إلى روح إسراء غريب، وأحلام، وأفضل كوهيستاني… وغيرهم الكثير.
الجرائم "بداعي الشرف"؛ شبح يلاحق العديد من الأشخاص خصوصًا الفتيات حول العالم، وتقديرًا لروح الضحايا؛ سننبش عن جذور المشكلة وأسبابها لمحاولة اقتلاعها؛ من خلال الحلول الصارمة التي يجب المسارعة في تنفيذها لوقف هذه الممارسات الوحشية.
صحيح أن هناك أسباب وعوامل كثيرة حولت مُنفذ جريمة الشرف إلى بطل مجتمعي، ولكن هناك داعمان أساسيان يمدان هذه الممارسات بالقوة، وهما؛ الموروثات الثقافية الخاطئة، والتشريعات القانونية.
نأتي أولًا للثقافة والتقاليد اللتان لهما نصيب الأسد في تغذية هذه الجرائم، بل وتعطيا الحق للجُناة بالتبجّح بفعلتهم.
لنلقي نظرة على بعض الأسس الثقافية التي تربت عليها الكثير من المجتمعات:
والقائمة تطول.
وعلى عكس ما يظنه البعض ليست هذه الثقافة محصورة في المجتمعات العربية أو الشرقية، وكانت موجودة أيضًا في المجتمعات الغربية في العصور القديمة؛ فالرومان كانوا يعتبرون المرأة ملكًا لأبيها أو زوجها، وإذا كانت هناك امرأة قوية وذكية يتهمونها بالسحر للتخلص منها.
كما أن هناك أمثلة على العنف بدافع الشرف في المجتمعات الغربية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين؛ فكانت الفتيات تسجن إذا حملن بدون زواج في ظروف غير آدمية. كما أن بعض الفتيات أجبرن على التخلي عن أبنائهن عقابًا لهن؛ ويحكي فيلم Philomena قصة حقيقية عن ذلك.
ننتقل إلى القوانين:
القوانين في مصر وعدد من الدول العربية الأخرى مأخوذة عن القانون الفرنسي القديم، الذي وضعه نابليون بونابرت.
وتمثل بعض بنود هذا القانون صكوك غفران للجاني، ففي مصر والأردن والكويت إذا كانت الجريمة بدافع الشرف تخفف العقوبة. هذا بالإضافة إلى أن القضية تسقط في بعض الدول إذا تنازل الأهل (المسؤولين عن قتل الفتاة في المقام الأول!).
يذكر أن تونس ولبنان ألغتا المادة الخاصة بجرائم الشرف، وألغت الأراضي الفلسطينية الأعذار المخففة في قضايا جرائم الشرف.
ويجب الإشارة هنا إلى أن الأعذار المخففة تخص الرجل فقط، مما يعني أنه إذا قتلت المرأة زوجها وكانت حجتها هو الدفاع عن الشرف لن يتم الإعفاء عنها.
لماذا لم تعد هذه القوانين والتقاليد فعالة في المجتمع الغربي على عكس المجتمع العربي؟
ببساطة لأن المجتمعات الغربية حاليًا أساسها الأفراد وتقديرهم وتعزيز مكانتهم، وهذا يعني أن الشخص حر في تصرفاته وهو الوحيد المعني والمسؤول عنها، لذلك تم تعديل القوانين وفقًا لهذا المفهوم.
وهذا بعكس المجتمعات الشرقية التي تتكون الخلية فيها من المجتمع؛ فيكون متوقعًا من الفرد أن تكون تصرفاته متماشية مع توقعات وضوابط المجتمع، لأن ما يفعله يمس المجتمع ككل (حتى وإن كان ما يقوم به لا يؤثر على أي فرد آخر).
الإسلام وجرائم الشرف:
ألصق البعض تهمة دعم جرائم الشرف للدين الإسلامي وتحجج أنها مباحة في الشرع، ولكن بمراجعة النصوص والفتاوى نجد أن تلك التهمة باطلة، فهناك فتاوى صريحة تحرم القتل من أجل الشرف.
لكن الإشكالية ربما في هذه النقطة هو عدم تحدث المؤسسات الدينية ورجال الدين بالكمية المطلوبة للتوعية بحرمة هذه الجرائم.
مفاتيح الحل:
أين هو الإعلام من جرائم الشرف؟!
يعد موقف الإعلام من هذه الجرائم موقفًا سلبيًا نوعًا ما؛ فليس هناك موقفًا قويًا له سواء بالرفض أو القبول، وعادة ما تنقل جرائم الشرف في الدراما بصورة تعكس أن هذه هي الطريقة المتفق عليها لردع "النساء" من تلويث سمعة وشرف العائلة. من أبرز الأفلام التي تناولت هذه القضية؛ فيلم دعاء الكروان.
ويرجع البعض أسباب عدم مناقشة هذا الموضوع بالشكل الكاف في الأعمال الفنية إلى عدم رغبة المنتجين في الدخول في إثارة غضب بعض فئات المجتمع التي لديها سلطة ومكانة، لأن ذلك سينتج عنه خسائر مادية وربما لن يود المعلنون تمويل أعمال كهذه.
لكن هناك بقع مضيئة تثبت أن الإعلام لديه سلطة كبيرة في تغيير الأمور إلى الأفضل، وأبرز مثال على ذلك الفيلم الوثائقي A Girl In The River الحاصل على جائزة الأوسكار، الذي يوثق حادثة محاولة قتل فتاة بدعوى الشرف في باكستان (البلد الذي يقتل فيه كل عام حوالي 1000 شخص تحت ما يسمى جرائم الشرف):
يحكي هذا الفيلم للمخرجة الباكستانية شارمين عبيد عن فتاة نجت من محاولة قتل أبيها وعمها لها، ونجحت المخرجة عبر ترشيح فيلمها لجائزة الأوسكار بلفت الأنظار إليها، فبعد ذلك أرسل رئيس وزراء باكستان تهنئة للمخرجة، وأبلغها أنه فخور ويود عرض الفيلم في مكتبه، وهذا شيء لم يحدث من قبل.
وفي حديثها عند تسلم جائزة الأوسكار، قالت المخرجة إن رئيس الوزراء أخبرها بعد مشاهدته للفيلم أنه سيعمل على تعديل القانون المتعلق بقضايا الشرف، وبالفعل بعد حوالي 6 أشهر من حصولها على الجائزة، تم تغيير القوانين في باكستان؛ وأصبح القانون ينص على أن القاتل باسم الشرف يحكم عليه بالسجن مدى الحياة، ولم يعد بإمكان الأهالي مسامحة الجاني.
ولتوسيع رقعة انتشار الفيلم؛ تنقلت المخرجة ذهابًا وإيابًا في باكستان مع سينما متنقلة لعرض الفيلم وأفلام أخرى موضوعها التوعية بجرائم الشرف على المواطنين.
هناك أيضًا فيلم Banaz الذي يتحدث عن فتاة لم يحالفها الحظ ولم تنج من محاولات عديدة لقتلها. ومن أحد أشكال العنف المستمر حتى بعد وفاة الفتاة الذي يسلط عليها الفيلم الضوء؛ محاولة مسح كل ما يتعلق بالضحية من ذكريات وصور كأنها لم تكن موجودة من الأساس، وعدم قبول أفراد العائلة المتورطين التحدث عن أي أمور تتعلق بها.
وربما تشير هذه الأفلام إلى القوة المستهان بها للإعلام في تغيير ثقافات وقوانين يجب الإسراع في تغييرها لحماية العديد من الأشخاص وخصوصًا الفتيات حول العالم؛ وبتكاتف جميع الجهود سيتحقق الحلم بانقراض جرائم الشرف، وضرب المثل بكل من تسول له نفسه بارتكاب هذه الجريمة.
لمزيد من المعلومات والتفاصيل، زر هذه المصادر:
Surviving an honour killing - BBC News - YouTube
جرائم الشرف: "قتل تحت نظر القانون" - BBC News عربي
Redefining Honor to Fight Honor Killings | Khalida Brohi | TEDxBoulder - YouTube
لماذا لا تتوقف جرائم قتل النساء؟ | ألف ياء - YouTube
ما سبب تكرار حدوث جرائم الشرف؟ وكيف يمكن إيقافها؟ - YouTube
Why are women murdered in the name of ‘honour’? | Start Here - YouTube
Introducing 'A Girl In River' -- 2016 MPAC Media Awards - YouTube
متى نتوقف عن استخدام مصطلح "الشرف" لتبرير جرائم قتل النساء؟ - BBC News عربي
مترو | جرائم قتل النساء: جرائم الشرف | 2017-04-15 - YouTube
حدّث ولا حرج | "جريمة الشرف" ... وأي شرف في الجريمة ؟ ـ ج2 - YouTube
حدّث ولا حرج | "جريمة الشرف" ... وأي شرف في الجريمة ؟ - ج1 - YouTube
لا مكان للشرف في جرائم العنف على أساس نوع الجنس
الإسلام ليس سببًا في جرائم الدفاع عن الشرف إنما هو شطر الحل | Yaqeen Institute for Islamic Research
"الشرف" مبرر لقتل النساء في فلسطين | اندبندنت عربية
The Trouble with Honour Killings - YouTube
5,000 women a year are still being killed in the name of ‘honour’ | World Economic Forum
How Activists Helped Change Pakistan’s Honor-Killing Law
Unveiled: Honour Killings (Scandal Documentary) | Real Stories - YouTube
إسراء غريب، كفاية وأحلام وغيرهن…من هن ضحايا جرائم "الشرف"؟ - YouTube
The Movies That Changed Us: A Girl in the River - The Price of Forgiveness - YouTube