في 29 ديسمبر 2023، تقدمت دولة جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بطلب لـ دعوى قضائية يتكون من 84 صفحة، ضد إسرائيل، وذلك بسبب الأفعال التي ارتكبها جيش إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والتي تتضمن الإبادة الجماعية.
تشمل الأفعال المذكورة أيضاً بجانب قتل الفلسطينيين في غزة، إلحاق أذى جسدي وعقلي خطير بهم، واخضاعهم لظروف معيشية مصممة لتحقيق تدميرهم الجسدي، وذكرت جنوب أفريقيا في نص الدعوى، أن جميع الانتهاكات التي فعلها الجيش الإسرائيلي، لم يتم منعها، ولا معاقبة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية للفلسطينيين من قبل من قبل كبار المسؤولين الإسرائيليين.
وقالت جنوب أفريقيا في طلبها، إنها تدرك تماماً أن حقيقية أعمال الإبادة الجماعية تختلف عن الانتهاكات الأخرى للقانون الدولي التي ارتكبتها إسرائيل، ومنها توجيه الهجمات ضد السكان المدنيين والأعيان المدنية والمباني المخصصة للعبادة، التعليم والفن والعلوم والآثار التاريخية والمستشفيات والأماكن التي يتواجد فيها المرضى والجرحى، التعذيب، وتجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب، وغيرها من جرائم الحرب.
بدأت الجلسة الأولى من القضية في 11 يناير 2024، في لاهاي بهولندا، والجلسة الثانية كانت بتاريخ 12 يناير 2024، بمقر محكمة العدل الدولية، وهناك قدمت جنوب أفريقيا مرافعتها الشفوية في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، ترأس وفد جنوب أفريقيا فوزيموزي مادونسيلا، سفير جمهورية جنوب أفريقيا لدى هولندا، بصفته الوكيل، وكورنيليوس شولتز، المستشار القانوني، سفارة جمهورية جنوب أفريقيا لدى هولندا.
بينما ترأس وفد إسرائيل جلعاد نوعام، نائب المدعي العام للقانون الدولي، وزارة العدل في دولة إسرائيل، وتال بيكر، المستشار القانوني، وزارة الخارجية في دولة إسرائيل، وتامار كابلان ترجمان، النائب الرئيسي للمستشار القانوني لوزارة خارجية إسرائيل.
وتضمنت مرافعة جنوب أفريقيا 9 طلبات، أهمها، تعليق إسرائيل فوراً عملياتها العسكرية في غزة وضدها، ضمان إسرائيل امتناع أي وحدات مسلحة عسكرية أو غير نظامية قد يتم توجيهها أو دعمها أو التأثير عليها، وكذلك أي منظمات وأشخاص قد يخضعون لسيطرتها أو توجيهها أو نفوذها، عن مواصلة العمليات العسكرية المشار إليها سابقاً، اتخاذ كلاً من من جمهورية جنوب أفريقيا وإسرائيل، وفقا بالتزاماتهما بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، جميع التدابير المعقولة التي في حدود سلطتها من أجل منع الإبادة الجماعية.
دول ساندت جنوب أفريقيا في قضيتها ضد إسرائيل
بينما رحب عدد من الدول والمنظمات العالمية بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، في 9 يناير 2024، نشرت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر، عبر حسابها على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، أن بلجيكا لا يمكنها الوقوف ساكنة بينما تتعرض غزة للمعاناة، وأنهم ضد الإبادة الجماعية، وأضافت بيترا أنها تريد الاقتداء بخطوات جنوب أفريقيا، وأنها تريد من بلجيكا أن تتجه إلى محكمة العدل الدولية أيضاً.
التعاون الإسلامي يرحب
30 ديسمبر 2023، أعلنت منظمة التعاون الإسلامي عن ترحيبها، بالدعوى التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية بشأن جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني التي ارتكبتها إسرائيل، داعيةً المحكمة إلى الاستجابة بسرعة، واتخاذ تدابير عاجلة لوقف هذه الإبادة الجماعية الجماعية التي ترتكبها قوات الدفاع الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
دعم ماليزي تركي
في 2 يناير 2024، أعربت ماليزيا عن ترحيبها بالطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بشأن انتهاكات الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
في 3 يناير 2024 أصدرت تركيا بياناً، ، تعرب فيه عن دعمها لـ الطلب الذي تقدمت به جمهورية جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بشأن انتهاك إسرائيل بالتزاماتها بموجب "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" لعام 1948، مؤكدةً أن المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين لا يجب تمر دون عقاب، ويجب محاسبة مرتكبيها بموجب القانون الدولي.
الأردن والمالديف
وفي 4 يناير 2024، أعلن أيمن الصفدي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أن الأردن يدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، وأن الخارجية الأردنية تعمل على إعداد الملف القانوني اللازم لمتابعة هذا وتنسق مع الدول العربية والإسلامية.
أعلنت حكومة المالديف في 4 يناير 2024 أيضاً، دعمها للطلب الذي قدمته جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، والذي تطلب فيه إعلان أن إسرائيل تنتهك "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" لعام 1948، وطالبت المالديف المحكمة بسرعة الاستجابة، من أجل تيسير اتخاذ إجراءات عاجلة ضد جميع الأفعال والتدابير التي تنتهك حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي.
