يرى البعض إن الصحافة في مأزق كبير، يتملكهم الخوف بسبب انخفاض الإيرادات، وتسريح العمال، وإغلاق الصحف، فكلها عوامل تقول إن النهاية قد اقتربت، وإنه لم يعد هناك مجالاً للشك فى إن حقل الصحافة سيندثر عاجلاً أم آجلاً، لذلك كان إصدار تقرير مركز Tow عن الصحافة ما بعد الصناعة مناسباً جداً، حيث قدّم تحليلاً شاملاً لحالة الصحافة، كما قدّم توصيات قيّمة لتكيف الصحافة مع المرحلة الحديثة من الوقت الحاضر، وضرب أمثلة لصحفيين وممارساتهم ومؤسساتهم.
إن مستقبل الصحافة الذي نراه واضحاً من خلال ما نشره هذا التقرير، ما هو إلا مزيج مثير من الممارسات المبتكرة والقيم الصحفية، خصوصاَ "المساءلة"، فدور الصحفيين لم يعد يقتصر على العمل من مكاتبهم، وإنما النزول إلى ميدان الواقع، والدخول إلى كافة المجالات، وتغطية أغلب الأخبار، بما يجعلهم عمال مناجم، وفنانين ووسائل الإعلام، وكتاب ومحللين، كما يوثق التقرير تحولًا في سلطة المؤسسات والمنظمات الإخبارية، بحيث تنتقل من كيان كامل إلى الصحفيين الفرديين.
كما يطرح علينا التقرير تساؤل "ما هو الغرض من الصحافة؟"، فوفقا للتقرير، يتمحور غرض الصحفيين الأساسى حول الكشف عن المعلومات ونشرها، ولكنها تحتاج إلى القيام بذلك بطرق جديدة وأكثر تعاونية، وهو ما يحتم حقيقة إن الصحافة كمؤسسة تحتاج إلى التحديث، حتى لا تواجه مخاوف "الاندثار" والنهاية القريبة، وهذا التحديث يجب أن يشمل تغيرات منهجية هائلة، ليس فقط في الصحافة، ولكن على نطاق أوسع في المجتمع، هو ما يُحتِم انتهاء نموذج الصحافة ذا المعايير القديمة المرتبطة بنوع من المجتمع لم يعد موجوداً، وكما قال بيير بورديو، فإن الصحافة، شأنها في ذلك شأن أي مجال اجتماعي آخر، مجال نضال بين مختلف اللاعبين الذين يتنافسون على الهيمنة والسيطرة على العواصم الاقتصادية والرمزية والاجتماعية في الميدان. فالصحفيون، والمؤسسات الإخبارية موجهون عملياً نحو الحفاظ على الذات والهيمنة في الميدان، وهو ما يفرض عليهم تطوير أنفسهم لمواجهة المنافسين.
ويكمن نجاح تقرير مركز Tow في بدء حوار أوسع حول الممارسات الصحفية حيث يتجاوز مجرد إيجاد نموذج عمل جديد، ولكن هذا لا يكفي، ففي نهاية المطاف، يمكن للصحافة البقاء على قيد الحياة فقط إذا كانت لا تزال على صلة وثيقة بالمجتمعات، ولهذا، فإنه يجب التفكير في دورها المعياري في مجتمع أصبح ليس أكثر تنوعا فحسب، بل أيضا أكثر طبقية وأكثر تفاوتا وأكثر توترا.
دينا إبراهيم
تمتلك مديرة المرصد خبرة متميزة في الصحافة تتجاوز 17 عامًا، إلى جانب أكثر من سبع سنوات في مجال الرصد الإعلامي والتحقق من المعلومات، مما أكسبها مهارا...
تمتلك مديرة المرصد خبرة متميزة في الصحافة تتجاوز 17 عامًا، إلى جانب أكثر من سبع سنوات في مجال الرصد الإعلامي والتحقق من المعلومات، مما أكسبها مهارات استثنائية في هذا القطاع. حاصلة على درجة الماجستير في قيادة الاتصالات الرقمية من جامعتي بروسيلز الحرة وسالزبورج، وتواصل حاليًا دراساتها في مجال علوم البيانات، مدفوعةً بشغفها لتعزيز إمكانياتها في خدمة صناعة الإعلام. من أبرز إنجازاتها المساهمة في تطوير منهجيتي تقييم المحتوى الإعلامي المكتوب والتحقق من المعلومات وتأسيس قسم التحقق من المعلومات. نالت تقديرًا دوليًا، حيث حصلت، ممثلة عن الفريق، على المركز الثاني في تحدي الابتكار الشبابي حول الديمقراطية والحكم في إفريقيا، وفازت بتحدي الابتكار في مجال الإعلام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي نظمته الشبكة العربية الرقمية.
تشرف مديرة المرصد على جميع أنشطته وتضع خطط التطوير بالتعاون مع مسؤولي الأقسام واختيار فريق العمل، كما تتولى التنسيق بينهم وتحديد السياسة التحريرية للمرصد، وتكون المرجع في حال حدوث أي خلافات تحريرية أو تقييمية.
pages.topic.correctionStatement
pages.topic.requestCorrectionText 📱 pages.topic.contactUs