أكثر من ست سنوات منذ القبض على الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، منذ قيام ثورة ال25 من يناير عام 2011، ونحن في جدال قضائي كانت أروقة المحاكم المسرح الرئيسي لفصوله.
شهدت تلك المحاكمة ما بين محاميي الدفاع والادعاء وظهور واختفاء شهود وأدلة ، مئات التحولات الجذرية، والتى كانت عصباً رئيسياً فى غليان الشارع المصرى وامتلائه بالتناقضات والأحداث، وهو ما دفع المؤسسات الصحفية والإعلامية المحلية والعربية للاهتمام بها، فقد كانت الصحافة منفذا لجمهور الشارع لمشاهدتها بالبث الحى، ورؤيتها بتحليلات النقاد فى مقالات الرأى، ومعرفة أحداثها من خلال التغطية الصحفية المبااشرة، ليسدل الستار أخيراً على أخر مشاهدها، معلناً براءة الرئيس مبارك رسمياً، لتعلن الصحف المحلية والعربية والعالمية بنسخها المطبوعة والرقمية إنه فِي يوم الجمعة الموافق الـ 24 من مارس 2017 "وصول الرئيس السابق إلى منزله".
كانت للصحافة المصرية وبدورها العربية والعالمية أيضا اهتمام واسع في تغطية أحداث المحاكمة منذ بدايتها وحتى البراءة، وقد أفضى هذا الاهتمام إلى اصطلاح مفهوم صحفى بامتياز عليها، حيث سُميت ب"محاكمة القرن"، كونها محاكمة لأشهر وأقوى رئيس تم إسقاطه مع ظهور الربيع العربي.
غير إن مماطلات القضاء والاستغراق الطويل في مدد الجلسات والطعون التي قُدمت في القضايا التي حُكم عليه بها أصابت شيئاً من موضوعية الصحافة المحلية والعربية، وجعلت الأقنعة الصحافية تسقط، ليبرز انقسام حاد في الاّراء الصحفية من خلال الكتابات والمقالات المختلفة، فى حين التزمت الصحف الأجنبية بالحيادية التامة حيال القضية، وحرصت على تغطيتها بشكل مهنى وصحفى تام، إلا إن البراءة كانت سبباً فى ظهور بعض المقالات الصحفية فى الصحف الأجنبية والتى برز فيها نوعاً من التعجب والاستنكار وأحيانا السخرية، وبالرغم من تنافى موقفى الصحف العالمية والمحلية إلا إنه يتعذر لهم بإن هذا الحدث لن يتكرر، وإنه يدغدغ بشدة أهواء الكُتاب والصحفيين ورغبتهم فى التعبير عن رؤيتهم للأمر، والذى قد يتنافى بالطبع مع موضوعية الصحافة فى تغطية الخبر، إلا إنه يتسق كلياً مع حجم حدث جلل مثل محاكمة القرن!