للدولة الإيرانية تاريخ طويل ممتد، منذ أن كانت أحد أهم أركان الدولة الفارسية وحتى الآن وهى أهم أعمدة الشرق الأوسط وأكبر شوكة فى حلق الدول الغربية إزاء تحقيق طموحهم فيه، كما إنها بلد عامر بالموارد الطبيعية، وهو ما جعلها فيما بعد عُرضة للاستعمار، حتى إنه قد تم تقسيمها ما بين روسيا وإنجلترا آنذاك، إلى أن نالت استقلالها، وقد كانت هويتها فى في تخبط دائم لكثرة العوامل التى أفضت إلى تنوع الأيديولوجيات بها، حيث ترجع في أصولها إلى الدولة الفارسية القديمة، فضلاً عن تبنيها للمذهب الشيعي لاحقاً.
تفاجئ العالم عام 1979 بقيام الثورة الإيرانية الإسلامية من قبل الراديكاليين الإسلاميين هناك، والتى اتخذت إيران بعدها بعداً جديداً في تشكيل هويتها، إذ تحولت إلى الدولة الأم والراعية الأولى في نشر المذهب الشيعي في منطقة الشرق الأوسط، كما تملكتها آمال توسعية في منطقة الخليج العربي، كما أصبح نظامها قمعياً يحكم بالحديد والنار عن طريق ولاية الفقيه، وهو ما حولها إلى دولة ثيوقراطية من الطراز الأول.
أثرت هذه الأحداث على الصحافة الإيرانية بقوة، إذ سببت تقييداً شاملاً فى الحرية الصحفية الإيرانية، وهو ما تمثل بقوة في اعتقال الصحافيين الذين كانت لهم توجهات ضد النظام الإيراني، فضلاً عن تولى المقربين من الفقيه قيادة أغلب المؤسسات الإعلامية والصحفية المهمة، لدرجة تولي بعض الجنرالات العسكريين لتلك المناصب الحساسة التى تحتاج إلى صحفيين مهنين، كرئيس المبنى الإعلامي على سبيل المثال، والذي تولاه مؤخراً الجنرال محمد سرافراز، ولهذا، يتضح لنا محاولات النظام الإيراني للسيطرة على منابر الرأى ومنصات التعبير عنه، وزرع الرهبة والخوف فى نفوس كل من قد تسول له نفسه لمعارضتها، وهو ما أدى إلى افتقار البيئة الصحفية للموضوعية والمهنية والحيادية، وسيرها في فلك نظام الحكم الإيراني، فهى معه أينما قال، ونحو ما أراد.
وثمة توجهات صحفية خارجية لإيران، في محاولة منها لدعم استراتيجيتها التوسعية فى الشرق الأوسط عامةً والعالم العربى تحديداً، وهو ما تمخض عن بعض المشاريع الصحفية والإعلامية التى تهدف إلى خلق تواصل وحلقة ربط بينها وبين العالم العربي، كإنشاء قناة العالم الإيرانية قبيل غزو العراق، كذلك إنشاء صحف مثل طهران الدبلوماسية أو جريدة الوفاق والتي لها باع في دول شبه الجزيرة وكذلك الشام.
نعم... أصبحت الصحافة الإيرانية الآن تعمل بالكامل في حدود هوية النظام، لا هوية الشعب، وتسير وفق أفكاره و ايديولوجيته الخاصة التى فرضها على البلاد بأسرها.