تواجه مصر تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين التوسع العمراني المتزايد والحفاظ على الرقعة الزراعية، التي تُعدّ أحد الركائز الأساسية للأمن الغذائي والاقتصاد الوطني. مع النمو السكاني المستمر، تتضاءل المساحات المزروعة نتيجة الزحف العمراني والتغيرات المناخية، مما يجعل الحاجة إلى توسيع الرقعة الزراعية ضرورة ملحة. في "ورقة الحقائق" التالية، نستعرض العوامل المؤثرة على تراجع المساحات الزراعية، والتحديات التي تواجه خطط التوسع، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الدولة لمواجهة هذه التحديات.
عوامل تراجع الرقعة الزراعية في مصر
تعاني الأراضي الزراعية في مصر من عدة عوامل تؤدي إلى تقلصها وتدهور إنتاجيتها، منها:
- التوسع العمراني العشوائي: ازدياد البناء على الأراضي الزراعية بسبب الضغط السكاني.
- تدهور جودة التربة: نتيجة عدم الالتزام بنظام الدورة الزراعية وإساءة استخدام الأسمدة والمبيدات.
- ندرة المياه: انخفاض كفاءة استخدام الموارد المائية يؤدي إلى هدر كميات كبيرة من المياه وتراجع إنتاجية الأراضي.
- التغيرات المناخية: ارتفاع درجات الحرارة والجفاف يؤثران سلبًا على الإنتاج الزراعي.
التحديات التي تواجه التوسع الزراعي في مصر
رغم جهود الدولة في استصلاح الأراضي، إلا أن هناك عقبات رئيسية تعيق هذا التوسع، ومنها:
- محدودية الأراضي الصالحة للزراعة: طبيعة الأراضي الصحراوية تحتاج إلى جهود استصلاح مكلفة.
- شح الموارد المائية: اعتماد مصر الأساسي على نهر النيل يزيد من تحديات توفير مياه الري.
- تفتت الحيازات الزراعية: مما يقلل من كفاءة الإنتاج ويحد من القدرة على تطبيق تقنيات زراعية حديثة.
- التغيرات المناخية: تؤثر على دورات المحاصيل الزراعية وإنتاجيتها.
- الزيادة السكانية المتسارعة: ترفع الطلب على الغذاء وتزيد من الضغوط على القطاع الزراعي.
الجزر الحرارية الحضرية وتأثيرها على المناخ
تُعرف "الجزر الحرارية الحضرية" بأنها مناطق في المدن تكون درجات حرارتها أعلى من المناطق الريفية المحيطة، نتيجة لاستبدال المساحات الخضراء بالأسفلت والمباني الخرسانية. تؤدي هذه الظاهرة إلى:
- امتصاص الأسطح الصناعية للحرارة بدلًا من عكسها، مما يزيد من درجات الحرارة.
- ارتفاع استهلاك الطاقة نتيجة زيادة الحاجة إلى التبريد في المناطق الحضرية.
- زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة بسبب الاعتماد المكثف على أجهزة التكييف.
- تفاقم تأثيرات التغير المناخي، مما ينعكس سلبًا على الزراعة والموارد المائية.
تراجع نصيب الفرد من الرقعة الزراعية في مصر
نظرًا للزيادة السكانية وتقلص المساحات المزروعة، شهد نصيب الفرد من الأراضي الزراعية تراجعًا واضحًا:
- في عام 2000: كان نصيب الفرد 0.121 فدان.
- في عام 2020: انخفض إلى 0.094 فدان.
- المتوسط العام حاليًا: يبلغ 0.109 فدان للفرد.
جهود الدولة لتوسيع الرقعة الزراعية
للتغلب على هذه التحديات، أطلقت مصر عدة مشروعات قومية تهدف إلى استصلاح مساحات واسعة من الأراضي، أبرزها:
- مشروع توشكى الخير: يستهدف زراعة 1.1 مليون فدان.
- مشروع الدلتا الجديدة: يهدف إلى استصلاح 2.2 مليون فدان.
- مشروع تنمية شمال ووسط سيناء: يضيف 456 ألف فدان إلى الرقعة الزراعية.
وقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن المساحة المزروعة ارتفعت من 9.0 ملايين فدان في 2012/2013 إلى 9.8 ملايين فدان في 2022/2023، مما يعكس تقدمًا ملحوظًا في جهود التوسع الزراعي.
مصر ومؤشر الأمن الغذائى العالمى
يُعدّ الأمن الغذائي عنصرًا أساسيًا في التنمية المستدامة، ويُقاس بمدى توافر الغذاء وسهولة الوصول إليه. وفقًا لمؤشر الأمن الغذائي العالمي:
- في عام 2021: احتلت مصر المركز 62 عالميًا.
- في عام 2022: تراجع ترتيبها إلى المركز 77، مما يشير إلى تحديات تستوجب المزيد من الجهود لتعزيز الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
الخلاصة
تمثل الرقعة الزراعية في مصر عنصرًا حيويًا للأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية، لكن التوسع العمراني، والتغيرات المناخية، ونقص الموارد المائية، عوامل تؤثر سلبًا على هذا القطاع. ورغم التحديات، تبذل الدولة جهودًا حثيثة عبر مشروعات الاستصلاح الكبرى لزيادة الإنتاج الزراعي. ومع استمرار العمل على تحسين كفاءة استخدام المياه، وتطوير تقنيات الزراعة الحديثة، وتعزيز سياسات الأمن الغذائي، يمكن لمصر أن تحقق توازنًا بين النمو السكاني والحفاظ على مواردها الزراعية.
مصادر
المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي – المجلد الثامن والعشرون – العدد الرابع – ديسمبر(ب)٢٠١٨
المجلة المصرية للاقتصاد الزراعي، مجلد 32 العدد 4 ، ديسمبر 2022
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء
Global Food Security Index 2021
Global Food Security Index 2022
أمنية حسن (مدققة معلومات)
صحفية تمتلك خبرة متنوعة في مجال الصحافة المجتمعية وتحرير الفيديو. لديها خبرة في إنتاج التقارير ال...
صحفية تمتلك خبرة متنوعة في مجال الصحافة المجتمعية وتحرير الفيديو. لديها خبرة في إنتاج التقارير المكتوبة والفوتوغرافية لدى مؤسسة باشكاتب، وتحرير الأفلام القصيرة لمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، وتغطية قضايا المرأة لمؤسسة جنوبية حرة. ساهمت في برنامج "Her Story" التابع للأمم المتحدة من خلال ترجمة مقالات وشاركت في إنتاج فيلم قصير عن قضايا النوع الاجتماعي. حاصلة على درجة الليسانس في الإعلام من جامعة جنوب الوادي بقسم الإذاعة والتلفزيون. تشارك بنشاط في سرد القصص وتوثيق القضايا الاجتماعية.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن.
هل لديك تصحيح أو معلومة غائبة ترغب بإضافتها؟ 📱 تواصل معانا