يسأل كثيرون عن حالة الإعلام في إفريقيا، وإلى أين يسير؟ ويشكّل هذا السؤال بحدّ ذاته تحديًا كبيرًا.
سعيت في الشهر الماضي في بينين، إلى تقديم إجابات عن هذا السؤال خلال كلمة في "منتدى الشركاء الإعلاميين الجديين والمستقلين" في أوسيوا لوسائل الإعلام في غرب أفريقيا. كان هناك خمس نقاط سريعة متعلقة بمعظم وسائل الإعلام الأفريقية، على الرغم من اختلاف درجة تطبيقها في البيئات المحلية.
1. ترتبط وسائل الإعلام الأفريقية ارتباطا وثيقا بالإعلام العالمي
يعني إقتصاد وسائل الإعلام الرقمية العالمي أنه لا يوجد وضع إعلامي يختلف تماماً عن إفريقيا. ترتبط وسائل الإعلام الأفريقية ارتباطًا وثيقًا بالنظام العالمي لوسائل الإعلام، مع أن المثال الرئيسي هو أن صناعتنا متضررة ومستضعفة من قبل منصات الإنترنت الأميركية الكبيرة كبقية دول العالم.
2. المنتوجات الجديدة الجامعة بين التكنولوجيا والصحافة تسمح للصحفيين الأفارقة بسرد القصص بطرق جديد
إن أكثر الطرق انتشارًا في سرد القصص الجديدة هي الصحافة القائمة على البيانات، وهي الوجه الجديد (نسبياً) للصحافة القائمة على الأدلة والتحقيقات. لكن القائمة طويلة، مع أمثلة قوية من الروبوت، وأجهزة الاستشعار، والطائرات من دون طيار والصحافة القضائية، ومع الكثير من الإمكانات في مجالات الذكاء الاصطناعي والصحافة الغامرة، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
من المثير للسخرية تجاور هذه الأشكال الصحافية الثقيلة مع الموارد غير المريحة في غرف الأخبار. وصحيح أنه إذا كنت تكافح من أجل حث القراء على الدفع للأخبار، فمن الصعب أن تستثمر في ابتكارات الصحافة التي لم تجلب جمهورنا معها في بعض الحالات. ولكن على أقل تقدير، ستكون الصحافة التي تعتمد على البيانات حاسمة لبقائنا كغرف أخبار.
3.الحرب على الحقيقة أمر حيوي لغرف الأخبار الأفريقية
لقد تم تلقيننا جميعًا لغة الحرب على الحقيقة - لدرجة أن الكثير منا قد استنفد جميع التعقيدات والتضارب في حملات التضليل المختلفة تحت عنوان الأخبار المزيفة عديمة الفائدة. ولكن مثل جميع الحروب، فإن المناوشات والمعارك الفعلية ليست سوى خط المواجهة. كما يتم كسب الحروب وخسارتها في خطوط الإمداد واللوجستيات، ومن هنا تكون الصحافة أكثر تضررا: حيث تتلاشى العائدات والموارد (وربما الأكثر ضرراً من كل العلاقات) بسبب تغير وجه صناعتنا، والتي تفاقمت بسبب التغيرات في استهلاك الجمهور وإمكانية وصوله لمنصات الإنترنت الكبيرة.
4. الثقة في الأخبار أمر ضروري لنجاح هذه الصناعة
تُسهل منصات التواصل الاجتماعي التضليل ونشر الصحافة السيئة، وتجعل علامة وكالة الأنباء مجهولة. ووفقًا لدراسة حديثة، فإن أقل من نصف القراء (47٪) عادةً ما يلاحظون علامة وكالة الأنباء التي أنشأت المحتوى عندما يصلون إلى الأخبار في فايسبوك أو تويتر أو غوغل.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الناشرون أن المنصات هي التهديد الرئيسي لنجاحهم في عام 2018، أما التهديد الثاني لنجاحهم فهو عدم القدرة على الابتكار؛ وبالطبع، هذان أمران متشابكان. تجدر الإشارة إلى أن الإبتكار يكلف الكثير من المال، وفي عالم اجتذب فيه كل من فايسبوك وغوغل 84 في المائة من الإنفاق العالمي في عام 2017، لا توجد الكثير من الميزانية الزائدة التي يمكن أن تستثمرها وسائل الإعلام في مشاريع جديدة تهدف إلى تغيير هذا الرقم لصالحها.
سيكون من الصعب جدًا على وسائل الإعلام الإفريقية أن تبني نموذجًا للإيرادات من دون الولاء والثقة. نحن بحاجة إلى الناس لكي يعطونا المال، لأنه من دون المال، يمكن للحكومات والشركات إما شراءنا أو كسرنا. نحن بحاجة إلى أن يدفع الناس لكي تكون الصحافة حرة. ويرى 44٪ من الناشرين أن الإشتراكات هي مصدر مهم للإيرادات الرقمية في عام 2018، وأن مشكلة العثور على إيرادات جديدة أكثر إلحاحًا في البلدان النامية.
ووفقًا للإستطلاع الأخير الذي أجراه المركز الدولي للصحفيين الدوليين حول التكنولوجيا في غرف الأخبار العالمية، فإن حوالى 70 في المئة من غرف الأخبار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط تعتبر "تطوير مصادر دخل جديدة كتحدٍ كبير"، مقارنة بـ 44 في المئة من بلدان أميركا الشمالية.
5.يمكن أن يؤدي إنشاء علاقة أعمق مع الجماهير ورعايتها إلى عكس انعدام الثقة
نحن بحاجة إلى امتلاك البيانات الخاصة بنا، فقد قال اثنان وستون في المئة من الناشرين على مستوى العالم إن أهم مبادرة لغرف الأخبار هي "تحسين سعة البيانات". وهذا لا يعني فقط قدرتك على فهم البيانات الضخمة، بل لتنمية وحصد بياناتك الخاصة.
لم يكن الخطأ الكبير في الصحف هو التخلي عن محتواها مجانًا عبر الإنترنت: فقد كان ذلك عندما استغنوا عن قرّائهم مجانًا، وهذا عجرفة أكثر من كونه مجرد مصادفة.
إن إنشاء علاقة عميقة مع الجماهير ورعايتها هو ساحة المعركة المقبلة للإعلام، وهذا هو المكان الذي سيفوز أو يخسر فيه العديد من مراكز الإعلام.
يمكن للصحافة المعتمدة على البيانات أن تكون حصان طروادة لهذا، لأن الكثير منها يتعلق بجعل القراء جزءًا من القصة، سواء كمساهمين في تطور القصة أو كمنتجين للبيانات. الحرب على الحقيقة هي حرب يمكن لوكالات الأنباء الأفريقية أن تفوز بها.
ويمكن للفرص التي توفرها الصحافة الرقمية أن تكون أكثر قوة من التهديدات، ولكن الاستيلاء عليها يتطلب التزاما بإعادة السيطرة على علاقاتنا مع قرائنا، إن تبني استراتيجية تركز على البيانات جزء حيوي من ذلك.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على فليكر بواسطة ستيف باوبريك.
هذا المحتوى منشور على موقع شبكة الصحفيين الدوليين ijnet
بواسطة: Chris Roper