..
بعض الصحفيين قد يكون غير محترف أوعديم الخبرة ، و لكن العمل الشاق المجحف يجعل من الصعب اتباع القواعد حين يكون المقابل تقديرا ماديا ومعنويا أقل .
جئت إلى الصحافة في الوقت الذي كان الانترنت يعد فيه مصدرا فعالا للخبر،وكان أرباب عملي مثل كثير مما هو سائد في الإعلام هذه الأيام شديدي البطء في التعامل مع الحدث ،و بينما كانت غرفة الأخبار تزدحم بالأحداث الجسام ،كانت صحافة المواطن على مواقع التواصل الاجتماعي واحدا من المصادر ذات النفوذ في مجال الإعلام.
فجأة أصبح الجميع صحفيا، وهو ما جعلني أشعر بعدم الأمان في مستقبل عملي ،كان هذا ومازال تطورا مثيرا في مجال عملي و هو دمقرطة القدرة على نشر واستقطاب مجموعة واسعة من وجهات النظر ولفت انتباه الجمهور إليها، وجلب الكلمات والصور وأشرطة الفيديو من أنحاء العالم حيث الصحف التي تعاني ضائقة مالية وإلى حيث يخشى المذيعون الاقتراب و التصوير.
و لكن ذلك يعني أن الصحفيين أصبحوا زوائد لا قيمة لها ،فالمعلومات أصبحت متاحة مثل التراب بل وأكثر من ذلك ، فالخداع و التلاعب و العبث بالمحتوى الصحفي بالنسبة لهذا الجمهور الواعي أصبح أمرا غير مقبول و أكثر ضررا لسمعة الصحفيين ككل. و فضائح التنصت على الهواتف جعلت الأمور تسوء أكثر ،ولكن بالنسبة لي ومن تجربتي ومن خلال عملي كمراسل يحاول طوال الوقت استدراج الناس للحديث حتى في مواضيع غير مهمة ،يصر الناس على عدم وضع الثقة و ذلك من قبل تحقيقات ليفيسون.
و لمن لا يعرف فإن تحقيقات ليفيسون هو تحقيق علني قضائي في ثقافة و ممارسات وأخلاقيات الصحافة البريطانية بعد الفضيحة الدولية لمراقبة و قرصنة الهواتف تلك التحقيقات كانت برئاسة القاضي و الذي عقد جلسات استماع طوال عامي 2011 و 2012 ،و قدم توصيات لتحل محل لجنة شكوى الصحافة القائمة و التي تم الاعتراف بها رسميا من قبل الدولة.
و على أي حال فإنك ترى طوال الوقت في الوسط الصحفي من هم حاقد أو كسول أو معتوه و عديم الخبرة كما في كل مجالات العمل الممكنة ،و لكن كثيرا ممن قابلتهم كانوا يعملون تحت ضغط غير عادي ودون مقابل معنوي أومادي محترم . ولكن الكثير منهم مدربون على عين المحرر الذكي الذي يبحث في كومة الأخبار عن الملاحظات الذهبية المهمة .
أنا الآن في إجازة لذا أستطيع أن أرى من الخارج أن العمل الصحفي الذي يخرج للناس مهذبا و نظيفا سبقه الكثير من التعاسة و قلة النوم .
مؤسسات الإعلام الحالية لديها العديدمن المشكلات ،الحس الصحفي في العادة حس هواة تم تدريبه على الإحتراف ،وهذا جزء من فهمنا للعالم ،و لكن إذا لم يتم تقدير الصحفيين المحترفين قريبا فإن مهنية الصحافة ستكون في خطر .
من المهم تمويل هذا النوع الشغوف من الصحافة ، ليس فقط تقديرا لقدرتها على الحفر عميقا بحثا عن الهدف و الدقة والمهنية و لكن أيضا لأنها تضمن الديمقراطية .