كيف تصبح محترفًا في تدقيق القصص المدفوعة بالبيانات؟

15/08/2023 
5 دقائق للقراءة
كتابة: AkhbarMeter 
التصنيف: المهنية الإعلامية
كيف تصبح محترفًا في تدقيق القصص المدفوعة بالبيانات؟

أن تكون مدققًا للمعلومات، هذا أمر يتطلب حسًا نقديًا، وخبرة في التحقق، ومهارات تقنية وبحثية عدة، ولكن أن تكون مدقق معلومات متخصصًا في تدقيق البيانات، فهذا هو الأصعب!

ذلك لأنك مطلوب منك كل ما سبق إلى جانب ممارسة متقدمة لمهارات صحافة البيانات، حتى تنجز المطلوب على أكمل وجه، وفي الوقت المحدد. 

أزعم أن لدي تجربة في صحافة البيانات، تكمن قوتها في أنني جعلت منها صميم عملي اليومي، فأنا أتعامل مع تطبيقات التجريف - أي استخلاص البيانات من مصادرها المختلفة دون الحاجة إلى نقلها يدويًا - وجداول البيانات، وأدوات التصميم بشكل يومي، من خلال الأخبار والتقارير اليومية، وحتى التحقيقات والقصص المُعمقة، وهو ما جعلني مدققة معلومات متخصصة في تدقيق القصص المدفوعة بالبيانات، متعاونة ومعتمدة من شبكة أريج منذ عام 2020. 

خلال تلك الأعوام، دققت عشرات التحقيقات والقصص المدفوعة بالبيانات، وواجهت العديد من المواقف، وحصدت من خلالها الكثير من الخبرات. 

ما هي قصة البيانات؟

القصص المدفوعة بالبيانات، هي قصص الدافع لإنتاجها هو البيانات في المقام الأول، أي أنه بدون البيانات لا نستطيع أن ننتج القصة، أما التحقيقات المدفوعة بالبيانات، هي في الأساس فرضية تحاك عبر استنتاجات البيانات، وتشبه كثيرًا الدراسات العلمية، مثل أننا نفترض أن ارتفاع نسبة الجريمة في منطقة ما مرتبطة بارتفاع نسبة البطالة، أو أن منطقة ما خارج حدود التنمية من خلال تقليص الدعم المادي المقدم إليها عبر السنين. 

في القصص والتحقيقات العادية، يقوم مدقق المعلومات، بتدقيق القصة كلمة بكلمة، والتحقق من صحتها وفقًا للمصادر المستندة إليها، يدقق التواريخ، والأماكن، والقوانين والدراسات، ويستمع إلى المقابلات، ويدقق الاقتباسات. بينما في القصة المدفوعة بالبيانات، والتي تمر بمراحل عدة تحتاج إلى مهارات متقدمة، مثل البحث وتجريف البيانات، وتنظيفها وتحليلها، ثم اختيار الشكل الأمثل لتصميمها، وكتابتها في سرد قصصي مبسط للبيانات، ما يتطلب مهارات إضافية. 

فأنت كمدقق معلومات متخصص في تدقيق البيانات، تقوم بتدقيق جميع تلك المراحل، لهذا يجب أن تكون متمرسًا من جميع تلك المهارات بدقة وسرعة، حيث أنه عادة ما يتم تدقيق القصة أو التحقيق الذي استمر العمل عليه شهورًا في مدة تتراوح من أسبوع لـ 5 أيام.  

أخطاء شائعة!

وكوني مدققة معلومات هذا لا ينفي أنني صحفية بيانات وتحقيقات في الأساس، أغوص في الأوراق، وأغرق في البيانات، وأخطئ أحيانًا وأنا أكتب التحقيق من فرط حرصي على وليدي الجديد، وهو ما يجعلني دائمًا ما أرى نفسي كمدققة، عنصرًا مكملًا للقصة التي أقوم بتدقيقها، هدفه في المقام الأول مراجعة وتجويد التحقيق، وتلافي أي أخطاء تقع سهوًا من الصحفي الزميل، أو محرر القصة. 

وهو ما جعلني أرصد عددًا من الأخطاء الشائعة في القصص المدفوعة بالبيانات، ألخصها إليكم في النقاط التالية: 

  • الاستناد على إحصائيات قديمة، أي أصدر منها نسخًا محدثة أثناء العمل على التحقيق، من دون علم الصحفي، وهو ما قد يغير سياق أو مسار الفرضية ككل. 
  • تجريف أو نقل البيانات بشكل خاطئ، من مصادرها الأولية، مثل دمج صفين من الأرقام في عمود واحد، أو استخلاص جدول غير صحيح عن طريق الخطأ، وهو ما قد يعيد الصحفي إلى نقطة الصفر في قصته.
  • أخطاء تنظيف البيانات سواء في هيكل البيانات أو أخطاء الإدخال، فتخيل أن تحصي محافظة "الجيزة" على أنها محافظتين، لكونها، كتبت مرة بـ "التاء المربوطة" ومرة بـ "الهاء" بدون نقاط، فتخرج معك نتائج تحليل البيانات مضللة. 
  • أن يحلل الصحفي البيانات، محتسبًا خانة المجموع، فجميع القيم الذي يستنتجها تصبح مضاعفة! 
  • أن يتجاهل الصحفي بسبب قلة الخبرة أو التسرع إتمام تحويل الأرقام إلى نسب مئوية أثناء عملية التحليل، فتصبح منقوصة. 
  • أن يخطئ الصحفي في كتابة المعادلات، أو الخانات التي يريد تطبيق المعادلة عليها، فتخرج أيضًا النتائج مضللة. 
  • أن يتضمن ملف التحقيق أكثر من جدول للبيانات المكررة، فيعمل مدقق المعلومات على جداول، ليست هي بجداول التحليل النهائية. 
  • أن يختار الصحفي شكل مخطط بياني غير مناسب للإجابات التي يريد استخلاصها من البيانات. 
  • أن يبالغ الصحفي في تقريب النسب أو الأرقام، مثل أن تكون نتيجة التحليل 72% فيكتب في النص أنها قاربت على الـ 80%! على الرغم من أن الفارق كبيرًا، وتكون هنا الصياغة الأصح "ما يزيد عن 70%".
  • أن يفترض الصحفي نتائج لخدمة فرضيته، ليست مثبتة عبر تحليل البيانات، ويحاول تطويع البيانات بكل الطرق لإثباتها، وهو ما ينتج عنه تضليل. 

 وبناء عليه ما هي خطوات تدقيق القصة المدفوعة بالبيانات؟!

في الأساس يجب أن يعمل مدقق المعلومات المتخصص في تدقيق البيانات، على جميع الخطوات التي يقوم بها أي مدقق معلومات، يُسطر المعلومات الواردة في القصة كلمة بكلمة، ويتحقق منها، سواء كانت تواريخ، مواقع جغرافية، قوانين، صور، فيديو، وثائق، ترجمات، اقتباسات... إلى آخره، يقوم أيضًا مدقق المعلومات بشكل عام بتدقيق الإحصائيات، أي يرجعها إلى مصادرها الأولية، ويتأكد ما إن كانت أحدث نسخة، وهنا ينطلق مدقق البيانات في مهمته الخاصة، والتي تتلخص في النقاط التالية: 

