يحتفل المصريون يوم 15 أغسطس من كل عام بعيد وفاء النيل، وقد توارث المصريون تلك العادة عن القدماء الذين اختاروا هذا الشهر للاحتفال بالنيل لأنه شهر الفيضان، ليأتي محملًا بالطمي والماء، وتقديرًا منهم لمكانة النيل وما يبعثه من خير.
علق في أذهان المصريين صورة عن هذا الاحتفال تتمثل بإلقاء فتاة عذراء متزينة في النيل، لتكون قربانًا لإله النيل "حابي" ليتزوجها في العالم الآخر.
ومصدر تلك القصة معروف فهو فيلم عروس النيل للفنانة لبنى عبد العزيز ورشدي أباظة وإخراج فطين عبد الوهاب.
ما هي حقيقة تلك القصة؟
بالبحث عن حقيقة الرواية اكتشفنا أن لا يوجد مصدر واحد موثوق به أكد إلقاء المصريين القدماء لفتاة حية في النيل كقربان بشري.
جرت العادة قديمًا عن أن المصريين القدماء يلقون عروسة من الخشب في النيل خلال حفل عظيم يتقدمه الملك وكبار رجال الدولة.
القصة مصدرها المؤرخ الإغريقي بلوتراك الذي تحدث عن أن ملك مصرإيجيبتوس غضب بعد أن توقف النيل عن فيضانه لمدة سبع سنوات، فنصحه الكهنة بإلقاء ابنته في النيل ففعل ثم ندم ندمًا شديدًا فألقى بنفسه فى النيل فهلك مثلما هلكت.
بالبحث عن اسم الملك إيجيبتوس لم نجد له وجودًا إلا في رواية "بلوتراك".
جاءت القصة أيضا في كتاب "فتوح مصر والمغرب" للمؤرخ عبد الرحمن بن عبد الحكم، حيث ذكر أن عمرو بن العاص أرسل للخليفة عمرو بن الخطاب يستشيره في رغبة المصريين بإلقاء فتاة كقربان للنيل، والذي رفضها الخليفة لتنافيها مع الإسلام.
تناقلت الأجيال قصة بن عبد الحكم، على الرغم من عدم ذكر رواية إلقاء فتاة بشرية في النيل في النصوص المصرية القديمة.
يقول العالم المصري رمضان عبده في كتابه "حضارة مصر القديمة" إن ابن عبد الحكم كتب هذه القصة بعد دخول العرب لمصر بنحو 230 عامًا، فمن الممكن أن تكون رويت له من أحد المخرفين أو من تأليفه.
أكد رواية رمضان المؤرخ عبدالحميد زايد في كتابه "مصر الخالدة" وقال إن قصة ابن عبد الحكم أُحذوبة أو سوء فهم ووصفها بغير المعقولة.
توجد لوحات وبرديات تصف أحوال النيل وفيضانه وأزماته، ولم يرد فيها أي إشارة لفتاة عذراء تُقدم كقربان للنيل.
الباحث الفرنسي بول لانجيه تفرغ لدراسة قصة عروس وتوصل إلى أن المصريين القدماء كانوا لا يلقون بفتاة في النيل، ولكنهم كانوا يحتفلون بإلقاء سمكة من نوع "الأطم" وهذا النوع من السمك قريب الشبه من الإنسان.
وعالم المصريات دكتور أحمد منصور أكد من خلال دراسته أن المصريين كانوا يلقون تماثيل من الفيروز لضمان فيضان وفير، وأن إلقاء فتاة بشرية ما هو إلا خرافة.
مصادر
القصة عن بلوتراك
الشروق
سبب إشاعة القصة
أحمد منصور
المؤرخ عبد الحميد زايد