هل نقل لك صديقك يوما تصريحا مزيفا على لسان أحد المصادر، وعندما أخبرته عن شكك في صحته، أكد أنه رأه بعينه يقول ذلك في فيديو؟
بالفعل أصبح الانترنت ممتلئا بالفيديوهات الكاذبة والمضللة، التي ينشرها السياسيون وجماعات التأييد وملايين المستخدمين.
لذلك نشرت صحيفة واشنطن بوست دليلها لكيفية كشف تزييف الفيديوهات التي تبث أخبارًا كاذبة. يهدف هذا الدليل إلى توعية مستخدمي الإنترنت، على تمييز الفيديواهت المزيفة. وقالت الصحيفة إن التلاعب في الفيديوهات يتم بثلاث طرق رئيسية:
يظهر هذا النوع من الفيديوهات المزيفة من خلال شكلين: الأول: تحريف السياق، وهو عرض فيديو قصير، مقتطع من فيديو أطول.
ضربت واشنطون بوست مثالا على هذا النوع، بالفيديو الذي نشرته كاترينا بيرسون كبيرة مستشاري حملة دونالد ترامب، لصواريخ قالت إنها أطلقت من غزة على إسرائيل، لكن في الحقيقة كان الفيديو من بيلاروسيا.
الشكل الثاني هو عزل اللقطات عن السياق، مثل عرض الفيديو دون ذكر تاريخ تصويره، أو المكان الذي التقطت فيه. ومثلا، فقد حدث هذا مع نائبة الكونجرس الأمريكي إلهان عمر، والنائب ألسكندرا أوكازيو.، حيث فهمت بعض تصريحاتهم بشكل خاطئ.
يحدث هذا بإحدي طريقتين، الأولى: تقديمه على أنه يسرد القصة بشكل كامل، لكنه في الحقيقة يفتقد العديد من العناصر الأساسية.
ضربت واشنطون بوست مثلا على هذا النوع بما حدث مع المرشح الأمريكي للرئاسة سابقا جو بايدن حيث نشر البعض فيديو دعى فيه لـ"ثورة مالية"، عندما سُئل عن طريقة التعامل مع معارضي أجندته في مجلس الشيوخ. رغم أن الفيديو الصحيح ، لم يعرض لقطات قبل وبعد هذا التصريح، جعلت كلامه يُفهم بمعنى آخر.
والثانية: الربط بين تصريحات مختلفة، بطريقة تغير القصة الحقيقية. على سبيل المثال، ذكر أحد الأفلام الوثائقية التي كانت تروج لقانون التأمين الصحي في الولايات المتحدة الأمريكية، أن والدة الرئيس باراك أوباما توفيت بمرض السرطان، بينما كان لديها مشكلات مع التأمين. ترتيب اللقطات جعل الأمر يبدو كأن التأمين يرفض علاجها، لكن في الواقع، كانت مشكلة والدة أوباما تتعلق بأمر مختلف تماما عن هذا المرض.
ويحدث هذا من خلال شكلين:
الأول: إضافة صوت أو صور جرى تعديلها ببرنامج فوتوشوب، أو تغيير سرعة الفيديو. فمثلا، انتشر فيديو لنانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي، تتكلم بطريقة غريبة، وتظهر وكأنها في حالة سُكر. نشر هذا المقطع ملايين المرات، لكن اللقطة تم التلاعب بها.
الثاني: تلفيق فيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي وخلق صور وهمية ذات جودة عالية، ويتم محاكاة الصوت وصورة وملامح الشخص بشكل متقن، ليبدو أنه يقول كلاما، لم يتلفظ به في الحقيقة.
يسمى هذا النوع التزييف العميق، وقد انتشر مؤخرا من خلال بعض النماذج، منها:
فيديو لمؤسس موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك مارك زوكربيرج، يقول فيه إنه رجل واحد يتحكم في بيانات مليارات الناس.
هناك فيديو آخر لأحد الأشخاص يقلد الرئيس باراك أوباما، ويوجه سبابا للرئيس ترامب، وفي النصف الآخر من الشاشة يظهر أوباما وكأنه يقول نفس الكلام.
عام 2014، اخترع طالب الدراسات العليا إين جودفيلو تقنية تعتمد على تحليل البيانات، ويمكنها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة أن تحلل آلاف الصور، ثم تنتج صورة جديدة تماما لنفس لشخص، دون أن تكون نسخة دقيقة لأي منها.
وفق الجارديان، هذه التقنية قادرة على تحليل الأصوات، وإنشاء صوت جديد من صوت موجود، ونص جديد من نص موجود مسبقا.
لمدة 3 سنوات اقتصر استخدامها على مجتمع البحث في الذكاء الاصطناعي، حتى إنشاء تطبيقات سهلة الاستخدام، يمكن لأي شخص لديه إنترنت وصور لوجه شخص أن ينتج صورة مزيفة.
وفي أغسطس 2018، كشف فريق دولي من الباحثين في معهد ماكس بلانك الألماني للمعلوماتية، عن تقنية لإنتاج "صور فيديو عميقة"، تمكن مستخدها من محاكاة تعبيرات وجهه، وإظهارها على وجه شخص آخر.
مواجهة هذا النوع من التزييف تشغل بال الباحثين، ويسعى كثير منهم لإنتاج تقنيات لكشفه. لكن بالنسبة إليك، فإن فهم كيفية هذا التزييف ربما يساعدك على التدقيق والبحث قبل تصديق أي مواد بصرية مشكوك في صحتها.