الصحافة والبلطجة الإلكترونية

30/03/2017 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: أخرى

يعد التنمر الإلكترونى "البلطجة الإلكترونية " أو ما يُعرٓف بال"سايبر بولينج" ظاهرة حديثة، وإن كانت ترجع في أصولها إلى وجود ظاهرة التنمُر أو التحرش البدنى والنفسى بشكل عام، والتي نراها بكثرة في البلطجة أو استخدام القوة لفرض الإتاوات أو السخرية من الصفات الجسدية والشخصية للفرد، ولا يتقيد ممارسوها بأعمار معينة، ولا بأماكن معينة، فنجدها في المدرسة والجامعة وأماكن العمل والشارع، أما ما طرأ عليها ليجعلها حديثة، هو تدخل التكنولوجيا فيها، فممارسو التواصل الاجتماعي ومستخدمو التكنولوجيا ما هم إلا بشر، تملأهم النواقص والعيوب، وهو ما يدفعهم إلى نقل فظائع الحياة الواقعية إلى الإلكترونية والافتراضية، فتظهر ظاهرة التنمر في حلتها الجديدة بالتكنولوجيا، ليصبح تنمراً إلكترونياً، يتم من خلال السب والقذف والتشهير بالناس إلكترونياً بسبب الاختلاف معهم في الرأي أو عدم الموافقة على ما يكتبونه من منشورات، أو السخرية منهم ومن أسلوب حياتهم وصفاتهم الشخصية والجسدية وإفراد منشورات كاملة لهذا، أو التهديد والابتزاز، أو حتى التحرش النفسي اللاذع الذي قد يصل إلى مطالبة الشخص بالموت أو الانتحار لأن الحياة أفضل بدونه!


هكذا، انتقل الـ"سايبر بولينج" إلى المحيط الافتراضي، وهو ما تزامن مع تداخل الصحافة في التكنولوجيا، واستخدام الصحفيين لحساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة الوصول للقراء من كل الوسائل الممكنة والمتاحة، لنرى التنمر الإلكترونى يتمكن من الصحفيين...


وفى تقرير أعده موقع الـ"بى بى سى" الإلكترونى عن دراسة تجريبية من جامعة ستراثكلايد في المملكة المتحدة، ثبت إن الصحفيين يتعرضون للتنمُر إلكترونياً، خصوصاً العاملين بالصحافة الإذاعية والكتاب المستقلين، حيث أُجريت الدراسة على عدد من الصحفيين، من أجل وضع إحصائية توضح مدى تعرض الصحفيين للتحرش الإلكترونى.


تقول الدراسة إن حوالى ٢٨٪‏ قد هُدِدوا بممارسة العنف عليهم، بينما تم تهديد ٥٪‏ بممارسة العنف على ذويهم وعائلاتهم إلكترونياً، وهو ما أدى إلى تخوف الصحفيين، وفرض نوع من الرقابة الإلكترونية غير المباشرة على مقالاتهم، وتوقفهم عن البحث عن القصص الجديدة المثيرة للجدل، وإيثار السلامة بعدم تناولهم لقضايا هامة برأيهم الشخصي، وإنما التوقف عند حد التغطية الخبرية فقط، وقد تأثر ٥٠٪‏ بهذه التهديدات في عملهم، بينما تأثر ٣٧٪‏ بها في حياتهم الشخصية.


ينتهى تقرير الـ"بى بى سى" إلى إن الدراسة قد أثارت غضب الاتحاد الوطنى للصحفيين، حيث صرح منظم الاتحاد بأنه لا يجوز السكوت عن هذه التهديدات، وانه يجب وضع حد لها، لإنها تمثل قيداً على حرية الصحافة، وإنه لا يعنى بهذا القيد أي نقد بنّاء للصحافة، وإنما التهديد بالعنف والقتل أو السخرية اللاذعة من الكاتب أو الصحفي لاختلاف الجمهور معه في الرأي، وهو ما لا يقتصر على الصحافة الاجتماعية أو السياسية وإنما تطرق حتى لتهديد مجموعة من مشجعى كرة القدم لبعض الصحفيين الرياضين الذين تناولوا فريقهم بالنقد، وهو ما يتوجب تدخل فورى من قِبل الناشرين وأصحاب الجرائد والمجلات لتوفير البيئة الآمنة للصحفى ليستطيع الكتابة، كما يحتاج فاعليات حاسمة من الشرطة للتتبُع الجناة والمتنمرين، كما لا يعرف أغلب الصحفيون بالدعم المتوفر من الاتحاد الوطني للصحفيين، ولا بحقهم في توفير الدعم لهم من قِبل مديريهم ورؤساء تحريرهم، وهو ما يدفعهم إلى الصمت عن هذه التهديدات وعدم الإبلاغ عنها.


ينتشر التنمر الإلكترونى في المجتمع المصرى بشدة، ويتم ممارسته بأسلوب سئ للغاية، نظراً لانتشار ثقافة عدم تقبل الغير أو الآراء المغايرة، مع عدم وجود أي ردع ضده، نظراً لعدم وجود وعى بما يُعرف ب"مباحث الانترنت" والقادرة على تعقب الجناة من المتنمرين إلكترونياً، وهو ما يجعل الصحفي عرضة للتهديد والتشهير إلكترونياً من خلال المنشورات والتعليقات على مقالاته وعلى حساباته بمواقع التواصل الاجتماعى، مما يضع قيداً على الحرية الكتابية والصحفية في مصر، ويدفع الكثيرون إلى كتابة ما يرغب الجمهور في أن يقرأه، ومع الأسف لا يدرك المتنمر إن كلمة واحدة قد تخرس صوتاً للأبد، بل قد تودى بحياة إنسان!

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية