عميد كلية الإعلام تكتب: المسئولية الإعلامية لمواجهة الإرهاب

13/01/2020 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: المهنية الإعلامية
عميد كلية الإعلام تكتب: المسئولية الإعلامية لمواجهة الإرهاب

أ.د. هويدا مصطفى

عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة

 

لا شك أن وسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا في مواجهة الإرهاب فهي تُعد مصدرًا رئيسيًا للحصول على المعرفة والمعلومات المتعلقة بهذه الأحداث وبالتالي التأثير على اتجاهات الجمهور إزاءها، ومع التصديق بأهمية البعد الأمني لمواجهة ظاهرة الإرهاب واحتواء أثارها، إلا أن هذه المواجهة تتطلب تفعيل دور المؤسسات الإعلامية سواء الرسمية أو الخاصة لمواجهة الإرهاب من واقع المسئولية الاجتماعية التي تمارسها هذه المؤسسات في المجتمع، فإلى أي مدى التزمت وسائل الإعلام بهذه المسئولية؟

 

إن المتتبع للتغطية الإعلامية للعمليات والأحداث الإرهابية يلاحظ عدة أخطاء من أبرزها التركيز على الحدث أكثر من التركيز على الظاهرة وهيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية مع تقديم تغطية متعجلة وسريعة وربما أحيانًا سطحية تهتم بعرض الحدث فقط دون إعطاء خلفية كافية من المعلومات والبيانات، كما يغيب عن التغطية الطابع التفسيري التحليلي وعدم الاهتمام بمعالجة جذور ظاهرة الإرهاب وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، كما يغيب عن التغطية الإعلامية المعلومات الدقيقة والموثقة المستقاة من الجهات الرسمية المعتمدة والاعتماد في الغالب على مصادر غير موثوق بها نتيجة الرغبة في تحقيق السبق الإعلامي.

 

وفي كثير من الأحيان تفتقد التغطية للتوازن فتقع في مأزق التهوين أو التهويل، وهو ما يؤثر سلبًا على مصداقية هذه التغطية وقدرتها على التأثير، ويعكس هذا الأمر عدم وجود استراتيجية واضحة الرؤية والأهداف للتغطية الإعلامية في مواجهة إعلام الإرهابيين الذي يستخدم كافة الأساليب والتقنيات وأدوات الاتصال لترويج الشائعات والبيانات المضللة.

 

نحن إذن بحاجة إلى استراتيجية إعلامية واضحة الرؤية والأهداف والوسائل والآليات المناسبة لتجاوز هذه الأخطاء تهدف إلى تنمية وعي الجمهور وإدراكه خطورة الإرهاب وأهمية مواجهته والاهتمام بالمعالجات المتعمقة وعدم الاكتفاء بالمواجهة السريعة والمتعجلة.

 

كما تتطلب المواجهة التنسيق بين قطاع الإعلام الحكومي وقطاع الإعلام الخاص لإبراز خطر الإرهاب وأهمية مواجهته والالتزام بالضوابط المهنية وعدم السعي إلى السبق الإعلامي غير المدروس الذي تسعى بعض وسائل الإعلام إلى تحقيقه والاهتمام بتنمية الخلفية المعلوماتية لدى الإعلامي عن الإرهاب من خلال أدوات تثقيفية تعنى بتفسير الظاهرة وأبعادها وتحديد المصطلحات المتداخلة معها (المقاومة المسلحة، العنف، التطرف، المقاومة السلمية، المواجهة، الصراع بأنواعه المذهبي، الطائفي والعرقي..)، والتعامل بحذر مع البيانات الإعلامية للتيارات الإرهابية التي تبث في المواقع الإلكترونية حتى لا تكون وسيلة للترويج لتلك التيارات.

 

كما تتطلب المواجهة الفكرية لظاهرة الإرهاب والتطرف تطوير البرامج والمواد الدينية المعروضة في وسائل الإعلام بالتركيز على الوسطية وقيم التسامح والسلام ومحاربة الفكر المتطرف والتكفيري، كما يجب على الإعلام الاهتمام في صياغة الرسالة الإعلامية بالرد الفوري على كل الشائعات سواء كان مصدرها داخليًا أو خارجيًا وشرح الأبعاد القانونية والأمنية والتشريعية المتعلقة بمواجهة جرائم الإرهاب، وكذلك الاهتمام بالإرشادات الخاصة بدور المواطنين في مواجهة الإرهاب وتحركات الإرهابيين، وهذا الأمر يتطلب وضع دليل إرشادي للإعلاميين لكيفية التعامل مع الأحداث الإرهابية وأساليب التغطية وأنواع الرسائل الإعلامية التي يمكن استخدامها في تغطية تلك الأحداث وأهم الضوابط والمعايير التي يجب الالتزام بها، فنحن بحاجة إلى ميثاق شرف إعلامي أمني لمواجهة الإرهاب تلتزم به كافة وسائل الإعلام ينمي الإحساس بالمسئولية الإعلامية تجاه الجمهور والمجتمع بالالتزام بالمعايير المهنية الإعلامية الصحيحة واحترام مبادئ المنافسة الإعلامية الشريفة والعادلة وعدم الانسياق وراء السبق المروج لأفكار هدامة أو للتنظيمات الإرهابية، والحذر في استخدام المصطلحات والمفردات المتعلقة بقضايا الإرهاب وهو ما يتطلب إعداد دليل للمصطلحات الإعلامية المتعلقة بالإرهاب وتدريب الإعلاميين عليه.

 

وأخيرًا ضرورة الالتزام الأخلاقي بتجنب بث ونشر كل ما من شأنه أن يثير الانقسامات السياسية والطائفية في المجتمع.

 

© محمد يحيى زكريا

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية