نعيش الآن في عالم تملؤه مظاهر العنف ضد المرأة، وأصبح من المعتاد، بل من المتوقع رؤية تلك الحوادث! فبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، تتعرض واحدة من كل 3 نساء للعنف البدني أو الجنسي في حياتها.
وقبل أن نعرض بعض الأسباب التي أدت إلى استمرار وتزايد هذه الجرائم (والتي من أهمها دور الإعلام)، سنعرِّف أولًا العنف، ومظاهره التي تتعرض لها النساء (وخصوصًا في عالمنا العربي):
عرفت الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه: "أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
ومظاهره تشمل:
هل لاحظت أن ختان الإناث به أكثر من مظهر من مظاهر العنف ضد المرأة؟!
وبالعودة لجذور التربية والنشأة لمعظم الأشخاص، سنفهم جزءًا كبيرًا من أساس هذه المشكلة؛ فحين نقف عند الصور النمطية، نجد أن الأطفال قد تربوا على أن جميع الأعمال المنزلية من نصيب المرأة، في حين أن دور الأب في المنزل يقتصر على توفير عائد مادي للأسرة فقط.
أما عند بكاء أحد الأولاد الصغار، فنسمع بدلًا من المواساة تعليق"لا تتصرف كالفتيات"، في إشارة إلى أن المرأة هي مصدر خزي وضعف، بينما يعد الرجل مصدر قوة وفخر.
وبمناسبة مبدأ القوة والضعف، فهذا يأخذنا إلى نقطة مهمة للغاية، وربما يعتقدها البعض بعيدة عن الموضوع لكن يمكننا القول إنها عصب المشكلة، ألا وهي "ضرب الأطفال". فضرب الأطفال سواءً في البيوت أو المدارس بحجة التربية والتعليم، يرسخ في الطفل مبدأ "أن القوي والكبير له حق في انتهاك جسدي ولا يجب عليّ أن أعترض أو أدافع عن نفسي، لأنني أستحق هذا بسبب تصرفاتي الطائشة".
على الأغلب عقلك الآن قد ربط بين هذا الانتهاك وبين حوادث التحرش التي تحدث مرارًا كل يوم، وهذا لأنهما يدوران حول نفس المفهوم تقريبًا "أنا استطيع (قوي)، وهي تستحق (ضعيفة)".
لننتقل الآن إلى مبدأ لوم الضحية والتبرير، والذي يوجّه فيه المجتمع أصابع الاتهام نحو الضحية أو الفتاة، بدلًا من المعتدي أو القاتل، لتكون هي السبب في موتها أو انتهاكها لأنها خرجت في وقت متأخر، أو لبست ملابس معينة،...إلخ.
ما يعزز هذه الأفكار هو استخدام النكات الجارحة والتعليقات الساخرة عن المرأة، وتداولها بشكل معتاد من الرجال أو حتى النساء، للتهكم على أفكار أو شكل أو وزن المرأة.
والجزء الأكبر المسبب لاستمرار هذه التعليقات والحوادث يعود إلى سلبية المجتمع المحيط، وعدم اعتراضه بالفعل أو القول على ما يحدث أمامهم من انتهاكات، وهذا ما نراه كثيرًا في حوادث التحرش اليومية، التي تحدث أمام عدد لا بأس به من الأشخاص، ولكنهم يفضلون غض الطرف عن فعل الجاني، بل وقد يبررون بأن ملابس الفتاة هي من تسببت في ذلك.
وعن جرائم الشرف، فحدث ولا حرج، ولا ندري من أطلق هذا المصطلح الخادع على هذه الجرائم، لكن من المنصف أن يتم استبدالها بمصطلحات أخرى كـ"جرائم وحشية أو بلا إنسانية". وتدخل هذه الجرائم أيضًا تحت مظلة التبرير، فنجد أن الفتيات يقتلن بكل برود، وفي بعض الأحيان بدون محاسبة، على أيدي أحد أفراد العائلة، ولأسباب قد لا يصدقها عقل تتضمن تعرضها للاغتصاب أو للشك في سلوكها فقط.
ويأتي دور الإعلام معاكسًا تمامًا لما يفترض أن يقوم به، فبدلًا من إصلاح هذه الأسباب، يعمل على إبرازها وتعزيزها.
ونشاهد في التغطيات الإخبارية كوارث متعلقة بحوادث العنف ضد المرأة، فنرى عناوين كبيرة، تخدش خصوصية واحترام الضحية، بدون مبالاة لمشاعرها أو لمشاعر أسرتها، ولكن على النقيض، يتفجر سيل من الأسباب التي تعذر الجاني وأن الضحية هي من أغضبته أو أغوته، في مسرحية هزلية لا تحترم عقل المشاهد أو أساسيات الإنسانية.
ولا يقف دور الإعلام عند التغطية الإخبارية فقط، فهناك الإعلانات؛ التي دائمًا تحصر دور المرأة في التجميل والطبخ والتنظيف، والمسلسلات والأفلام التي تتضمن؛ نكات تسخر من شكل المرأة، أو أدوار تصورها على أنها إما شريرة أو ضعيفة. كما تُطبّع مشاهد العنف المتكررة الذي يؤديها نجوم محبوبين مؤثرين، مظاهر العنف والإساءة ضد المرأة؛ ليقتدي بهذه التصرفات الأجيال الصغيرة الهشة، لكي يثبتوا رجولتهم وقوتهم في المجتمع. وهذا أيضًا يجعلنا نتساءل لماذا يتم تصوير تسلط الرجل على المرأة على أنه مظهر مهم من مظاهر الرجولة؟
إليكم أمثلة من أعمال شهيرة لاقت انتشارًا على مدى السنوات الماضية، وتناولت بشكل صارخ انتهاكات ضد المرأة:
ونرى أيضًا في الإعلام، محاولة سلب طموح المرأة فيما يتعلق بأهدافها الخارجة عن نطاق المنزل (كالعمل والدراسة)، بل ويتم مهاجمتها والوصول إلى تجريدها من أمومتها ومشاعرها، إذا أصرت على نيل ما هو حق مشروع لها.
وهناك اعتقاد سائد، بأن الدراما هي مرآة المجتمع فقط ولا تملك التغيير، ولكن هذا غير صحيح، لأنه بالنظر إلى المعجبين والمعجبات الذين يقلدون المشاهير في طريقة الكلام والمظهر، نرى أنها وسيلة قوية ومؤثرة ويجب استخدامها بالصورة الصحيحة لتغيير الصورة النمطية للمرأة المنحصرة في كونها (ضحية أو تقليدية أو استهلاكية).
وهذه بعض الوسائل التي تحول الدور السلبي للإعلام إلى دور إيجابي (وخصوصًا فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية):
آثار العنف ضد المرأة:
وللتصدي لهذه الظاهرة علينا أن نتكاتف جميعًا، لردع كل هذه السلوكيات التي تؤثر على الكبير والصغير/ والمرأة والرجل، من خلال اتباع نصائح كثيرة، من أهمها:
لمزيد من الإفادة، زر هذه الروابط:
WHO - Violence against women: Strengthening the health system response - YouTube
Our Watch Ambassadors discuss the impact of media reporting on violence against women - YouTube
The media's role in preventing violence against women - Our Watch
مواقع التواصل الاجتماعي وتغيير "الصورة النمطية" للمرأة العربية - BBC News عربي
Role of media in preventing gender-based violence and crimes during the COVID-19 pandemic
إرشادات إعلامية لتغطية قضايا وجرائم العنف ضد المرأة | شبكة الصحفيين الدوليين
صورة المرأة في الاعلام العربي | اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة
Ways to help stop violence against women #WomenRights #OrangeTheWorld - YouTube
Frequently asked questions: Types of violence against women and girls | UN Women – Headquarters
المرأة في الدراما العربية | مجلة المجلة
Facts About Corporal Punishment
Can social media help in the fight against sexual harassment in Egypt? | openDemocracy