الوثائق والمستندات الرسمية المتوفرة عبر المواقع الإلكترونية للدول والهيئات والوزارات الحكومية يمكن أن تكون مصدرا لقصص صحفية مهمة، يمكن أن تكون بداية خيط أو تكون هي القصة بالفعل؛ وهي أحد أدوات النهج الاستقصائي في العمل الصحفي.
من خلال النصائح التي قدمها ديفيد كي جونسون، رئيس سابق لمنظمة الصحفيين والمحررين الاستقصائيين والحاصل على جائزة بوليتزر، والصحفي السابق في جريدة نيويورك تايمز ومن أشهر تغطياته الصحفية كيف يعمل النظام الضريبي الأمريكي بخلاف ما كان يتحدث عنه السياسيين، وذلك ضمن فعاليات ملتقى أريج السنوي العاشر للصحافة الاستقصائية المنعقد في البحر الميت في ديسمبر 2017.
أوضح جونسون أن هناك مؤشرات يمكن رصدها من خلال هذه الوثائق يمكن من خلالها مثلا أن نستبق الحدث أو الكارثة؛ فعندما يسقط جسر مثلا هذا يعني أن أحد المسؤولين مقصر في إتباع المعايير الصحيحة لبناء هذا الجسر.
وهنا يمكن أن نعود لكل تفاصيل بناء هذا الجسر لنعرف أين الخطأ ومن المسؤول عنه، ونعرف ما هي المعايير التي يجب أن تتبع من حيث الخامات والتكلفة والمدة الزمنية للبناء والصيانة الواجبة وغيرها من التفاصيل التي تمكن من معرفة موضع الخلل.
“عليك الحفر في جبل البيروقراطية لكي تصل إلى المعلومة التي تسعى ورائها”، هذه هي النصيحة التي وجهها جونسون مشيرا إلى اكتشاف الخلل أو التحايل يحتاج إلى صحفي يقرأ يحسن قراءة وتتبع الوثائق العامة.
تتبع المواقع الرسمية: كل الحكومات لديها السجل أو الصحيفة اليومية التي نجد فيها كل التغييرات في القوانين والأنظمة والقواعد وبالمثال أي مؤسسة مهما كان حجمها فهي لديها سجل لرصد القواعد والقرارات، على سبيل المثال الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي يعرف اختصارا باسم الفيفا، لديها قواعد يتم الالتزام بها وكل الحكومات على علم بهذه القواعد.
في البداية على الصحفي البحث في الوثائق الرسمية، وتقليص عدد الملفات التي يمكن التعرف عليها والتعامل معها والتعرف عليها، كثير من الدول التي لديها ملاذ ضريبي آمن لديها مواقع إلكترونية ومنها يمكن أن تعرف الوضع الخاص بدولتك.
على سبيل المثال الموقع الرسمي لوزارة الصحة المصرية بها معلومات عن الخدمات الطبية وقاعدة بيانات عن الأطباء وهي تعطيك فكرة عن ما تقوم به الحكومة من خدمات ومن خلالها يمكن أن تري مقارنات، ويمكن مثلا التعرف على والاشتراطات الوثائق المطلوبة وبالتالي مقارنتها بالوضع الفعلي لمعرفة أوجه القصور.
يمكن معرفة ما هو هدف إنشائها الجهة أو الهيئة؛ وتتبع هل تقوم فعلا بتحقيق هذا الدور أم لا، والمقارنة مع مهام هذه الجهة في الماضي، وهل حدث تغيير أم لا، وكل منظمة مهما كان حجمها لها هيكل تنظيمي؛ ومن خلاله تعرف الشخص الذي تود مقابلته.
مثال آخر لو هناك وكالة لجمع الأموال في الغرب هادفة إلى القيام بأعمال خيرية أو تطوعية؛ يمكن معرفة من المسؤول عنها ونظام عملها وهل حدث فيه تغيير، والمقارنة مع الوضع قبل تغييرها، بالتالي المهمة توضح لنا ما نريد وكل منظمة لديها التقرير السنوي ويكون هناك مساءلة داخلية، والتقارير السنوية الهدف منها جعل الوكالة في مظهر جيد وليس من الذكاء الكافي أن يكذبوا.
وبين الحين والآخر يوجد تقرير سنوي به كذب أو بيانات خاطئة، وتستطيع في هذه الحالة توجيه اتهام أن هناك كذب أو بيانات خاطئة وتستطيع توجيه الاتهام.
جدولة البيانات البيانات الرسمية والسجل العام والإيرادات تعتبر مصدر مهم للمعلومات يمكن مقارنتها وتتبع تطور مشروع معين، كما يوجد أيضا تفاصيل تقنيه وفنية يمكن تتبعها، على سبيل المثال عند إعداد تقرير عن الأنفاق على سبيل المثال يمكن رصد مواصفات المشروع والتدفقات المالية والمركز المالي في نهاية كل عام، ويمكن ملاحظة التغير والاختلاف في البيانات.
أيضا عند التعامل مع القوائم المالية تحتاج إلى محاسب متخصص لعرض هذه القوائم عليه، وإذا أرادت الدولة الرجوع إلى مستثمر أجنبي أو ممول تعرض الأرقام عليه؛ وهي القوائم السنوية وقد يكون التعقب سنوي، حيث تضع الحكومة هذه البيانات على موقعها الإلكتروني الرسمي لأنها تراها جيدة؛ وبالحصول على بيانات الأعوام السابقة ومقارنتها ببعضها البعض يمكن ملاحظة ما يحدث من تغيير ثم السؤال عنه.
يمكن استخدم جداول Google spread sheet للمقارنة بين النسب وهي أداة مجانية، كما ينصح أيضا بالاهتمام ببرامج Excel وتوسيع قاعدة استخدامها في العمل الصحفي، ويمكن الرجوع إلى متخصصين في علم الإحصاء أو المحاسبة.
السير الذاتية: أنظر دائما إلى السيرة الذاتية للمسؤول الحكومي، عليك الاحتفاظ بملفات بأسماء المسؤولين والسير الذاتية لمسؤولين حاليين وسابقين ويمكن المقارنة بينهم.
كما أن المواقع الرسمية للوزارات والجهات والهيئات الحكومية تضم جدول اللائحة التنظيمية يحدد الأشخاص ومهامهم كما يوجد سجل بالبريد الإلكتروني والهاتف، ويذكر ديفيد كي جونسون عندما شارك في تحقيق وثائق ووترجيت الشهير تم معرفة رقم تليفون الشخص المسؤول عن ترشيحات الرئاسة من خلال الوثائق الرسمية.
على سبيل المثال يمكن العثور على معلومة ملفقة في السيرة الذاتية لأحد المسؤولين وهي قصة صحفية مهمة.
يمكن من المواقع الإلكترونية للجهات المانحة معرفة مقدار المنح وبالتالي تتبعها ويمكن أن تستخدم هذه المعلومات لدحض أو إثبات أي فساد مالي وإهدار.
ويمكن تتبع العشيقات للمسؤولين أو السياسيين مثلا غضبهم يمكن أن يكشف عن معلومات لم تكن معروفة، أي شخص مهما كان له داعمين فهو بالتأكيد لديه أخطاء يمكن تصيدها. هناك دائما أثر يمكن أن نقتنيه من خلال المستندات.
أحيانا يكون من الصعب الاقتباس من أي مذكرة أو مستند، لكن يمكن الإشارة إليها وإلى أي تغيير حدث فيها كما أن كل حكومة تحتفظ بسل لتصرفاتها يمكن تتبعه ومعرفة وصل إلى أين.
هذا المحتوى تم نشره في الشبكة العربية لدعم الإعلام (الصوت الحر) بواسطة الصحفية والمدربة المصرية: الأستاذة علياء أبو شهبة***