منذ القبض عليه، كانت قضية الصحفي إسماعيل الاسكندراني محل اهتمام من كثير من المتابعين، سواء كانوا صحفيين أم مهتمين بالأخبار التي كان ينشرها الصحفي.
وقد انتشرت أخبار الحكم على اسماعيل على أكثر من وسيلة إعلام الكترونية، حيث كانت الأخبار الواردة تفيد بالحكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة بالانضمام لجماعة محظورة، وإفشاء أسرار تتعلق بالأمن القومي لشبه جزيرة سيناء.
لكن منظمة مراسلون بلا حدود قد نشرت تقريرا تقول فيها انها تواصلت مع المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي، ورد بان القضية ما زالت قيد النظر ولم يصدر أي حكم فيها بعد، مما يعني أن فرص المتهم في البراءة ما زالت قائمة.
إسماعيل هو باحث وصحفي متخصص في الشأن السيناوي، وكتب العديد من المقالات التي تتناول شئون الجماعات الاسلامية المسلحة بالتحليل والنقد. وقد قبض على الرجل أثناء عدودته لمصر عن طريق مطار الغردقة في نوفمبر 2015
أخبار بدون مصدر عقدت الصورة
بعيدا عن الجوانب السياسية والقانونية في الموضوع، فإن الأخبار التي نشرت على مواقع الأخبار كانت تحمل صيغ متقاربة.
على سبيل المثال نشرت صحيفة الدستور خبرا بهذا النص: أصدرت المحكمة العسكرية، أمس الثلاثاء، حكمًا بالسجن 10 سنوات حضوريا على الباحث إسماعيل الإسكندراني ووليد محارب، لاتهامهما بتسريب أسرار تتعلق بالأمن القومي المصري حول ديموغرافية سيناء.
النص الذي نشرته جريدة الشروق كان قريبا مما كتبته الدستور: عاقبت المحكمة العسكرية الباحث إسماعيل الإسكندراني ومتهم آخر بالسجن 10 سنوات لكل منهما، في القضية المتهمين فيها مع آخرين بالانضمام لجماعة محظورة، وإفشاء أسرار تتعلق بالأمن القومي لشبه جزيرة سيناء.
كل من الخبرين أورد فقرات كاملة بنفس النص، مثلا: وضم ملف التحقيقات تقرير الأمن القومي الذي أكد أهمية المعلومات التي أدلى بها الاسكندراني، وأنه حصل على أموال نظير أبحاثه، كما أكدت تحريات الأمن الوطني انضمام الإسكندراني لجماعة محظورة، بالإضافة إلى أقواله خلال التحقيقات ومحضر ضبطه في مطار الغردقة.
ونقلت عدة مواقع عالمية الخبر بنفس التفاصيل عن موقع الشروق، مثل موقع الحرة.
مشكلتان في هذا النوع من الأخبار
يسلط هذا الأمر الضوء على مشكلتين في الأخبار المنشورة بشكل يومي على مواقع الأخبار المصرية، الأولى: نشر أخبار دون التأكيد على مصدرها. في العادة، ينقل محررو الشئون القضائية ومحرروا الحوادث وملف وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات، أخبارهم عندما تصلهم بيانات عبر الايميل من مكاتب العلاقات العامة التاببعة لكل مؤسسة.
المشكلة الثانية أن الخبر في الغالب يكون مقتبسا من البيانات بشكل حرفي، ولا يتدخل المحرر لإعادة صياغة الخبر كما ورد من المؤسسة، دون إشارة إلى أن النص مقتبص من بيان، وبلا إشارة إلى أن الخبر مصدره بيان أرسلته المؤسسة عبر الايميل.
كيف كان ذكر المصدر ليخدم أسرة إسماعيل ومتابعوه؟
وقع الكل في حيرة بعد ما سمعوا خبر الحكم، ثم سمعو خبر نفيه مرة أخرى من نفس المصادر.
لم يحضر اسماعيل جلسة نطق الحكم، ولم يحضر محاميه كذلك، ولكن الخبر قد انتشر لأول مرة عن طريق محاميه الذي قال انه علم بالخبر من موظفين في المحكمة.
لو كانت الأخبار التي نشرتها الشروق والدستور قد وضحت المصدر الذي نقلت عنه الحكم، لكانت الصورة أوضح منذ البداية. على الأقل كان سيتضح أن الخبر مصدره المحامي فقط ، نقلا عن موظف في المحكمة وليس له مصدر رسمي (منطوق حكم أو حثيات حكم، أو حضور شخصي من المحرر للجلسة، أو بيان من الجهة القضائية التي أصدرت الحكم).
في هذه الحالة كان القراء سيفهمون أن أحد الموظفين ربما نقل معلومة خاطئة للمحامي، الذي نقلها بدوره للإعلام. لكن انتشار الخبر المكتوب بهذه الطريقة أعطى ايحاء للبعض بأنه خبر رسمي وارد من جهة رسمية لهذه الصحف.
وما زال المتابعون في انتظار اتضاح الأمور في الفترة المقبلة، اما التصديق على الحكم، وفي هذه الحالة فالخبر صحيح، وخبر النفي هو الذي ليس واضحا بما يكفي ( لم يوضح هل صدر عليه حكم ولم يصدق عليه رسميا، أو لم يصدر حكم من الأساس)، أم أن الحكم لم يصدر بعد، وفي هذه الحالة ستكون مشكلة خبري الشروق والدستور من نوع آخر، انها ربما نقلت الخبر عن المحامي ولم تشر لهذه النقطة، وكتبته بنفس اللهجة التي تكتب بها الأخبار الرسمية.