نشرت صحيفة "الوطن" تحقيقاً استقصائياً تحت عنوان "القصور التشـريعى.. يحرم «المطلقات» من الحضانة والحٌجة: لم يُستَدَل على الأب"، ألقت من خلاله الضوء على صعوبات تواجهها شريحة من الأمهات المصريات، في تنفيذ أحكاما قانونية بحوذتهن، تقضي بضم صغارهن لحضانتهن بعد الطلاق أو الخُلع من الأب، ولكن دون جدوى تُذكَر.
التحقيق المدعوم بالصور، قدّم معايشات من واقع حياة 7 سيدات من مختلف الطبقات الاجتماعية والاختلاف الديني، بالقاهرة والإسكندرية والمنوفية، ومن بينهن أيضاً "جدة" تسعى لضم حفيدها لحضانتها، بعد طلاق ابنتها أم الطفل من أبيه، وزواجها من أخر، وانتقال الحضانة إلى تلك الجدة؛ بموجب قانون الاحوال الشخصية المستند للشريعة في مصر.
المعايشة التي أجرتها محررة "الوطن"، امتد الاستقصاء فيها إلى "محضري محاكم الأسرة"، باديء الأمر بطريقة رسمية، من خلال مراسلات إلى رئيس المحكمة، إلا أن الطلب قوبل في النهاية بالرفض، مذيلاً بعبارة: "نعتذر لكثرة القضايا التي تتطلب التنفيذ، وقلة عدد المحضرين بالمحكمة".
إلا أن محررة "الوطن" استطاعت اقناع أحد المحضرين –مع كفالة حق عدم الإفصاح عن هويته وحماية مصدرها- بالحديث تحت أسم مستعار "جابر"، عن ملامح عمل مُحضر محكمة الأسرة، وكواليس مشاهد تنفيذ الأحكام، والصعوبات التي يواجهها؛ خاصة عندما تصطدم مشاعره الإنسانية أو يتعاطف مع تلك الامهات طالبات الحضانة والضم، في ظل تعنت الأب في تنفيذ الأحكام، ، وصياغتها في جملة "فيه ستات بتصعب عليا بس ماقدرش أعمل لهم حاجة"، و"كنت هشتبك مع واحد وأنا بنفذ حكم لما لقيته بيتهرب ومخبي الولد بس كنت أنا اللي هروح في داهية".
التحقيق كفل كذلك، عرض عدد كبير ومتنوع من الآراء للجهات المختلفة –عدا جهة الأب، أو على وجه التحديد ممن حازوا الصغار واعترضوا على تنفيذ أحكام الضم لصالح الأمهات طليقاتهم.
وفي مجمل عرض الموضوع للآراء المتنوعة؛ نفي المُحضر وجود فساد بين المحضرين، أو شبهات تواطؤ مع الطرف الأخر المدعى عليه أثناء تنفيذ الأحكام، كما تحدث عن القصور التشريعي، ومحدودية صلاحيات المحضر في تنفيذ الأحكام، والاكتفاء بتدوين الإجراء القانوني المتبع في مثل تلك الحالات.
هذا؛ وقد استخدمت المحررة، احصائية تقريبية منسوبة إلى مُحضر المحكمة من واقع عمله اليومي، قال فيها إن نسبة تنفيذ أحكام ضم حضانة الاطفال في المحكمة التابع لها، تتراوح بين 30% إلى 60% تقريباً.
وانتقلت محررة "الوطن" لمعايشة أخرى من داخل جلسة حكي لمبادرة "أريد حلا"، والتي أسستها الناشطة الحقوقية نجلاء شابون بالجهود التطوعية، لتبني مشكلة الأحوال الشخصية في مصر، وفي مقدمتها "الأمهات العاجزات عن ضم أطفالهن".
إلى جانب إلتقاط المحررة الصحفية، خيطا من ضمن جلسة الحكي، في حديث إحدى المشاركات عن سعيها حتى حصلت على حكم بـ"الولاية التعليمية لصغيرها" ليكون أملا في تقريبها من ضم طفلها، وهو قانون يندرج أو يشتمل عليه قانون الحضانة، وكذلك إلتفتت إلى التفريق بين قانوني الحضانة والرؤية.
واستعرضت المحررة رأيا سريعا وعابراً لمحامِ متخصص في قانون الأحوال الشخصية، كما عرضت شروط كفالة حضانة الأبناء وفقا للشريعة –تحديدا الإسلامية المستقاة من المذهب الحنفي- وكذلك وفقا للقانون المصري.
كما تناولت دور أماكن وجهات عمل الأب، في عدم الإفصاح عن بيانات العاملين بها، من باب "عدم التدخل في الأمور الشخصية"، وكيف يكون هذا عائقاً في تنفيذ الحكم، حال لم يتم الاستدلال على عنوان إقامة الأب، وطرق الاحتيال في إخفاء الصغار وتهريبهم بأكثر من وسيلة.
وكذلك عرضت المحررة صراحة – مع عدم وضع صور والاكتفاء بالأسم الأول- تجربتين إحداهما ناجحة والأخرى لا، في الاستعانة بأفراد أمن خاص (بلطجية..كما ورد أيضا في تسمية المحررة خلال سطور موضوعها الاستقصائي)، لتتمكن الأم الحائزة على حكم قضائي واجب النفاذ، بضم صغيرها، وبعد فشلها واستنفاذها للطرق القانونية في التنفيذ.
كما ذكرت المحررة، مراسلتها على مدار 4 أشهر، لوزارة العدل، للحصول على إحصاءات حول نسب تنفيذ أحكام ضم حضانة الأطفال، إلا أن المراسلات تم رفضها أو الإفصاح الرسمي عن تلك البيانات، مشيرة إلى امتناع "العدل" منذ سنوات، عن نشر تقريرها العام الشامل لإحصاءات بنسب الأحكام القضائية الصادرة، ونسب الأحكام المنفذة.
واختتمت المحررة موضوعها، باستعراض فقرة مع النائب البرلماني أحمد كمال، عضو اللجنة العامة البرلمانية، وعضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ورأيه حول وجوب النظر في القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية وحيازة الأطفال، وتعديلها؛ خاصة بعد تصاعد نسب الطلاق في مصر، وامتناع الطرفين عن التفاهم بطرق ودية، مع "وعد شفهي" من النائب البرلماني، بمناقشة القانون قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية.
فيما يخص "الاحترافية والمهنية"، نجحت محررة "الوطن" في الإلتزام بأكبر قدر من معايير المهنية الصحفية، من حيث استخدام أكثر من مصدر، وعرض آراء متعددة، سواء للحالات المعنية بالبحث (الامهات التي تعاني من قصور القانون تشريعياً أو عدم إنجاز تطبيق العدالة ونفيذ الأحكام)، أو من خلال الآراء القانونية والتشريعية، والمبادرات المهتمة بهذا الأمرن وكذلك حلقة الوصل بين الأم والأب في تنفيذ الأحكام (محضري محاكم الأسرة).
وعلّقت "جهاد عباس" محررة الموضوع بالصحيفة، لمشروع "أخبار ميتر"، قالت إن عدم تطرقها لرأي الأب هنا في تحقيقها الاستقصائي؛ نظراً لرغبتها في تضييق زاوية البحث والتحقيق، في الحق الإنساني والقانوني للأمهات في حيازة الصغار، لا سيما وأنهن حاصلات على أحكام قانونية تؤيد هذا الحق، إلا أنهن عاجزات عن تطبيق الأحكام؛ نظرا لقصور التشريع القانوني.
وأيضاُ فيما يتعلق بمعيار الاحترافية والمهنية، فقد سعت المحررة، لاستخدام مصادر مناسبة للحديث في الموضوع، من حيث الاختصاص والاقتراب من الحالة نفسها، عن طريق المعايشة الحية لتلك الأمهات.
كما أن الموضوع يعد ملكية فكرية وإنتاج خاص بـ"الوطن"، لم يسبق اقتباسه من جريدة أو وكالة أخرى، وتم التنويه جيداً لأماكن الاقتباس من خلال القوانين التي طعمّت المحررةبها المحتوى لمزيد من الإثراء والمعرفة.
وفي صياغتها للموضوع، لم يبدو انحياز المحررة لأي طرف سياسي أو معارضته، حتى مع عرضها لمشكلات الحالات الإنسانية مع قصور التشريعات القانونية، أو رأي النائب البرلماني، أو تعليقها برفض المخاطبات الرسمية لجهات المحاكم التابعة لوزارة العدل، حول استخدام الوثائق والاحصاءات الرسمية في تحقيقها الاستقصائي المتعمق.
لكن المحررة دمجت تعليقها في صياغة المحتوى، من زاوية تصوير مشاهد معاناة الأمهات.
المعيار الثاني المختص بناحية "التضليل والبروباجندا"، رصد نسبة عالية من إلتزام المحررة في صياغة موضوعها الصحفي، من حيث صحة المعلومات وعدم الارتكان إلى معلومات خاطئة، كما أنها اظهرت جميع الحقائق، واستخدمت حقا تكفله لها الممارسة الصحفية؛ من حيث "حماية المصدر إن رغب في عدم الإفصاح عن هويته"؛ نظرا لحساسية مكانته أو وظيفته (حالة محضر المحكمة: جابر).
كما رتبت المحررة أوراقها جيدا في صياغة المحتوى والانتقال من لقطة إلى أخرى، وأفردت نصوص القانون والإحصاءات الأكاديمية بشكل جيد.
عنصر"الصورة الصحفية" ارتبط ارتباطا وثيقا بنفي تضليل القاريء للموضوع محل الرصد؛ حيث استخدمت المحررة صورا صريحة للحالات المشاركة في التحقيق، ظهر جليا أنها ألتقطت بإرادتهن ووعيهن، كما وضعت "الوطن" الشارة الخاصة بها على الصور لضمان انفرادها بها، وعدم استعمالها لمصادر أخرى.
كذلك "عنصر العنوان" المرتبط بمعيار التضليل والبروباجندا ضمن معايير "أخبار ميتر"؛ حيث ارتبط العنوان بمضمون الخبر، واختصره في أبسط عدد من الكلمات وأعمقها وأكثرها نفاذا، كما ابتعد العنوان عن التحيز لطرف دون الأخر
واعتمدت المحررة على توضيح مصادرها بشكل علني داخل المحتوى، سواء من خلال الافصاح بالأسماء، أو استخدام الصور، أو توثيق المعلومات وفقاً لمصادرها (حيث ذكرت إحصائية شملت 800 سيدة، صمن بحث أجرته د. فادية أبو شهبة – أستاذ القانون الجنائي، صادرة عن مركز البحوث الجنائية)، فيما يتعلق بشعور السيدات العاجزات عن ضم حضانة أطفالهن.
ملحوظة:
والعنصر الأخير المتعلق بـ"انتهاكات حقوق الإنسان"، فرصد كذلك إلتزاما جيداً من محررة الصحيفة في صياغة محتوى الموضوع؛ حيث ابتعدت عن التعميم؛ رغم اختيارها لزاوية بحث ضيقة ومتعمقة للغاية: (السيدات غير القادرات على تنفيذ أحكام القانون في ضم صغارهن نظرا لتهرب الآباء من تنفيذ تلك الأحكام).
كما ابتعدت المحررة في صياغتها عن أي إهانة أو تشويه أو تصنيف للطرف الأخر، مراعية ذلك في اقتباسات صاحبات الرأي (الحالات المشمولة في عينة التحقيق).
التحقيق كذلك احترم خصوصيات الأسر، ولم يتطرق إلى الخلافات المؤدية للانفصال بين الزوجين، كما لم يتجاهل المبدأ القانوني "المتهم برئ حتى تثبت إدانته" في عرض حالات مخالفة الطرف الأخر للقانون صراحةَ؛ حيث عرض الرأي بحيادية تامة.
وخلى المحتوى من رسائل الكراهية المباشرة وغير المباشرة، والتحريض على العنف، او التمييز المبني على الجنس من حيث الأمومة والأبوة.
وحصل تقييم الموضوع المنشور على "أخبار ميتر" بتاريخ 8 مايو الجاري، على نسبة تقييم 94%، مرتفعاً إلى الفئة الخضراء بين الموضوعات المرصودة على الموقع.
(( يمكنك مشاهدة تقييم "أخبار ميتر" للمحتوى من هنا ))
(( يمكنك قراءة النص الأصلي للتحقيق على صفحات "الوطن" من هنا ))