إعداد - فاطمة الزهراء حامد
"يوسف سلام-15 سنة"، "كوري وايس-16 سنة"، "رايموند سانتانا-14 سنة"، "أنترون ماكراي-15 سنة"، و"كيفين ريتشاردسون-15 سنة"، هم أبطال أو بالمعنى الأصح ضحايا قضية "سنترال بارك فايف" الشهيرة، الذين تم اتهامهم بالاعتداء على "تريشا ميلي" وهي مواطنة بيضاء خرجت للركض مساء يوم 19 إبريل 1989. لم تعد في تلك الليلة وعثر عليها صباح اليوم التالي مغتصبة وغارقة في دماءها. وفقدت الفتاة ما يقرب من 75% من دمائها، وظلت في غيبوبة لقرابة أسبوعين إثر ضربة شديدة على الرأس، أفقدتها تفاصيل الحادث.
في هذه الليلة، كان هناك ما يقارب الـ 30 مراهقا في سنترال بارك، وتم الإبلاغ عن بعض المضايقات الذي قام بها بعضهم، وأصبحت الرواية المحتملة بأنهم هم من اعتدوا على "تريشا ميلي"، ولكن 5 مراهقين فقط هم من تم توجيه التهم إليهم بالاعتداء، وحينها أطلقت عليهم الصحافة الوصف الشهير "قطيع الذئاب" لامتلاكهم بشرة سمراء.
بالرغم من إنكارهم المشاركة في الجريمة وعدم وجود أية شهود أو أدلة أو تطابق لحمض الـ DNA، اعترف 4 من بينهم مكرهين بارتكاب الجريمة تحت التهديد والتعذيب.
واستغلت الصحف الحادث وشنت هجوما شنيعا على هؤلاء المراهقين ووصفتهم بـ "الحيوانات"، و"المتوحشين"، و"المتعطشين للدماء"، "المسوخ البشرية"، حينها أنفق دونالد ترامب (الرئيس الحالي للولايات المتحدة، أحد أكبر رجال الأعمال آنذاك) 85 ألف دولارا أمريكيا لتخصيص صفحة كاملة في 4 صحف كبرى، وهم "نيويورك تايمز" و"دايلي نيوز" و"نيويورك بوست" و"نيويورك نيوزداي"، تحت عنوان رئيسي ضخم "أعيدوا عقوبة الإعدام، أعيدوا شرطتنا" للتحريض ضدهم ولإنزال أشد العقوبة بهم، مع إعلان صريح وواضح على مدى احتقاره وكرهه لهم، وبالفعل أدانت المحكمة المراهقين وعاقبتهم بالحبس مدة تتراوح ما بين 6 إلى 13 سنة.
وبعد مرور سنوات طويلة من وقوع الحادث، في 2002 اعترف السجين "ماتياس رييس" والمتهم بجرائم اغتصاب بالاعتداء على "تريشا ميلي" وحيدا وبدون أي مساعدة، وتم التأكد من صحة اعترافه عن طريق تطابق تحليل الـDNA ليؤكد بأنه المجرم، وقدم تفاصيل لا يمكن لأحد سواه وسوى الشرطة معرفتها.
وبذلك تم تبرئة الشبان الخمس، وتم صدور تعويض بحقهم من مدينة نيويورك بمقدار 1 مليون دولار عن كل سنة تم سجنهم بها لكل شخص منهم ليصل المبلغ الإجمالي ل 41 مليون دولار أمريكي. وعلى الرغم من ذلك لم يعتذر ترامب عن التحريض ضدهم وعما سببه لهم من آلام إلى الآن.
ومؤخرا قامت "نيتفليكس" بتسليط الضوء على هذه القصة، من خلال قيامها بإنتاج مسلسل "مرايا خادعة" أو "When they see us" لعرض وتوثيق ما لقاه هؤلاء المراهقين من ظلم وألم ومعاناة وعنصرية لكونهم من أبناء البشرة السمراء.
المصادر:
مصدر الصورة: