صحافة العصور المظلمة.. هل ترى شبيها لها اليوم؟

يبدأ الفيلم بعبارة (حدث ذلك كله في العصور المظلمة للعبة الصحف، عندما كان المراسل يستبيح كل شيء للحصول على القصة، إلا الجريمة، لن تروا في هذا الفيلم شبها بصحافة اليوم).

فيلم (His girl Friday) للمخرج الأمريكي (هاورد هوكس) صدر عام 1940 بطولة (غاري جرانت) و(روزاليند راسل).

تدور معظم أحداثه بالمكتب الصحفي للمحكمة الجنائية بأحد البلديات الأمريكية، حيث سيتم إعدام مدانا بالقتل، وهو رجلا يدعي (إيرل ويليامز) ويقوم بدوره الممثل الكندي (جون كوالين).

وما نعرفه عن هذه الجريمة من خلال الفيلم أن (إيرل ويليامز) فقد عمله وظل يبحث عن عمل لمدة طويلة، ثم في ظروف ما قتل شرطي بمسدس وكان هذا الشرطي من الذين يطلق عليهم (بالملونين أو السود).

ونظرا لحدوث الجريمة قبيل انتخابات البلدية فلم يشأ رئيس البلدية أن يفقد ناخبيه من (السود أو الملونين) لذا كان متعجلا ومصرا على تنفيذ عقوبة الإعدام بإيرل ويليامز.

 في المقابل تكون أحد الجرائد المشهورة -والتي يرأسها (والتر بيرنز) الذي يقوم بدوره (غاري جرانت).

تتبني هذه موقف داعما لإيرل ويليامز، وبغاية إرجاء حكم الإعدام يبعث والتر بيرنز وعدا عن طريق أحد مراسليه للحاكم، وهو يمثل سلطة أعلى من رئيس البلدية، يعده أن الجريدة ستدعمه في حملته الانتخابية إن أرجأ حكم إعدام إيرل ويليامز.

وذلك برغم أن اتجاه الجريدة السياسي مختلف ومخالف لاتجاه الحاكم السياسي، لكن أسلوب الخدع والاحتيال هو أسلوب أساسي يستخدمه والتر كصحفي من أجل تحقيق أغراضه.

تظهر (هيلدي جونسون) الصحفية ومطلقة والتر والتي تقوم بدورها (روزلندا راسل) لتبلغ والتر أنها ستتزوج من رجل آخر ولن تعود للعمل كصحفية وأنها تفضل أن تعيش بعيدا عن هذا العمل التي باتت تحتقره وتريد أن تشعر أنها امرأة وتبني بيتا هادئا وتعيش حياة حقيقية غير زائفة.

تدور أحداث الفيلم من خلال هذه الحبكة الدرامية حين يحاول والتر منع هيلدي من السفر والزواج بآخر وترك الصحافة، مستخدما عدة حيل وخدع، ويطلب منها أن تعمل عملا أخيرا له وللجريدة، وتقوم بتحرير وكتابة مقال عن إيرل ويليامز بعد مقابلته بهدف الوصول لإرجاء إعدامه.

أعتقد أن العبارة التي كتبت في بداية الفيلم كمدخل وهي:

((حدث ذلك كله في العصور المظلمة للعبة الصحف، عندما كان المراسل يستبيح كل شيء للحصول على القصة، إلا الجريمة، لن تروا في هذا الفيلم شبها بصحافة اليوم))

كانت مزحة كوميدية كأحداث الفيلم التي تدور في إطار كوميدي لطيف.

فحتى اليوم تستخدم الصحافة طرق العصور المظلمة، وإن كنت لا أعلم ماذا بشأن رفضها للقيام بجريمة قتل من عدمه، وقد توسع المجال ليشمل السوشيال الميديا وعناصر التواصل الاجتماعي الغير عاملين بالصحافة، والذي يحدث فيه تداخل بين الرأي العام وعناصر تشكيله بطرق مضللة.

السياسيون أيضا لا يخرجوا عن هذا الإطار، ونري في هذا الفيلم رئيس البلدية يسعي للإسراع في تنفيذ حكم الإعدام لتحقيق هدفه السياسي، في المقابل الحاكم يكون رجلا أعلي سلطة منه يعمل على إصدار قرارا بإرجاء حكم إعدام ويليامز لهدف سياسي أيضا، والاثنان هدفهما خاص لا يخص العدالة ولا مصلحة المجتمع..

الفيلم مميز بتسارع الأحداث والحوار. وطبقا لموقع ويكيبديا: (انضم الفيلم عام 1993 ضمن السجل الوطني للأفلام بمكتبة الكونجرس، ووقع في عام 2000 في المركز 19 في قائمة أهم 100 فيلم كوميدي).

مقال منقول عن متابعة المرصد أميرة أحمد