  • البحث والتحقق من مصادر البيانات من مصادرها الأولية، حتى وإن كانت بيانات غير مفتوحة المصدر، مثل الاستبيانات، فعليه أن يتحقق من جميع مستندات الاستبيان كافة، ومنهجية جمعه والعمل عليه. 
  • التحقق مما إذا كانت هناك نسخ محدثة صدرت من البيانات نفسها أم لا، وهنا على المدقق أن يسأل محرر القصة والصحفي، عما إذا كان هناك سياق أو معيار لاختيار تلك الفترة الزمنية، فربما يعمل على قصة تعود إلى حقبة تاريخية قديمة أو محددة، أما إذا لم يكن هناك مبررًا تحريريًا، فعلى الصحفي الاستناد على البيانات الأحدث. 
  • على المدقق التحقق من أن عمليات استخلاص وتجريف البيانات تمت بشكل سليم، ولم تتضمن أي أخطاء قد تؤثر على عملية التحليل، مستندًا على أدوات مثل Tabula، Table capture. 
  • على مدقق البيانات، مراجعة عملية تنظيف البيانات، والتأكد أنه ليس هناك صفوف تم تكرارها، أو أخطاء في الإدخال كما التي أشرنا إليها من قبل، عبر استخدام الفلاتر في جداول البيانات، كما أن عليه أن يتأكد أنه ليس هناك أخطاء في هيكل البيانات، في طبقات صفوف الأعمدة، أو وجود أعمدة أو صفوف مخفية لم يدرك الصحفي أو المحرر وجودها. 
  • مراجعة جميع المعادلات وعملية تحليل البيانات كاملة، والتأكد من صحة العملية، وصحة النتيجة. 
  • مراجعة البيانات المدرجة في المخططات البيانية، والتأكد من نقلها من جداول البيانات بشكل سليم، استيفاء المخطط البياني على جميع العناصر المطلوبة، مثل العناوين والمصادر. 
  • مراجعة سياق المخططات البيانية، والتأكد من أن المخططات المختارة مناسبة للإجابة عن الأسئلة المطلوب استنتاجها من البيانات، وواضحة لكي تصل إلى المتلقي بسهولة. 
  • مراجعة استنتاجات البيانات في القصة واتساقها مع الفرضية المطروحة والمطلوب إثباتها، دون تطويع مقصود وغير منطقي من صانعي القصة. 
  • مراجعة جميع الملاحظات التي وضعها المدقق نفسه، والتأكد من صحتها، لأنه أيضًا قد يخطئ!
  • مراجعة جميع تعديلات المحرر والصحفي لجميع الملاحظات خطوة بخطوة، والتأكد من صحتها، لأنه وعن تجربة قد تتضمن التعديلات أخطاء أخرى.
  • كتابة التقرير النهائي للتدقيق، وتوصيات مدقق البيانات بالنشر، أو إعادة النظر في أي ركن من أركان القصة، وإدراج الملاحظات التي لم يتم تعديلها، أو التي كان محل جدال بين المحرر والمدقق، لاتخاذ القرار التحريري فيها من الإدارة العليا المنتجة للقصة. 

إذًا، ما هي المهارات التي يجب عليك أن تتقنها لتكون مدققًا محترفًا للبيانات؟!

  • البحث المتقدم عن مصادر البيانات بأنواعها المختلفة. 
  • مهارات البحث داخل سجلات البيانات بعد العثور عليها لاختصار الوقت. 
  • مهارات استخلاص وتجريف البيانات من جميع الملفات بمختلف أنواعها. 
  • مهارات تنظيف وتحليل البيانات، والتمرس منها بسرعة ودقة. 
  • مهارات تصميم البيانات، والتعرف على جميع المخططات البيانية والاستخدامات المناسبة لها، وبرامج تصميم البيانات المختلفة. 
  • مهارات مساءلة البيانات، واستنتاج وكتابة الفرضيات المتعلقة بها. 
  • وأخيرًا التمكن من تلك الأدوات، وجعلها من صميم عملك اليومي، حتى تصبح مدقق بيانات محترفًا.

وأخيرًا، إليكم حقيبة من الأدوات والمصادر، التي يمكن أن تساعدكم على ذلك: 

  • بحث جوجل المتقدم.
  • مصادر البيانات المفتوحة الشهيرة، مثل بيانات البنك الدولي، منظمة الصحة العالمية، معهد ستوكهولم لبحوث السلام. 
  • مساعد الصحفيين من Google pinpiont الذي يتيح لك البحث داخل الملفات والوثائق. 
  • آداة تجريف البيانات من ملفات pdf والتي تدعى Tabula. 
  • آداة تجريف البيانات من مواقع الويب والتي تدعى Table capture. 
  • معادلات وأدوات تنظيف البيانات على Google sheets، مثل ازالة المسافات الزائدة عبر دالة TRIM، وتقنية البحث والاستبدال، ،الفلاتر. 
  • معادلات وتقنيات تحليل البيانات على Google sheets، وأهمها الجداول المحورية، ومعادلات الجمع، المتوسط، والحد الأعلى والحد الأقصى، والنسبة المئوية ومعدل التغير. 
  • دراية كافية بجميع الأشكال البيانية واستخداماتها المناسبة، ويمكنك أن تستخدم تطبيق Flourish لمساعدتك في ذلك. 

 

مزيد من المقالات

نشرة أخبار ميتر
للاطلاع على تقييمات المواقع الأكثر شعبية وأبرز الأخبار الكاذبة.
نحن نهتم بحماية بياناتك. اقرأ سياسة الخصوصية
//in your blade template