أمريكا الجنوبية
وفي 7 يناير 2024، أعلنت الحكومة البوليفية، أن بوليفيا كدولة ملتزمة بالسلام والعدالة، وموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية، تعترف بأن جنوب أفريقيا اتخذت خطوة تاريخية في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وهي قيادة وجهد ينبغي أن يرافقهما المجتمع الدولي، وأشارت إلى أنه في 17 نوفمبر 2023، تقدمت بوليفيا إلى جانب جنوب أفريقيا وبنجلاديش وجزر القمر وجيبوتي، بطلب إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الوضع بفلسطين.
وفي 9 يناير 2024، أعلنت فنزويلا، أنه باعتبارها دولة ملتزمة بدبلوماسية السلام، فهي تعترف بالخطوة الثابتة والتاريخية التي اتخذتها جنوب إفريقيا دفاعا عن الشعب الفلسطيني والقانون الدولي، وأكدت أنه يجب أن يرافق هذا التحرك المجتمع الدولي برمته، مع دعوة عاجلة لاحترام الحياة والكرامة الإنسانية.
وفي 10 يناير 2024، أعلنت الخارجية البرازيلية، أن الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا، وفي ضوء الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي، أعرب عن دعمه لمبادرة جنوب أفريقيا لمطالبة محكمة العدل الدولية بأن تأمر إسرائيل بالوقف الفوري لجميع الأفعال والإجراءات التي قد تشكل إبادة جماعية أو جرائم ذات صلة بموجب أحكام الميثاق. اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
من ضمن الدول التي أعلنت تأيدها لجنوب أفريقيا، في 10 يناير 2024، كانت كولومبيا بقيادة الرئيس جوستافو بيترو، وأنها تعتزم إنفاذ الأهداف السامية للاتفاقية التي هي أيضًا دولة طرف فيها، وبالتالي فهي على استعداد لمرافقة هذا الإجراء القضائي من خلال الموارد والأدوات الإجرائية التي يوفرها النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وممارساتها.
الجامعة العربية
خلال 10 يناير 2024، أصدرت أيضاً جامعة الدول العربية، بياناً تقول فيه أن أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، يؤيد بشدة الدعوى القانونية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لارتكابها جرائم الإبادة الجماعية وانتهاك اتفاقية منع التعذيب لعام 1948، وأن الجامعة على استعداد لتقديم الدعم اللازم لدفع القضية ودعم القضية الفلسطينية.
كوبا ولبنان
أعلنت كوبا في 11 يناير 2024، أنها ملزمة بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، مما يعني أنها تؤيد جنوب أفريقيا في الدعوى القضائية ضد إسرائيل.
في 11 يناير 2024، أعلنت أيضاً الخارجية اللبنانية تأيدها للجهود المبذولة من جنوب إفريقيا وحكومتها لموقفها برفع دعوى ضدّ إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية مما يشكل خرقاً فاضحاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
ألمانيا تدعم إسرائيل وناميبيا تعترض
أعلنت ألمانيا في 12 يناير 2024، أنها ترفض اتهامات بالإبادة الجماعية الموجهة ضد إسرائيل وأنها تنوي التدخل كطرف ثالث في القضية وفي جلسة الاستماع الرئيسية.
وردًا على ذلك أصدرت حكومة ناميبيا في 13 يناير 2024، بياناً تقول فيه إنها ترفض دعم ألمانيا لنية الإبادة الجماعية للدولة الإسرائيلية العنصرية ضد المدنيين الأبرياء في غزة، مشيرةً إلى أن ألمانيا عجزت على "تعلم الدرس من تاريخها المروع"، حيث ارتكبت على الأراضي الناميبية أول جريمة إبادة جماعية في القرن العشرين في الفترة من 1904 إلى 1908، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من النامييين الأبرياء في ظروف لا إنسانية ووحشية، ولم تقم الحكومة الألمانية بالتكفير الكامل بعد عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها على الأراضي الناميبية، وناشدت الحكومة الناميبية ألمانيا بأن ترجع عن قرارها في التدخل كطرف ثالث للمدافعة عن مذابح إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
الدول التي ساندت إسرائيل
بجانب ألمانيا التي أعلنت عن اعتزامها التدخل كطرف ثالث بجلسة الاستماع الرئيسية؛ أعلنت الولايات المتحدة، في 10 يناير 2024، أنها ترى ادعاءات جنوب أفريقيا، بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية لا أساس لها من الصحة، وأن من "يهاجمون إسرائيل بعنف" هم الذين يواصلون الدعوة علنًا إلى إبادة إسرائيل والقتل الجماعي لليهود.
لم تحدد محكمة العدل الدولية ميعاد الجلسة القادمة حتى وقت كتابة هذا التقرير، رغم ذلك ما زال العدوان الإسرائيلي على غزة مستمر، ومنذ 7 أكتوبر، فقد القطاع 23968 شهيداً، وأصيب أكثر من 60582، وبلغت نسبة الضحايا من الأطفال والنساء 70%، وهذا وفقاً لبياناً نشرته الصحة الفلسطينية في 14 يناير 2024.
وعلى الرغم من تعمد قوات الاحتلال إخفاء أعداد القتلى من صفوفهم، لكن جمعية "أصدقاء جيش الدفاع" الإسرائيلية أعلنت أنهم حتى 9 يناير 2024، فقدوا 519 قتيلاً.
المصادر