أهمية الصحافة الموجهة للأطفال من أهمية المرحلة العمرية التي تخاطبها هذه الصحافة، ودورها فى تكوين شخصيتهم و بنائهم النفسي والاجتماعي، فضلاً عن تأثيرها في ترغيب الأطفال على القراءة وفى تنمية وعيهم الثقافي منذ الصغر، ومن ثم تُعد صحف الأطفال مسئولة إلى حد كبير في تحديد نوعية شخصياتهم مستقبلاً من خلال ما تقدمه لهم من معلومات في جميع المجالات لذا يجب الإهتمام بها شكلاً ومضموناً.
وتعنى صحافة الأطفال المطبوعات الدورية التي تتوجه أساساً لهم، والتى يُنظّر إليها بإعتبارها أداة من أدوات تشكيل الطفولة وتهيئتها لتكون طاقة خلاقة في حاضرها ومستقبلها، حيث تقوم بتوجيه وإعلام وإمتاع وتنمية الذوق الفني للأطفال، فضلاً عن صقل مواهبهم الأدبية والعلمية، إذ إنها تعتبر أول لقاء له مع الأدب والفن والعلوم.
اختلفت الكتابات في تحديد سنوات العمر التي تمتد خلالها مرحلة الطفولة، ولذلك احتارت الصحافة الموجهة للأطفال فى بلورة الشريحة العمرية التي تخاطبها، خصوصاً وإن المشرفين على تحريرها من الكبار، ومع هذا فقد رأى البعض إن الطفولة الواعية تبدأ من سن ست سنوات وحتى 18 عام، ولذلك ظهرت فئات متعددة داخل صحافة الأطفال ذاتها، ما بين القصص القصيرة التى تناسب المراحل العمرية المبكرة وما بين الروايات الأدبية والمقالات العلمية المبسطة التى تناسب ما بعدها والقادرة على إمداد الطفل بأنواع المعارف المختلفة وتسهيل فهمه لها.
ويقال أن أول صحيفة للأطفال صدرت بين عامي 1747-1791م في فرنسا لأديب لم يفصح عن اسمه، واتخذ اسماً مستعاراً له هو"صديق الأطفال"، وأطلق الاسم نفسه على الصحيفة، وقد نقل عن طريق صحيفته إلى الأطفال الفرنسيين قصص الأطفال في البلدان الأخرى من اللغات المختلفة، وبذلك استطاعت هذه الصحيفة أن تسد فراغاً كبيراً من ميول الأطفال، وأن تشبع رغبتهم في القراءة المسلية الممتعة بعيداً عن النصائح والإرشادات الأخلاقية التعليمية، وبهذا، أصبحت هذه الصحيفة بعثاً لحركة الكتابة للأطفال.
ثم ظهرت صحافة الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية على هيئة ملاحق توزع مع الصحف العام، ومع أعتاب القرن العشرين بدأت صحف الأطفال تتنتشر بصورة تجعلها تتميز في كل بلد عن الآخر بطابع خاص، إلا إن ظاهرة كثرة صدور صحف للأطفال تزامنت مع سرعة اختفاء العديد منها بعد فترة من صدورها، خاصة في مصر، فقد كان مفهوم المسئولين عن صحافة الطفل مقصوراً على التعليم والعلوم والتربية حيث كانت السمة التحريرية الغالبة لهذه الصحف متمثلة في أخبار المدارس والإمتحانات ومحاولات تبسيط العلوم والمعارف المتعلقة بالمناهج المدرسية.
وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار صحيفة"روضة المدارس" المصرية أول الصحف المصرية التي تخدم تلاميذ المدارس، والتى أنشأها رفاعة الطهطاوى، واقتصر توزيعها عليهم، وقد أقبلوا على قراءتها منذ صدورها 1870م
امتدت فترة صحافة الأطفال ذات الطابع المدرسي حوالي ثلاثين عاما، إلى أن ظهرت أول صحيفة للأطفال ذات طابع تجاري وهي"مجلة الأولاد" التي صدر العدد الأول منها في1923م، وكتب صاحبها"إسكندر مكاريوس"في أول عدد لها أنها أول مجلة عربية صدرت خصيصاً وإكراماً لأحبابنا الأعزاء الأولاد مابين 6-13سنة، وهي أدبية مسلية، ثم صدرت مجلة "السندباد" التي تغير اسمها أكثر من مرة ،وكانت هذه المجلة من أفضل المجلات في هذا الزمان، حيث تعتبر في حد ذاتها سيمفونية خاصة وليست مثل كثير من الصحف تعبيراً عن جيل واحد وإنما هي صالحة لكل الأجيال..
ثم استخدمت دار الهلال إمكانياتها الطباعية الضخمة وأصدرت مجلة"سمير"، وكان الطابع الأجنبي واضحاً فيما تقدمه، ولكنها ما لبثت أن تحولت إلى الفكر المصري العربي وقدمت تبسيطاً لبعض الآداب العريقة مثل عودة الروح لـ"توفيق الحكيم"، وما لبث السوق العربي حتى أزدحم بعديد من مجلات الأطفال العربية الكتابة الأجنبية الطابع مستخدمة الورق الفاخر والطباعة الممتازة والألوان الزاهية ومسلسلات الإثارة، ورأت دار الهلال أن تصدر مجلة أخرى باسم"مجلة ميكي"سنة1961م، ومعظم موضوعاتها نسخة عربية من سلسلة مجلات ميكي الأمريكية لمؤسسة والت ديزني، وفي السبعينيات أصدرت مؤسسة الأهرام طبعة باللغة العربية من مجلة"تان تان"، ثم جاء العدد الأول مجلة"علاء الدين"، أحب المجلات إلى قلبى، والذى كان فى 1993، وقد كانت مجلة علاء الدين لكل أبناء مصر من سن7 إلى17 سنة، تستخدم في كتابتها وطباعتها أحدث وسائل تكنولوجيا الطباعة والإتصال، حيث تعتبر أول مجلة مصرية تجمع وتطبع بالكمبيوتر، إلى أن ظهرت مجلة "بلبل"، والتى كان ينتظر الأطفال أعدادها بشغف لا ينازعه شغف
تتمتع صحف الأطفال بالعديد من السمات والخصائص التي تميزها، حيث تتيح للطفل إمكانية قراءتها في أي وقت، كما يجد فيها ما يناسبه في القراءة حسب مقدرته اللغوية وقدرته على الفهم، كما تعتمد على تحويل الصفحات إلى لوحات فنية ذات جمال مليئة بالصورة التى تجعل القصص والكتابة حية فى أعينهم، ويتلذذون بقراءتها ويستمتعون بأحداثها وكأنهم بداخلها.
لن تقف صحافة الأطفال عند هذا الحد، فمع التطور التكنولوجي الكبير الذي تشهده الصحافة اليوم سيتم تطوير محتواها المطبوع والرقمى على حد السواء، حيث يحتم تطور عقول الأطفال –والذى سببه التطور التكنولوجى أيضاً- على الصحافة الموجهة لهم أن تطور من مواضيعها لتلاقى صداها لديهم، فالأطفال الآن فى عمر السادسة متمكنون من استخدام الأجهزة الكترونية شديدة التقدم، فما الذى سيجبرهم على شراء مجلة ميكى، إن لم يكن لميكى جديد تقدمه؟!