آلاء الكسباني كتبت :
يعانى العالم كل فترة من مخاطر كثيرة، تؤدي في العادة إلى كوارث إنسانية، وتحمل في طياتها خسائر فادحة، سواء على صعيد العامل البشري، أو الاقتصادى والاجتماعى!
فمعايشة كارثة إنسانية والنجاة منها بالجسد لا تعنى التخلص من آثارها في الروح والنفس، لإن تخطى أهوالها يحتاج إلى شجاعة عظيمة، وتتمثل الكوارث الإنسانية في نوعين، كوارث طبيعية لم يكن للإنسان يد فيها، كالزلازل، البراكين، الأعاصير، والمجاعات والفيضانات إلى أخره، والكوارث الناجمة عما اقترفه الإنسان من فساد فى الأرض، كالحروب والتفجيرات النووية والجرثومية والإرهاب الدولي والاستعمار وغيره...
ويهتز العالم بأسره جرّاء متابعة مثل هذه الأحداث، حيث تحمل النفس البشرية في ثناياها مفاهيم التعاطف ومشاعر المواساة للغير في ظل الكوارث والحروب، حتى ولو لم يكن المتابعين على علاقة بالمعنيين بالكارثة ولو حتى بالانتماء لنفس الوطن، وهو ما يدفع الجمهور في كل بقاع الأرض إلى متابعة الأمور عن كثب، وهو ما يستتبع بالضرورة تدخل المؤسسات الصحفية والإعلامية لنقل أخبار الكوارث الإنسانية أولاً بأول للجمهور مباشرةً ومن قلب الحدث، بما يضع الكثير من الصحفيين والإعلاميين على مختلف مهنهم من مراسلين ومصورين فوتوغرافيين أو مذيعين أو صحفيين في مواقف حساسة، تتعلق بالتفاعُل مع الضحايا ورؤية الكارثة عن قرب ومعايشتها إلى حد يمكن معه التعرض لأخطارها!
تتأثر حياة الإعلاميين والصحفيين المعنيين بنقل أخبار الكوارث الإنسانية للجماهير العريضة المتابعة من منازلها، تتأثر بشدة من هول ما يرونه و يعايشونه ويتعرضون له من أخطار، حتى إن البعض يجزم أنه لم يستطع نسيان حادثة بعينها، أو واقعة بذاتها، أودت بحياة الآلاف أمام عينيه أثناء تغطيتها، فرؤية من يصارعون الموت من المجاعات أو الهائمون على وجوههم الباحثين عن شربة ماء في ظل الجفاف، أو رؤية الدماء تتناثر والأشلاء تتبعثر في الحروب أو الحوادث الإرهابية قد تدفع من يعايشها إلى حد الاكتئاب وعدم الرغبة في الخروج لمواجهة العالم القبيح مرة آخرى.
ومع هذا، يرى البعض إن من المؤسسات الإعلامية والصحفية من يغالى في وصف المعاناة من أجل الحصول على أكبر قدر من المشاهدات، فتكون دراما لا تمت للواقع بصلة فقط من أجل أن يحرص الجمهور على متابعتها، كما يرى آخرون إن بعض المؤسسات الصحفية تتبع الانتقائية في تغطية الكوارث الإنسانية، بحيث تسلط الضوء على بعضها بينما تهمل غيرها لاعتبارات سياسية أو اجتماعية.
كما يظن الكثيرون إن الأمر في بداياته يكون صعباً على الصحفيين، لكنهم بمرور الوقت يعتادون الموقف، ويقل احساسهم بالاكتئاب من هذه الأمور شيئاً فشيئاً، ليتحول الأمر في النهاية إلى عملية ربحية خالية من أي مشاعر، تصل حتى إلى حد تنافس الصحفيين والإعلاميين على التغطية الحصرية لأكثر المصائب جلباً للمشاهدات.
وبهذا يمكن القول أن الصحافة ووسائل الإعلام لها اليد في حشد التعاطف العالمي تجاه الكوارث الإنسانية، وما ساهم في هذا هو امتلاكها لأدوات قادرة على وضع المشاهد في قلب الحدث.
ويرى البعض إن عملية تغطية الكوارث الإنسانية وإبرازها للمجتمع الدولي تعد رسالة الإعلام السامية، فمن خلال التقارير التي تقوم بها، تعمل الجهات المختلفة الرسمية واللارسمية في شحذ الهمم من أجل إرسال مساعدات عاجلة ومد يد العون للمنكوبين إزاء تلك الكوارث.
وفى ظل التقدم التكنولوجي الهائل والذي لم تعد وسائل الإعلام والصحافة هي القاصرة فقط على نقل المعلومة والخبر، إلا أن دورها التوعوي يظل هو الأجدر على القيام به لما تمتلكه من خبراء ووسائل تواصل قادرة على ما ذكرناه سابقا أن تضع المشاهد في قلب الحدث.
ومن الجدير بالذكر، إنه في بعض الأحيان لا يقتصر دور الصحف على النقل والسرد للأحداث، وإنما يتخطاه إلى ما هو أبعد من ذلك، عن طريق القيام بكتابة تقارير وتحليلات لبعض المتخصصين قد تكون ذات فائدة لبعض الحكومات والهيئات والمنظمات في كيفية التعامل مع تلك الكوارث في المستقبل إذا ما حدثت.