الأكاذيب .. الصحافة .. الموضوعية

الصحافة و الموضوعية

تحت هذا العنوان كتب ديفيد ليونهارد في النيويورك تايمز عن موضوع في غاية الأهمية يمس صميم مهنية واحترافية العمل الصحفي وهي إشكالية قول الحقيقة في مقابل الخجل و الخوف من الوقوع فيما يسمى بالتفتيش في الدوافع أو ما نسميه في الواقع العربي التفتيش في النوايا، يريد ليونهارد أن يقول لنا أنك لا يمكن ألا تكون متحيزا و أنت تختار بين ما يجب أن تفعله و تقوله كصحفي و بين ما يجب أن تتجنبه أخلاقيا و يناقش ذلك من خلال تصريح لجيرارد بيكر رئيس تحرير صحيفة وول ستريت :

جيرارد بيكر، رئيس تحرير صحيفة وول ستريت جورنال، خلق ما يكفي من ضجة على شاشات التلفزيون في نهاية الأسبوع الماضي حيث قرر أن يشرح بعض الأمور بشكل كامل مع افتتاحية نشرت في صحيفته يوم أمس. تحب الصحافة أن تقوم بالفصل بين الأخبار و بين الآراء و هو ما يعني أن رئيس قسم الأخبار لا يكتب عادة في الرأي .

في هذه القطعة دافع بيكر عن فكرة أن الصحف يجب أن تتجنب استخدام كلمة "كذبة" لتصف أفعال السياسيين بما في ذلك دونالد ترامب كما قال في برنامج واجه الصحافة ونقل في كتابه الافتتاحية .

سأكون حذرا حول استخدام كلمة 'كذبة'.لأن 'كذبة' تعني أكثر بكثير من مجرد قول شيء غير صحيح. إنها تنطوي على نية متعمدة للتضليل ".

أعتقد أن بيكر صائب حول هذه المسألة ،حيث يجب على وسائل الإعلام أن تتوخى الحذر عند استخدام كلمة "كذبة" فهذا تفتيش في الدوافع ،لذا فعليها أن تستخدم هذه الكلمة نادرا ،كلمة "غير حقيقي" مناسبة وهي أسهل بكثير لمعرفة ما إذا قال هذا الشخص فعلا شيئا غير حقيقي أو أنه فعل شيئا ما عن عمد.

وبطبيعة الحال، فإننا غالبا ما ننسب الدافع للناس في سياقات أخرى. نحن نحلل قرارات المخرجين السينمائيين ورجال الأعمال والمدربين الرياضيين، ونعم، بالنسبة للسياسيين نستند جزئيا على ما يبدو أنه دوافعهم. لكن من المستحيل تحليل العالم بغض النظر عن الدافع.

في بعض الأحيان، هناك أدلة قاطعة على أن الشخص على بينة من الحقيقة والتي لا تزال يطلق عليها أكاذيب. عندما يكون هذا هو الحال، ينبغي أن نكون على استعداد للنظر في كلمة "الكذب" ، كما قال بيكر أيضا. لذا فإن الندرة لا تعني أنها لا توجد أبدا.

في جزء من مقابلته "واجه الصحافة" هناك جزء أزعجني ، كان الجزء الذي دافع عنه في الافتتاحية قال بيكر: "أعتقد أنه إذا كنت سأبدأ في التفتيش في النوايا الأخلاقية لشخص بالقول أنه قد كذب، أعتقد أنك أنت نفسك تكون عرضة لأن تكون غير موضوعي " .

الحقيقة هي أن هناك بعض وسائل الإعلام تقع دوما في مخاطرة تقرير اذا لو أنها تبدو غير موضوعية أو أنها تقرر ألا تكون موضوعية بالفعل .

كل من الجمل التقريرية التالية ، تنطوي على خطر الظهور وكأنها ذاتية بالنسبة لعدد كبير من القراء :

عملت الرأسمالية أفضل من أي نظام اقتصادي آخر. تفشل التخفيضات الضريبية عموما في تعويضها وتتسبب في عجز الميزانية لزيادة. الأنشطة البشرية تسبب الاحتباس الحراري وتؤدي إلى تدمير الكوكب.

ليس هناك مهرب من هذه التوترات و على وكالات الأنباء أن تقرر الاختيار بين أولوية أن تقول الحقيقة أو أن تبدو ذاتية في حتى بعد قولها أمام الجمهور . وول ستريت جورنال هي واحدة من الصحف الكبرى في العالم، وآمل كثيرا أن بيكر سيختار الصدق على الخجل عندما يتعلق الأمر بالاختيار بين الاثنين . رابط المقال الأصلي : https://www.nytimes.com/2017/01/06/opinion/lies-journalism-and- objectivity.html?_r=0