لم تعرف الإذاعة المسموعة الإخراج فى بداية عهدها، نظراً لأن كل البرامج الإذاعية كانت تبث على الهواء مباشرةً، وكانت وظيفة المنتج الإذاعي هى المسيطرة الأساسية فى الإذاعة، حيث كانت تُمثِل قيادة الدفة الإذاعية، فبينما كان معد ومقدم البرنامج هما من ينسقا البرنامج ،كان فنى الصوت يقوم بهندسة الصوت وضبط الأداء الإذاعي للمقدمين والإعلاميين والأغانى الإذاعية، كان المنتج الفني الإذاعي هو من يتولى عملية التسجيل والتوليف والمراجعة وراء كل الطاقم الإذاعي، ولذلك كان يُنظَر إليه باعتباره مخرج العمل الإذاعي النهائي، لكن سرعان ما تطورت الإذاعة والراديو، بحيث أصبحت تُبَث برامج مُسجَلَة، وذلك نظراً لتعددها وتنوع موضوعاتها وتدخل التكنولوجيا الذى سمح بتسجيل البرامج وتحسين هندسة الصوت وتوسع تقنياته، وهو ما جعل الإذاعة تحتاج إلى مخرج يقود العملية الإذاعية إلى شكلها النهائى فى آذان المستمعين.
يعد الإخراج الإذاعي بمثابة ترجمة للنص المكتوب إلي مسامع الجمهور، ولذلك فالمخرج الإذاعى يخرج مادته الإذاعية -بغض النظر عن نوعه ،مستخدماً النص والموسيقى والمؤثرات الصوتية، ويحاول فى هذا أن يقرأ النص الذي يُسَلَم له بواسطة أذنيه، محاولاً أن تكون هذه القراءة هى ما يتلقاها المستمع للعمل الإذاعي.
يدرس المخرج الإذاعي العمل من زاويتين، إحداهما أدبية، والتى تتلخص فى مراعاة المضمون والشكل الإذاعي المكتوب به ذلك النص والمذيعين القائمين على تقديمه وقدرتهم على الرد على اتصالات الجمهور وقدراتهم على التصرف فى المواقف الطارئة، فضلاً عن الجو العام للأحداث التى يغطيها البرنامج الإذاعي، كما يركز بشكل خاص على التوقيت، والآخرى هى زاوية فنية، والتى تتلخص فى تركيز المخرج أثناء قراءته للنص على اختيار من يقوم بالأدوار التى بين يديه، ومواضع استخدام المؤثرات الصوتية والموسيقية التي تساعد على إيضاح العمل، ومن ثم فهو من يضع خطة لتحريك الفنيين الإذاعيين داخل حجرات التسجيل وإجراء التجارب معهم بالطريقة التى يراها مناسبةً، وبناءً عليه، يقوم بتحديد أفضل مواعيد التسجيل.