إنجي الطوخي تكتب: 10 نصائح لصناعة "فيتشر صحفي" مؤثر

01/11/2021 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: المهنية الإعلامية
إنجي الطوخي تكتب: 10 نصائح لصناعة "فيتشر صحفي" مؤثر

عند الحديث عن فن الفيتشر، يتبادر إلى ذهن البعض تلك الصورة الخيالية، أنه فن كتابة رقيق بسيط مخصص للفنون، الموضة، يركز على الجانب الإنسانى، وأن الصحفيين المتخصصون فى هذا المجال هم الأشخاص الذين يكتبون المواد الصحفية باللغة التي يختارونها، سواء كانت العامية أو الفصحى، وبأى شكل يناسبهم، فلا يوجد قالب ثابت، أو بداية مفروضة عليهم، أما الأهم فهو قصر المادة المكتوبة.

والاعتقاد السابق يجانبه الصواب، ويظهر فيه عدم الفهم لطبيعة الفيتشر، وخصوصيته، وأساليبه فى الكتابة، وأهم نقطة يجدر تصحيحها، هى أنه فن يصلح لأى موضوع، بداية من قطعة خفيفة بها الكثير من التفاصيل الإنسانية عن شخصية ما، وصولا إلى أصعب التحقيقات الاستقصائية وذلك بحسب مايكل هيجنز محاضر فى الصحافة والكتابة الإبداعية في جامعة ستريكلاند.

وعدم وجود قالب ثابت للكتابة له شروط، فلابد لصحفى الفيتشر فى المقابل أن يتسم بالإبداع والتجديد في كل مرة يكتب قطعة صحفية، ويدرك متى يستخدم العامية، ومتى يستخدم الفصحى، أما قصر المادة المكتوبة فهو من أصعب المهارات التي لابد من اكتسابها، لأن الصحفى عليه أن يقدم موضوعه بشكل إبداعي إنساني مميز، بأقل عدد ممكن من الكلمات دون الإخلال بالمعنى وهو ما يطلق عليه فن "التكثيف".

وهناك خطوات لابد من اتباعها لصناعة وكتابة قصص "الفيتشر" جيدة أهمها:

1- التجول الميدانى.. لا تمر فى الشارع مرور الكرام:

لا تندهش من النصيحة، فالشارع العادى المزدحم بالناس والعربات المسرعة والضوضاء الكثيفة، هو الفصل الأول في قصتك، فى فن الفيتشر الذى تنوى روايته للناس، هو المصدر الأول لقصصك. أي طريق تسير فيه، أى منطقة جديدة تزورها، أى رحلة تذهب بها، حتى لو كانت لشراء قطع حلوى صغيرة!، فلا تنس دراسة الأماكن والشوارع جيدا، وحول نفسك إلى آلة تصوير متنقلة، وراجع كل التفاصيل التى حولك، فلابد أنك ستجد قصة تروى.

2- الفضول الصحفي:

أحد أهم الوسائل للحصول على قصة فريدة من نوعها، بعد التجول الميدانى هو الفضول الذي يقود إلى طرح أسئلة والإجابة عليها، فالصحفي لن يتجول بلا هدف، بل لابد أن يكون للصحفى، المصور، أو حتى المدون، العين اللاقطة، التى يدرك أن وراء مشهد معين قصة جيدة، قد يظهر فى لافتة محل، ديكور غريب، منتجات مختلفة بعض الشئ عنوان، رقم تليفون، أحيانا شكل المبنى نفسه.

3- ادرس أحداث اليوم وأقرأها بعناية.. البحث:

فى بداية العمل الصحفي، قبل صنع خبرة كافية في العمل، قد نمر بموقف "لا توجد قصص فيتشر صالحة"، وهو أمر لا يبدو صحيحا، وتعد قراءة الصحف سواء كانت ورقية أو مواقع إلكترونية، وسيلة جيدة للحصول على أفكار من خلال طرح أسئلة مثل ما هو الحادث المهم الذي يسيطر على تفكير الناس ويشغل بالهم؟ ما هى القرارات التى لها تأثير على حياة المواطن؟، فأحيانا لكى نصل إلى قصص إنسانية تعبر عن المواطن، لابد أن ندرس القرارات التى تؤثر بشكل ما على حياته، والقراءة الواعية تساعدنا فى الكتابة الناضجة التى تستوعب كل التفاصيل والخلفيات المناسبة حول قصتنا.

4- صاحب المصدر:

فى فن الفيتشر، المصادر مختلفة تماما عن نظيرتها فى الأقسام الصحفية الأخرى، فهى ليست فقط المصادر الرسمية، التى تتسم بالجدية والرسمية فى التعامل، والمعلومات التى تصدر عنها مرتبطة بعامل الوقت، بل قد يكون المصدر مواطن عادى، صاحب كشك، فتوة، لاعب سيرك، صاحب محل عطارة قديمة منذ أيام الملك فاروق، سائقة تاكسى، حارس جراج، ولا تتوقف الأمثلة.

فالتخلي عن الرسمية في التعامل، وتحويل المصدر إلى صديق قد تصبح أفضل الطرق للحصول على المعلومة التى نرغب بها لكتابة فيتشر جيد، لأن بعض المصادر قد يخشى الحديث، باعتبار أن جزء من المعلومات التى يدلى بها، قد يكون متعلق بحياته، أو تاريخه الشخصى، بينما يخشى البعض الآخر استغلال المعلومات الصادرة عنه، وكتابتها بشكل خاطئ لا يوصل وجهة نظره، وهناك من لا يدرك أهمية المعلومة التي يمتلكها.

لذا فالخطوة الأولى هى وجود قدر من الكياسة والفطنة فى التعامل مع المصادر، ثم مصداقيته إن أمكن، حيث أن اطمئنان المصدر للصحفى ومصداقيته، سوف يجعله يدلي بتفاصيل القصة والمعلومات المهمة بشأنها بشكل سلس، بل قد يتحول إلى دليل لقصص جديدة أخرى.

ومن الجدير بالذكر أن الاستماع لحكايا الناس بشكل صادق وبحب، ترسم معالم الأنسنة لقصص الفيتشر قبل أن يرسمها الصحفي نفسه، فتصل القصة بدون جهد إلى قلب القارئ قبل عقله ويتعلق بها.

5- كن مستعدا دائما للصورة:

لا تسير فى الشارع حتى لو كنت فى نزهة دون أن يكون لديك كاميرا، أو هاتف محمول تم شحنه جيدا، فالصورة هي نصف فن الفيتشر ودليل مصداقيته، وهي العنصر الذي يشد القارئ للحكاية بجانب الكلمات المكتوبة. وفى بعض الأحيان قد تأتي مرة واحدة فقط، فهناك حكايات وقصص إذا لم تحصل على صورتها مباشرة، قد تحول الأسباب دون الحصول على صورتها مرة أخرى، مثل غياب صحابها، تأخر الوقت وغيرها من الظروف.

6- حصلت على القصة.. هيا إلى الكتابة:

حصلت على قصتك الرائعة، من فضلك انتظر لا تشعر بالراحة فهذه ليست النهاية، بل هنا يبدأ النصف الآخر فى طريق نجاح قصتك وهو الكتابة، فالفيتشر هو "حكاية إنسانية مختلفة، وصورة معبرة، وكلمات مكتوبة بعناية فائقة"، تنقل الحدث وترويه إلى القارئ العادى تشد انتباهه فلا يتركها إلا وقد أنهى السطر الأخير.

والصحفى فى الفيتشر ليس مضطرا إلى اتباع شكل الهرم المقلوب أو غيره، الذى يجيب على الأسئلة المعروفة فى البداية، بل يجب أن يتميز بالإبداع وتكثيف المعلومات وربط الأحداث بالزمن

وهناك ملاحظات يجب إتباعها بخصوص الكتابة:

- مقدمة ناجحة ..فيتشر ناجح:

الفيتشر الصحفى له قواعد واضحة مثل غيره من الموضوعات الصحفية، من حيث وجود مقدمة، ومتن وخاتمة، لكن شكل الكتابة مختلف ويظهر ذلك واضحا فى المقدمة، التى تعد مفتاح النجاح لجذب القارئ، وهناك 3 طرق لكتابة مقدمة جيدة:

- موقف إنساني يشد القارئ، لحظة درامية، فعل حدث منذ زمن قديم.

- اقتباس هو عبارة عن كلمات على لسان بطل القصة تبدأ بجملة "فعل وفاعل ومفعول" غير تقليدية، فيكون البطل هو الراوي.

- الوصف، للمكان أو الشخص بطل الحكاية، أو الحدث.

ويجب أن تكون المقدمة مختصرة، موجزة ، وترسم للقارئ ملامح القصة، ولا تزيد عن 15 % من إجمالي الفيتشر المكتوب.

المتن:

لابد للصحفى من:

- اختيار اللغة المناسبة للقصة التى يعمل عليها، فقصة بائع ورد لا يستخدم سوى اللغة العامية في حديثه، قد تختلف في لغتها عن أستاذ جامعى يعشق اللغة العربية ويدرسها للأطفال الصغار.

- الابتعاد عن الكلمات الصعبة المعقدة فلابد من شرح المصطلحات الجديدة.

- عدم استخدام ضمير الغائب.

- استخدام الأسلوب العاطفي الذي يخاطب وجدان القارئ، وليس الأسلوب الخبرى أو الأكاديمى.

- تكثيف المعلومة، أى تقديم المعلومات فى أقل قدر من الكلمات فلا يمل القارئ أو يشعر بالتشتيت.

- عدم استخدام الكثير من الاقتباسات بل يترك العنان لقلمه ليظهر أسلوبه الصحفى المميز عن غيره.

أما بالنسبة للخاتمة فلابد من تقديم نهاية للقصة بشكل ملخص وموجز، والإبداع الحقيقي يظهر فيها إن كانت المقدمة مرتبطة بالخاتمة.

7- الوصف:

أحد أسس فن الفيتشر الذي لا غنى عنه، والذي يعطيه ملمحا مميزا، ويجعله أشبه بفيلم ولكنه مقروء وليس على الشاشة، وهو الوصف.

فالأخبار والقصص الإخبارية تقدم معلومات وحقائق للقارئ فقط، وهو ما يفعله الفيتشر الصحفى أيضا، ولكن الاختلاف هو وجود الوصف لتفاصيل القصة الصحفية.

والوصف يشمل الحدث، تفاصيل المكان، ملامح الأشخاص، مشاعرهم، سلوكياتهم، لأنها تلقائيا تنقل القارئ الذى يجلس خلف شاشة الهاتف المحمول أو الحاسب الآلى إلى مكان الحدث، وبالتالى يرتبط بالقصة، وهنا لابد للصحفى إذا لم يكن لديه ذاكرة جيدة أن يدون ملاحظاته خلال تغطية الحدث سواء بالكتابة أو التسجيل الصوتى على الهاتف المحمول، حتى تكون عونا له في الكتابة.

8- العنوان:

هو المفتاح الذهبي للفيتشر، وهو الذي يجعل القارئ يأتى بنفسه إلى الصحفي لقراءة منتجه مقارنة ببقية الأنواع الصحفية الأخرى، فلا يجب على الصحفى أن يهمل العنوان فى قصته، أو يقدم عنوان مثير جذاب ولكنه خادعا، ففى كلا الحالتين سيغادر القارئ بلا رجعة.

والعنوان الجيد هو الذى يحكى للقارئ الحدوتة فى بضع كلمات قصيرة مع توضيح أهميتها، ذو لغة عاطفية وصفية، وأحيانا يستخلصه الصحفى منذ اللحظات الأولى في كتابة الفيتشر.

واللغة العربية لغة ثرية، فيمكن استخدام الأساليب البلاغية فى العنوان التى تصنع فى نفس القارئ الدهشة والإعجاب، فيتذكر العنوان دوما ويضرب به المثل حتى لو مر على القصة زمن!

9- الأصالة:

فى المعجم الوسيط كلمة الأصالة تعنى فى الرأى جودته، وفى الأسلوب ابتكاره، وعند الإنسان إبداعه، فالأصالة هي صخرة تميز صحفى الفيتشر التى لا غنى عنها أبدا.

والفيتشر الجيد إبداع إنساني غير شائع أو مكرر، سواء في الفكرة أو أسلوب الكتابة، فالصحفي دوما فى سباق ولكن ليس مع الآخرين بل مع نفسه من أجل البحث عن حكاية لم يكتبها أحد، يكون هو مصدرها الأول فى البحث والإنتاج ثم الكتابة، حكاية مبهرة تثير دهشة القارئ، وتجعله يفكر، وتحرك مشاعره، وهذا لن يحدث إن كان قرأ الحكاية في مكان آخر.

10- الجانب الإنسانى:

يطلق على الفيتشر الصحفى، القصة الإنسانية، لأن البطل فيها هو الإنسان، مقارنة بالقصص الإخبارية الأخرى التى يكون هدفها الأحداث. فالسؤال الذي يطرحه الصحفي في قصته ليس فقط ماذا حدث؟، بل من البطل؟ وماذا فعل؟ ولماذا فعل؟ وكيف كان حاله؟، ويصبح الصحفي كأنه يرسم لوحة كبيرة من التفاصيل الإنسانية الصغيرة بكتابة هادئة رقيقة تناسب الموقف، وتجعل القارئ يرى نفسه ومحيطه فى الكلمات المكتوبة، بل ويشعر أنه يمكن أن يكون بطل الحكاية.

فى النهاية على الصحفى المتخصص فى فن الفيتشر دوما أن يواصل تطوير أدواته الصحفية من المهارات اللغوية، أو التكنولوجية، لتقديم قصة إنسانية جميلة ممتعة تشد أذن القارئ وعينه ويتعلق قلبه بها، يدرك منها أن كاتبها ليس مجرد صحفى بل إنسان فى المقام الأول.

 

إنجى الطوخى

صحفية متخصصة فى فن الفيتشر والملفات الإنسانية

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية
//in your blade template