تنقية المحتوى العربي من الخرافات والشائعات هو هدف مبادرات عربية استخدمت أدوات رقمية وشكلت فرق عمل تعمل على مدار الساعة لوقف زحف الخرافات، والشائعات، والأخبار المغلوطة التي اعتاد نشطاء السوشيال ميديا تداولها فيما بينهم حتى أصبحنا متشككين في أي محتوى إعلامي يحظى بمعدلات تفاعل كبيرة على الشبكات الاجتماعية، وهو ما واجهته عدة مواقع عربية من أجل مكافحة الخرافات، والشائعات، والأخبار المغلوطة، وسنُلقي الضوء على التجارب العربية الآتية: موقع "فتبينوا" الأردني، وموقع "التقنية من أجل السلام" العراقي، ومرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد".
تحت شعار "نحو محتوى عربي خالِ من الخرافة" دشّن معاذ الظاهر، طالب بكلية الطب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، حملة "فتبينوا" في الأردن تحت رعاية شبكة (زدني للتعليم)، وهي عبارة عن منصة تثقيفية وتوعوية لمحاربة الخرافات والشائعات التي تعد آفة العصر الرقمي، وبدأ مشروعه بإطلاق قتاة على يوتيوب عام 2015 لمحاربة الإشاعات العلمية المنتشرة على الإنترنت، ثم قام بتدشين صفحة على فايسبوك والتي تفاعل معها المواطنون حتى وصلت نسبة المتابعين للصفحة 446,208 متابع، وهناك 3,774 متابع للحملة على تويتر، وبعد ذلك تم إنشاء الموقع الإلكتروني لحملة "فتبينوا".
ويقول مصطفى محمود طالب بكلية الطب جامعة الزقازيق، ومدير موقع "فتبينوا": "أُنشأ الموقع في تشرين الأول/أكتوبر 2017، ووقع اختيارنا على كلمة "فتبينوا" لأنها كلمة عربية قوية وتحمل العديد من المعانى المرتبطة بهدف حملتنا، ويهدف الموقع إلى مكافحة الخرافات المنتشرة على الإنترنت بكافة أنواعها لإيصال الحقيقة للجمهور، ولذلك حرصنا على تقسيم الموقع إلى أنواع مختلفة من الخرافات التي قمنا بتصحيحها، وهي: "خرافات إلكترونية"، و"خرافات اجتماعية"، و"خرافات دينية"، و"خرافات رياضية"، و"خرافات طبية"، و"خرافات فيزيائية"، و"مقالات فتبينوا العلمية" لإثراء المحتوى العربي بالمقالات العلمية المميزة، إلى جانب خاصية "إرسل خرافة" لزيادة التفاعل مع الحملة، حتى تمكنّا من الرد على قرابة 650 خرافة تم نشرها في الموقع.
نماذج من الخرافات التي يعرضها موقع "فتبينوا"
وأضاف محمود: "يتكون فريق العمل من أكثر من 60 عضواً في كافة أرجاء الوطن العربي فمثلاً: معاذ الظاهر مؤسس حملتنا في الأردن، ورؤى الخطيب مديرة تحرير الموقع في سوريا، وعبد الرحمن في السعودية، ود.علياء كيوان أستاذة البيولوجيا الجزيئية في مركز السرطان الألماني، ومحمد سمير رئيس فريق التصميم، ويكمل دورة العمل محرر يرد على تعليقات القراء، ومصممين جرافيك لإعداد المنشورات، وتقنيين مسؤولين عن رفع المحتوى على الصفحة".
وبشأن التقنيات التي يعتمد عليها فريق حملة "فتبينوا" لتنقية المحتوى العربي من الخرافات، يقول محمود: "نستخدم تطبيقات عديدة للتحقق من الصور والفيديوهات والتأكد من المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية مثل: استخدام البحث العكسي عن طريق البحث بالصورة للوصول إلى أصلها، إلى جانب سؤال الخبراء المتخصصين للتأكد من المعلومات، وإذا كانت الخرافة عن شخص ما فنقوم بالتواصل معه لمعرفة الحقيقة، ونستخدم https://images.google.com/ لأنه واسع الانتشار ويعطي نتائج مبهرة في عملية البحث، ومحرك https://www.refseek.com/ المخصص للباحثين، ويمتاز بأنه يشمل موارد متنوعة كالموسوعات، وصفحات الويب، والكتب، والمجلات".
وتابع قائلاً: " يقوم المتابعون بإرسال الخرافات لنتحقق منها، وتتوقف عملية التحقق على خبرة كل عضو في فريق الحملة بأدوات البحث على الإنترنت، فلا يوجد تقييد أو تحديد لوسائل بعينها، ولكن يجب أن يتحلى عضو حملتنا بالقدرة على إيجاد الكلمات المناسبة للوصول للنتيجة المرجوّة، وانتقاء المصادر الموّثقة التي نعتمد عليها في الرد، ولذلك نختار بعناية الأشخاص الذين ينضمون لحملتنا للتأكد من قدرتهم على تحقيق أهدافنا".
واختتم محمود حديثه معنا بأنهم يعملون حالياً على تطوير تطبيق خاص للحملة بشكل لم تقم به أي حملة مماثلة.
كما توجد تجربة أخرى في الأردن، هي "مرصد مصداقية الإعلام الأردني"، الذي يعد إحدى أدوات مساءلة وسائل الإعلام، ويعمل وفق منهجية علمية لمتابعة مصداقية ما ينشر في وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة، وهو أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني، وذلك بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية. ويصدر المرصد تقارير يومية، وشهرية، ومتخصصة، إلى جانب توفير خدمة للجمهور لإرسال الأخبار الزائفة والشائعات التي يودون التحقق منها وذلك من خلال إرسال مضمون الخبر على هذا الرابط.
وننتقل إلى التجربة العراقية في رصد الأخبار المزيفة بكافة أنواعها وذلك من خلال موقع "التقنية من أجل السلام"، والذي لاقى ردود فعل قوية على الشبكات الاجتماعية، فقد وصل عدد متابعين الموقع على فايسبوك 413,190 شخص متابعين، وعدد المتابعين على تويتر 6,400 متابع، وهناك 3,588 مشتركًا على قناة يوتيوب.
ويقول بحر جاسم المتحدث الرسمي باسم "التقنية من أجل السلام" لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "أنشأنا الموقع يوم ١ نيسان/ابريل ٢٠١٦ المعروف بكذبة إبريل في العالم وذلك كي تكون جميع أيامنا حقيقية وليست كاذبة، ونقوم بتكذيب الأخبار المزيفة، وغلق الحسابات الإرهابية والمتطرفة من خلال تلقي البلاغات والتحقق منها ومن هنا وقع إختيارنا على (التقنية من أجل السلام) لأن الحسابات المتطرفة غايتها زرع الطائفية، والعنف، والتفرقة وغيرها من الجوانب السلبية التي تحطم نفسية الشعب العراقي وتجعله كارهاً لبلده، إلى جانب تعزيز الأمن الرقمي للمستخدمين الذين يستخدمون الشبكات الاجتماعية الآتية: (فايسبوك، وتويتر، ويوتيوب، وإنستغرام). وقمنا بتصميم شعار الموقع على هيئة حرف (T)، والذي يتكون من خط أفقي باللون الأبيض والذي يرمز للسلام الذي نود أن ننعم به، وخط رأسي قصير باللون الأحمر والذي يرمز للأكاذيب، وذلك من منطلق أن الكذب مدته قصيـرة وسنواجهه في موقع "التقنية من أجل السلام".
وتابع جاسم قائلاً: "نتحقق من صدقية الفيديوهات والصور والموضوعات في كافة المجالات السياسية، والدينية، والاقتصادية، والاجتماعية، التقنية، حيث نبادر بتكذيب الأخبار المغلوطة مع تصويبها من خلال الاستعانة بالمصادر، ونستعين بمجموعة من المواقع، أبرزهما: موقعا https://citizenevidence.amnestyusa.org/، و http://www.invid-project.eu/ للتحقق من صحة الفيديوهات، بالإضافة إلى (البحث عن طريق كلمات معينة) وهي أصعب الطرق لكونها تحتاج إلى وقت طويل لاكتشاف الخبر في حالة عدم وجود أي نتائج بالطريقتين الأولى والثانية.
الصور مأخوذة من أصحاب المواقع الإلكترونية بعد الحصول على الإذن.
هذا المحتوى منشور على موقع شبكة الصحفيين الدوليين ijnet
بواسطة:أسماء قنديل
المحتوى قد يتضمن روابط نشطة لمزيد من الإيضاح