GEOLOCATION.. التحقق عبر الأقمار الصناعية في القصص الصحفية

26/04/2019 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: المهنية الإعلامية
GEOLOCATION.. التحقق عبر الأقمار الصناعية في القصص الصحفية

كيف تقوم بأعمال مراسل الحرب وأنت جالس على مكتبك.. كيف تتحقق من شائعة تخص ساحة المعركة.. تؤكدها أو تنفيها، وأنت على بعد أميال منها، وكيف تتجاوز العقبات الأمنية واللوجيستية والمادية التي تقابلك لإنتاج قصة صحفية أكثر عمقا؟

THE GEOLOCATION  جزء معقد من منظومة إنتاج القصص الصحفية عبر المصادر المفتوحة، التي تمكنك عبر عدد لا حصر له من التطبيقات من إنتاج قصص تحقيقات استقصائية وقصص صحفية مبنية على  الموقع الجغرافي.

كانت البداية لدى موقع bellingcat الذي انطلق من لندن، لينتج عدد من القصص الاستقصائية تخص كل دول العالم عبر الأقمار الصناعية، مثل "الهند تجري تدريب جوي حربي  مفاجئ بالقرب من دكلام"، و"أين قتل الـ 21 مصري المختطفين في ليبيا؟"، للوهلة الأولى تظن أنك تحتاج لمصادر استخباراتية للإجابة على تلك الأسئلة، ولكن في الحقيقة لم يكن عليهم سوى التركيز لأيام، واستخدام المصادر المفتوحة لإنجاز القصة.

وصلت ثقافة bellingcat إلى مصر والعالم العربي، عبر تحقق صحفي هولندي من فيديو العثور على قذيفة صاروخية قرب مطار القاهرة، خلال ورشة تدريبية أعدها القائمون على موقع bellingcat على سبيل التدريب، والذي اعتبره البعض "درس في الصحافة"، واكتفى الجميع بتعليقات الانبهار.

من هنا بدأت في النبش لاستكشاف هذا العالم العجيب، ليس فقط بدافع الغيرة المهنية، ولكن بدافع تعزيز قدراتي الرقمية لإنتاج تحقيقات صحفية متعمقة. وبعد عدد من الدورات التدريبية كان أغلبها خارج مصر، بدأت في تنفيذ تجربتي الأولى برفقة زميلي الصحفي عبد الوهاب عليوة، لإنتاج قصة صحفية مبنية على الـ GEOLOCATION، لتحديد موقع وطريقة إطلاق قذيفة الكورنيت على طائرة وزير الدفاع المصري في مطار العريش في الشهر الأخير من العام الماضي.. وكانت المفاجئة أن ما كشفت عنه قصتنا الصحفية، هو ما أكده الرئيس المصري خلال مؤتمر صحفي بعد ما يقرب من شهر من الواقعة.

ولكن، كيف أنتجنا القصة؟

في البداية كان علينا تحديد موقع الطائرة داخل مطار العريش بدقة عبر بالإحداثيات، وهو جعلنا نعود إلى فيديو استهداف مطار العريش، الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، والتدقيق في خلفية موقع الطائرة بالضبط، ومن ثم تحديد الموقع على الأقمار الصناعية عبر google maps on line لاستخراج الاحداثيات، والعودة بها إلى google earth pro الذي يقوم بتحديد الموقع بدقة، فور إدخال الإحداثيات، ويتيح السير الافتراضي الثلاثي الأبعاد داخل الموقع

قد يستغرق العثور على الموقع الجغرافي الذي تبني عليه قصتك دقائق أول ساعات أو أيام، بحسب الملامح الظاهرة في الفيديو، والمعطيات التي لديك، ففي هذه القصة كنا نبحث فقط في داخل مطار العريش، بينما في قصص أخرى قد نبحث داخل كافة الصحراء الغربية على سبيل المثال.

لذا فالمعطيات الخارجية مهمة جدا، فعليك أن تقرأ جيدا ما كتب على مواقع التواصل الاجتماعي عن الحادث، أو الرجوع لمواطنين يعيشون بالقرب من الموقع، ليس لأخذ ما لديهم كمسلمة، ولكن للتحقق منه.

بعد تحديد الموقع الجغرافي للطائرة، عبر google maps on line و google earth pro، ذهبنا إلى تطبيق أكثر تقدما، يدعى wikimapia، أتاح لنا هذا التطبيق معرفة تفاصيل المنطقة، وأسماء المزارع والبيوت القريبة منها، وبالرجوع إلى معطياتنا التي تنحصر في "فيديو الاستهداف، تحديد الموقع الجغرافي عبر google maps on line و google earth pro، وتفاصيل الموقع الجغرافي عبر  wikimapia، وشهادات البشر من المنطقة، والبيانات الرسمية"، تمكنا من تحديد موقع الطائرة، واتجاه قدوم القذيفة.

كانت البيانات التي صدرت عن الجهة الإرهابية المنفذة للاستهداف، أكدت أن نوع القذيفة التي استخدموها هي "الكورنيت"، لذلك لم يكن من الصعب معرفة سرعة الكورنيت من مواقع متخصصة في توفير معلومات عن الأسلحة، وحساب مدة إنطلاق القذيفة منذ الإطلاق وحتى إصابة الطائرة، بحسب ما جاء في الفيديو، لحساب المسافة التي انطلقت منها، وتحديد موقع إطلاق القذيفة بالضبط.

أما التجربة الثانية، فكانت في بداية العام الجاري، حينما أصدر تنظيم داعش مقطع فيديو يحمل اسم "ملة إبراهيم"، يهاجم فيه حركة حماس، ويقوم بتصفية أحد عناصرها بدعوى أنه يتعاون مع السلطات المصرية، تضاربت الأقاويل حول موقع تصوير هذا الإصدار، وتناثرت الشائعات على مواقع التواصل الإجتماعي، بين أن هذا الإصدار تم تصويره داخل الأراضي المصرية، أم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وباستخدام الأدوات سالفة الذكر، تمكنت من مطابقة الشواهد الجغرافية الموجودة بالفيديو، مع خرائط الأقمار الصناعية عبر هذه التطبيقات، وتحديد موقع تصوير الفيديو بدقة بالإحداثيات والخرائط، وتحرير فيديو عبر تطبيق google earth pro، يعبر عن التطابق بين ما ورد في الإصدار، وصور الأقمار الصناعية التي أثبتت أن الفيديو تم تصويره داخل الأراضي المصرية.

التجربة الثالثة، لم يكن علاقة لها بالإرهاب أو الحروب، ولكنني كنت أعد قصة وثائقية حول "قرية القرنة" بالأقصر - التي بناها المعماري حسن فتحي لتكون أول قرية بنيت خصيصا كعمارة صحية للفقراء، وما حل بها من تجريف وإهمال، لم يكن غريبا أن أستخدم تقنيات الموقع الجغرافي للتحدث عن مكان، ولكن كيف كان لي أن أستفيد من تلك التطبيقات في هذه القصة؟

الإجابة هي أن تطبيق google earth pro، يوفر لنا مشاهدة صور الأقمار الصناعية للمواقع الجغرافية الآن، وفي السنوات سابقة، وهو ما جعلني أشاهد شكل قرية القرنة قبل أكثر من 10 سنوات، وشكلها الآن، ورصد ما حل بمبانيها من إهمال وهدم على مدار أكثر من 10 سنوات كاملة.

وفي النهاية، كي تبدأ قصتك الصحفية المبنية على تقنيات الـ GEOLOCATION، عليك أولا أن تجمع الوسائط المتعددة التي يبدو فيها ملامح الموقع الجغرافي، ومن ثم مطابقتها على تطبيقات الأقمار الصناعية سالفة الذكر، وبعد ذلك تحديد الإحداثيات، وتطويعها داخل قصتك الصحفية كيفما تشاء.

وإليكم، قائمة صغيرة بتطبيقات تحديد المواقع الجغرافية واستخداماتها في القصص الصحفية:

Google maps

تحديد المواقع الجغرافية عبر الأقمار الصناعية بشكل تقريببي واستخراج الإحداثيات.

Bing Maps

تحديد المواقع الجغرافية بصور أحدث أكثر دقة من صور google.

Dual Maps

يجمع بين خرائط الطرق من Google والصور الجوية والخرائط ثلاثية الأبعاد في أداة واحدة قابلة للتضمين.

GeoNames

قاعدة بيانات لأسماء المواقع الجغرافية بأساليب هجائية مختلفة بكل اللغات، لتسهيل البحث عن المواقع الجغرافية على تطبيقات الأقمار الصناعية.

Google Earth Pro

تطبيق يتم تحميله على حاسوبك بشكل مجاني، يتيح لك تحديد المواقع الجغرافية، وتحريرها في طبقات، وتحويلها إلى فيديو، ومشاهدة صور للمواقع الجغرافية عبر الأقمار الصناعية في سنوات مختلفة.

Wikimapia

تطبيق يتيح تفاصيل ومعلومات أكثر مما يقدمها Google / Bing مثل أسماء الشوارع الصغيرة، والبيوت والمزارع والمساجد.

وأخيرا، هذه التطبيقات هي مجرد قواعد بيانات وصور للأقمار الصناعية، لا يمكن الاستفادة منها في القصص الصحفية إلا إذا كانت لديك فكرة جيدة، وتساؤل ترغب في الإجابة عليه، يجعلك تمتلك المزيد من الصبر للتحقق من الموقع الجغرافي الصحيح، وبناء قصة صحفية دقيقة مكتملة الأركان.

 

بقلم - مها صلاح الدين

صحفية تحقيقات استقصائية رقمية بمؤسسة أونا للصحافة والإعلام "موقع مصراوي"

masrawy .com

 

للتواصل مع الكاتبة

fb: maha salaheldin

 

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية