكامل، وبالرغم من أن قراراتنا في كثير من الأحيان يتحكم بها لاوعينا، فإن معرفة أساليب التلاعب قد يساهم في مساعدتنا على اتخاذ قرارات أكثر حكمة مستقبلًا. كما أن هناك بعض الوسائل الأخرى التي يمكن اتباعها للحد من تأثير هذه الأساليب، منها:

  1. يجب علينا أن نتمهل قبل اتخاذ قراراتنا لكي نتجنب اتخاذ قرارات أوتوماتيكية سريعة معتمدة على نظام 1.
  2. اسأل نفسك لماذا اشتري منتج ما، هل بسبب السعر أو الجودة أو الاحتياج… إلخ؟
  3. عندما تتسوق منتجات الطعام، تذكر أن الحقيقة دائمًا تكمن في خلف العلبة. لا تعتمد في شراءك على شكل التغليف ولون العلبة واقرأ دائمًا المكونات والتفاصيل عن الشركة.
  4. الشركات ليست كأفراد العائلة أو الأصدقاء، وهويتنا وقدرنا كأشخاص أكبر من أن نحصرها في منتج أو علامة تجارية.

المصادر:

What Is Branding? 4 Minute Crash Course. - YouTube

How brands hijack your feelings to influence what you buy | Cindy Sheldan | TEDxBearCreekPark - YouTube

How Brands Are Influencing Your Decisions | Neuromarketing | Spark - YouTube

Neuromarketing: How brands are getting your brain to buy more stuff - YouTube

How Apple and Nike have branded your brain | Your Brain on Money | Big Think - YouTube

Is There a Buy Button Inside the Brain: Patrick Renvoise at TEDxBend - YouTube

Neuromarketing: The new science of consumer decisions | Terry Wu | TEDxBlaine - YouTube

Best marketing strategy ever! Steve Jobs Think different / Crazy ones speech (with real subtitles) - YouTube

The [brand] connected consumer | Tiffany White | TEDxUIUC - YouTube

Why Do Some Lifestyle Brands Become A Way Of Life?

Who You Are Affects What You Buy: The Influence of Consumer Identity on Brand Preferences - JournalQuest

Psychology Truths: How Brands Influence Consumer Buying Decisions - Studeo

How brands shape our identities : NPR

Brand management: The psychology behind brands we love

The neuroscience of branding - Big Think

Neuromarketing: Knowing Why You Buy | Sam Usher | TEDxTufts - YouTube

Sensation transference from plateware to food: The sounds and tastes of plates — Department of Experimental Psychology

Who's is Tricking Whom? by Marianna Velozo

Subliminal Advertising - Psychologist World

 

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية