إعلانات شراكة تواصل معنا

عندما يصبح المواطن حارسًا للبوابة

22/08/2021 |

5 دقائق للقراءة |

كتابة: AkhbarMeter |

التصنيف: المهنية الإعلامية

هل تعلم أن أبرز الأحداث والأخبار التي نقلت لنا على مدى السنين الماضية، تم التقاطها عن طريق مواطنين عاديين؟!

"صحافة المواطن"، أو "الصحافة التشاركية"، أو "صحافة البلوجرز"؛ هي مصطلحات تطلق على الأخبار والأحداث المهمة التي تم نقلها عبر أشخاص عاديين من المجتمع، كانوا في المكان والوقت المناسب عند وقوع حدث ما، وعلى الأشخاص الذين كرسوا جزءًا من وقتهم للبحث عن الأخبار في مناطقهم، وتجميعها، ونقلها للعامة.

ولكون من يؤدي هذه المهمة هم أفراد من العامة، فإنها بالطبع تختلف عن الصحافة التقليدية؛ وتنقسم لنوعين:

أشخاص يعملون بمفردهم.

وهنا يبحث المواطن عن المحتوى وينشره، بدون مساعدة من أي قناة أو وسيلة إعلامية، وشعارهم "أنا أسجل، أنا أكتب، أنا أحرر، وأنا أنشر"، وهذا يتم عبر وسيلتين:

وسائل التواصل الاجتماعي؛ كفيس بوك، وإنستجرام، وتويتر.
المدونات، والمواقع الإلكترونية.

أشخاص يعملون مع مؤسسات إخبارية:

يساعد بعض الصحفيين المواطنين الوكالات الإخبارية في نشر الأخبار مع موارد ومصادر سليمة، ومن أشكال هذا التعاون:

التعليقات: التعليق على المواضيع المنشورة من قبل مؤسسة ما؛ وهذا في أحيان كثيرة يجذب انتباه القراء، ويحثهم على بدء مناقشة مع المعلق والتعليق بدورهم على تعليقه، وربما تصنع التعليقات حدثًا جديدًا، إذا جذب التعليق الكثير من الآراء والتفاعلات الأخرى.
حشد المصادر: وهذا على الأغلب يتم من طرف الصحفيين المحترفين والمؤسسات الإخبارية (عندما يكون العمل المطلوب لن يستطيع إنجازه في وقت قصير، بسبب قلة الصحفيون بالشركة)، من خلال الاستعانة بالجمهور لإكمال موضوع ما، فتجد أن المواطن يساعد في التحقق من الحقائق، والتحليل، وإعادة النشر.
البث المباشر: بإمكان الصحفي المواطن أن يتعاون مع مؤسسات لنقل حدث طارئ ما بشكل مباشر، خصوصًا إذا كان لا يوجد أي صحفيين آخرين لتغطية الخبر من المنطقة ذاتها.

وربما لا يوجد لحظة معينة في التاريخ نستطيع أن نجزم أنها نقطة البداية لهذا النوع من الصحافة، لكن سنعرض لكم أشهر الأشخاص الذين قدموا لنا دور صحافة المواطن على أفضل وجه:

أبراهام زابرودر:

يعد زابرودر من أوائل الصحفيين المواطنين (إن لم يكن الأول)، واستطاع عبر عدسة كاميرته، وهو يلتقط فيديو لموكب الرئيس الأمريكي الراحل جون إف كينيدي، أن يسجل لحظة اغتياله. ويعتبر هذا حدثًا مهمًا لأنه في وقتها لم تكن هناك أي كاميرات صحفية تسجل عن طريق الفيديو موكب الرئيس، لذلك كان هو الوحيد الذي استطاع أن يوثق اللحظة بوضوح وبصورة ملونة. وبعد الحادثة تحفظت السلطات الأمريكية على نسخة من الفيديو؛ لتفحص الفيلم على أمل مساعدتهم في تحقيقهم عن الحادث، ولم يعرض الفيلم للعامة إلا بعد 12 عامًا.

شباب حملة "الرقة تذبح بصمت":

ستة شباب بدأت قصتهم بقرار إنشاء موقع إلكتروني لكي يوثق الانتهاكات التي ترتكبها داعش في محافظة الرقة، خصوصًا بعد صعوبة أو استحالة دخول المراسلين والصحفيين للمنطقة. بالطبع لم تتركهم داعش، ولاحقتهم، وقتلت بعضهم، ولكن بالرغم من ذلك تكللت جهودهم بالنجاح، بعد المخاطر التي واجهوها، استطاعوا أن يوصلوا أخبار الرقة للعالم أجمع، وفي عام 2015 فازوا بجائزة حرية الصحافة العالمية CPJ.

صحفيو "ووهان":

بعد بدء تفشي فيروس كورونا من بؤرتها الأصلية بمدينة "ووهان" الصينية، قرر 4 صحفيون مواطنون أن ينشروا على الإنترنت تفاصيل ما يحدث داخل ووهان للعالم بسبب تعتم الحكومة داخل الصين في نشر مجريات الأمور الخاصة بالفيروس، ولأن ما فعلوه أزعج السلطات، قُبض عليهم وحكم على البعض منهم بالسجن، فيما أطلق سراح البعض الآخر، لكن بشرط عدم نشرهم معلومات أو احتكاكهم بالعالم الخارجي عبر الإنترنت.

وكأي وسيلة أخرى لنقل المعلومات، فلهذا المجال إيجابياته وسلبياته، دعونا نبدأ بعرض بعض الإيجابيات:

هناك أحداث مهمة وجرائم فساد كانت ستظل مجهولة لكثير من الأفراد، في كثير من المناطق، بدون توثيق هؤلاء المواطنين لها بالصوت والصورة.
تُعطي للمهمشين والأقليات مساحة وصوت في الإعلام، وتعرض المشاكل التي لم تأخذ الاهتمام المناسب في الوسائل الإعلامية الكبرى.
سهلة الانتشار، ولا تحتاج لتكاليف عالية.
تؤمن تغطية أكثر شمولية للقصص الإخبارية.
عادة لا يتّبع الصحفيون المواطنون أية مؤسسات وليس لديهم داعمين، لذلك فهم في الغالب أكثر حرية من الصحفيين الذين يعملون داخل مؤسسات يقوم بتمويلها رجال أصحاب نفوذ وأموال.
مساعدة الصحفيين المحترفين في تغطية أخبار بعض المناطق النائية، أو التي يصعب الوصول إليها.

وهذه بعض السلبيات:

على الرغم من حريتهم واستقلالهم عن غيرهم لأنهم ليسوا تابعين لمؤسسات، فإنه في بعض الأحيان تتأثر تغطيتهم للخبر بآرائهم، وربما تكون منحازة قليلًا.
وقوع الجمهور في حيرة من أمره؛ هل يصدق هذه الأخبار المنقولة بطريقة ومنصات مختلفة عن الوسائل التقليدية أم لا.
هناك فئة كبيرة من الجمهور غير موجودين على منصات ووسائل التواصل على الإنترنت، لذلك فإن صحافة المواطن قد تواجه صعوبات في الوصول لجمهور عريض من الأشخاص.
في بعض الأحيان يصعب تتبع المصدر الأساسي لمعلومة ما، لكثرة تدفق المعلومات والمشاركات.
نظرًا لأنهم غير محترفين، فإن نسبة وقوعهم في الأخطاء المتعلقة بقوانين وأخلاق المهنة، وحقوق الملكية، تكون أعلى.

وصحيح أن كثير من الأفراد والمحترفين انقسموا بين مؤيد ومعارض لصحافة المواطن، إلا أنه لا يمكننا أن ننكر دورها الفعال في نقل الأخبار لنا، ونود أن ننهي هذا المقال ببعض النصائح لكل من يود أن يكون واحدًا من الصحفيين المواطنين:

من المهم أن يتعلم الصحفي المواطن أخلاق المهنة، وأن يلتزم بالصراحة والصدق والشفافية.
لا تؤذ المصادر أو تكذب عليهم من أجل الحصول على قصتك، وتعامل معهم باحترام ولطف.
ابتعد عن الكتابة عن أي شخص تربطك به علاقة صداقة، أو روابط عائلية، ولا تستخدم منصتك في الدعاية لأي مؤسسة أو جهة، رغبةً في الحصول على مزايا تجارية ومالية.
الأفضل أن تنقل الحدث من وجهة نظر ثالثة؛ بمعنى أنه إذا كان هناك حدث لست الوحيد الذي تشهد وقوعه، وهناك الكثير من شهود العيان، يمكنك أن تنقل الخبر بواسطتهم لا بواسطتك، مثلا: بدلًا من أن تقول لقد رأيت أو كنت هناك، استأذن أحد آخر من المواطنين الشهود أن يسجلوا معك شهادتهم عن الحادث.
تحقق من صدق المصادر والمعلومات التي تنقلها، لأنه إذا نقلت معلومة واحدة خاطئة من مصدر كاذب سيضعف هذا قصتك وقد تفقد جمهورك، لذلك حاول أن تجمع المعلومات من أكثر من مصدر لضمان مصداقية أعلى.
لا تصور فيديوهات أكثر من 4 أو 5 دقائق، لأن الجمهور قد يمل.
تذكر أن هناك الكثير من الأفراد الذين قد لا يرغبون بالتصوير معك لأنهم لا يعرفوك ولا يثقوا بك، وهذا أمر طبيعي عليك أن تحترمه، ويمكنك حين إذ أن توجه اهتمامك على شيء آخر تجيده؛ كتصوير المكان المحيط، أو كتابة مدونة تنقل من خلالها ما شاهدته.
تواصل مع وسائل الإعلام التقليدية، لأن بإمكانها نشر ما قمت بتسجيله لجمهور أكبر غير متواجد على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت.