فى تقريراً أعدته الباحثة والصحفية الفرنسية كيلى ريوردان، الكاتبة بوكالة الأنباء الفرنسية والعاملة بمعهد رويترز للصحافة، تبحث مدى تأثير الوسائل الرقمية على شفافية الصحافة، حيث ترى ريوردان إن الوسائل الرقمية والتكنولوجية الحديثة مكَنت المؤسسات الإعلامية والصحفية من تحسين نوعية المادة الإعلامية والصحفية التى تُقدِمها للجمهور، وذلك باستخدام أدوات جديدة مثل تنشيط مشاركات وسائل التواصل الاجتماعى والسماح للقارئ ليس فقط بالتعليق، ولكن بتصحيح المقالات أيضاً فى بعض الأحيان! وتُستخدم هذه الوسائل فى أشهر الوسائل الإعلامية مثل بي بي سي وموقع الأعمال الأمريكية "كوارتز"، الذي أُطلق في عام 2012 واستطاع أن ينافس الإيكونوميست وبلومبرج.
تتساءل ريوردان فى تقريرها بوكالة الأنباء الفرنسية عما إذا كانت نزاهة وسائط الإعلام التقليدية تتأثر بالتطور الرقمى الحاصل، وهو ما دفعها إلى دراسة الأمر والبحث حوله للبت فيه، لتُصدِر لنا ورقة بحثية كاملة عن الأمر، والتى ضمنّتها فى تقريرها.
وفي سلسلة من المقابلات مع محرري جميع أنواع الصحف، اكتشفت ريوردان إن وسائل الإعلام القديمة ومستخدمي العالم الرقمي يستخدمون شبكة الإنترنت لتحسين منتجهم الصحفى على حد السواء، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها المطبوعات مع انهيار نموذج الطباعة القديم، فإن طرق العمل الجديدة والواعدة تتطور بالجمع بين أفضل معايير التحرير القديمة والطرق الرقمية الحديثة، وإن الإعلام الرقمى قد حتّم قواعد جديدة لإرساء المصداقية، يمكن للصحفيين من خلالها أن يخلقوا شكلاً جديدا من الشفافية، فعلى سبيل المثال، بالوسائل الرقمية، استطاعت هيئة الإذاعة البريطانية أن تمتلك فريق كامل متخصص لتحليل المحتوى المعلوماتى المتوفر على الانترنت، ويُعرَف هذا الفريق باسم محور UGC، ويستخدم أدوات قياسية للتحقق من كم المعلومات القادمة إلى غرفة الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعتمد الصحفيون بالبى بى سى على هذا الفريق اعتماداً كبيراً للتحقق من الصور ومقاطع الفيديو والمشاركات قبل استخدامها في قصصهم وتقاريرهم.
أما "الكوارتز" فهو ليس أقل حظاً من البى بى سى فى الأمر، حيث يستخدم ما يسمى "بالحاشية" أو الشروحات، والتي تسمح للقراء لتحديث وحتى تصحيح القصص أو المقالات، وبدلاً من ترك تعليقات القارئ في نهاية المقال خارج السياق، سمحت الكوارتز للقراء بالتعليق بجانب نقاط محددة في المقالات، وتبادل تلك الآراء مع الزملاء والأصدقاء وحتى مع كُتاب المقالات أنفسهم!
وتحذر ريوردان من بعض المواد الإعلامية التي تقول إنها تحتاج إلى مراقبة دقيقة وتحقق شديد لضمان عدم تهديدها لمعايير الشفافية، مثل الإعلانات المحلية، وتضيف "إن عدم وضوح الخطوط بين الإعلان والتحرير، والعلاقات العامة والصحافة يشكل خطراً على معايير الشفافية، لأن الفرق بين الإعلان والماركات التجارية والصحافة الحقة يس واضحاً تماماً للجمهور!".