في ظل التحديات البيئية والاقتصادية، أصبحت إعادة التدوير في مصر ضرورة ملحّة، حيث تسهم في تقليل النفايات وتحويلها إلى موارد قيّمة تدعم التنمية المستدامة.
تخيل عالمًا تُستغل فيه النفايات كموارد قيمة بدلًا من أن تكون عبئًا بيئيًا! هذا ما تقدمه إعادة التدوير، التي لم تعد مجرد خيار بيئي، بل أصبحت ضرورة اقتصادية واستراتيجية تسهم في تقليل التلوث، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتحقيق تنمية مستدامة. في مصر، حيث يتزايد الإنتاج اليومي من المخلفات، تبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة تعزز الاستفادة من هذه الموارد المهملة، وهو ما يضع إعادة التدوير في قلب الجهود البيئية والاقتصادية للدولة. لكن كيف تسير مصر في هذا المجال مقارنة بالعالم؟ وما الفوائد التي يمكن تحقيقها من تطوير هذا القطاع؟
ما هي إعادة التدوير؟
إعادة التدوير تعني تحويل المواد المستعملة إلى منتجات جديدة قابلة للاستخدام، بدلًا من التخلص منها كنفايات. هذه العملية جزء من مفهوم الاقتصاد الدائري، الذي يهدف إلى تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية غير المتجددة عبر إعادة استخدام المواد والطاقة والمياه بطرق مستدامة تحاكي الدورة الطبيعية للبيئة. (مؤرشف)
إعادة التدوير في مصر: جهود وتحديات
تسعى مصر إلى تعزيز ثقافة إعادة التدوير لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية الناجمة عن تزايد النفايات. تُنتج مصر حوالي 90 مليون طن من النفايات الصلبة سنويًا، ولا يُعاد تدوير سوى 12% منها، وهو معدل منخفض مقارنة بالدول الرائدة في هذا المجال.(مؤرشف) ولتحسين الوضع، أصدرت مصر عدة قوانين، مثل قانون إدارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020، كما أطلقت مبادرات لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تدوير المخلفات، خاصة البلاستيك والإلكترونيات. (مؤرشف)
أنواع المواد القابلة لإعادة التدوير
تنقسم النفايات القابلة للتدوير إلى عدة فئات منها:
- الورق: الصحف، الكتب، صناديق الورق، الأكياس الورقية.
- البلاستيك: الزجاجات، الحاويات الغذائية، الألعاب.
- الزجاج: الزجاجات، الأكواب، الزجاج المكسور.
- المعادن: علب المشروبات، القدور، الأدوات المعدنية.
- الإلكترونيات: الهواتف المحمولة، الحواسيب، البطاريات.
- النفايات العضوية: بقايا الطعام، قشور الفواكه والخضروات، والتي يمكن تحويلها إلى سماد طبيعي.
ولكن هناك أيضًا نفايات خطرة تحتاج إلى إدارة خاصة، مثل البطاريات، المصابيح الفلورية، والأدوية المنتهية الصلاحية، نظرًا لتأثيرها البيئي والصحي. (مؤرشف)
إعادة التدوير عالميًا: أرقام ونمو متسارع
يشهد سوق إعادة التدوير نموًا كبيرًا عالميًا، إذ بلغ حجمه 58 مليار دولار في 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 90 مليار دولار بحلول 2032 بمعدل نمو سنوي 4.7%. إلا أن التحدي الأكبر هو أن أقل من 20% من النفايات يتم تدويرها، رغم أن المواد القابلة للتدوير يمكنها تلبية 40% من احتياجات الخامات عالميًا. (مؤرشف)
الدول الرائدة في إعادة التدوير
ألمانيا: تتصدر القائمة بنسبة تدوير 66% من إجمالي نفاياتها. (مؤرشف)
كوريا الجنوبية والنمسا: تأتيان في المراتب التالية، بأكثر من 58% من إعادة التدوير. (مؤرشف)
هولندا: تُعد من الدول الأوروبية الرائدة في إدارة النفايات، حيث تعتمد على استراتيجيات مبتكرة.(مؤرشف)
أزمة البلاستيك: التحدي الأكبر أمام البيئة
يعد التلوث البلاستيكي من أخطر المشكلات البيئية في العالم، حيث ينتج البشر سنويًا 400 مليون طن من البلاستيك، في حين لا يُعاد تدوير سوى أقل من 10% منه. تتسبب هذه النفايات في أضرار بيئية خطيرة، أبرزها:
- تدمير التنوع البيولوجي: يؤثر البلاستيك الدقيق على الحياة البحرية والبرية.
- المساهمة في التغير المناخي: إنتاج البلاستيك يستهلك كميات هائلة من الطاقة، مما يزيد من انبعاثات الكربون.
- المخاطر الصحية: ترتبط الجزيئات البلاستيكية الدقيقة بمشكلات صحية مثل السرطان، واضطرابات الغدد الصماء، والسمنة.
الحلول؟
تعتمد العديد من الدول سياسات لحظر الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، وتشجيع الابتكار في إنتاج بدائل صديقة للبيئة، وهو توجه بدأت مصر في تبنيه من خلال قرارات مثل منع استخدام البلاستيك في البحر الأحمر ودعم الاستثمارات في بدائل مستدامة. (مؤرشف)
الإطار التنظيمي لإعادة التدوير في مصر
- قانون 202 لسنة 2020: ينظم إدارة المخلفات بشكل عام. (مؤرشف)
- القرار 167 لسنة 2019: يحظر استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام في البحر الأحمر.
- القرار 20 لسنة 2022: يوفر حوافز للاستثمار في بدائل البلاستيك.
المؤسسات المعنية:
- وزارة البيئة: مسؤولة عن تنفيذ استراتيجيات الحد من النفايات البلاستيكية.
- جهاز تنظيم إدارة المخلفات: ينظم عمليات التدوير بالشراكة مع الجهات المعنية.
- وزارة الصناعة: تدعم التطوير التقني والاستثمار في القطاع.
التحديات والفرص في إدارة النفايات
رغم الجهود المبذولة، تواجه مصر عدة تحديات في إدارة النفايات، منها:
- ضعف البنية التحتية لجمع وفرز المخلفات.
- غياب الوعي المجتمعي الكافي بأهمية إعادة التدوير.
- الاعتماد الكبير على مدافن النفايات بدلاً من حلول التدوير.
لكن في المقابل، تتيح إعادة التدوير فرصًا هائلة، مثل:
- خلق آلاف فرص العمل في الصناعات المرتبطة بالتدوير.
- تقليل التكاليف البيئية الناتجة عن تلوث الهواء والمياه.
- دعم الاقتصاد الدائري وتعزيز الاستدامة البيئية. (مؤرشف)
إعادة التدوير ليست مجرد وسيلة للحفاظ على البيئة، بل هي ركيزة أساسية لبناء اقتصاد قوي ومستدام. في مصر، لا تزال هناك تحديات، لكنها تمثل أيضًا فرصة ذهبية للاستثمار والابتكار. تعزيز الوعي، وتحسين البنية التحتية، ودعم السياسات التحفيزية، كلها خطوات ضرورية لتحقيق قفزة نوعية في هذا المجال، بما يضمن بيئة أنظف واقتصادًا أكثر استدامة للأجيال القادمة.
تصنيفات الموضوعات
مريم رأفت (مدققة معلومات)
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024...
صحفية حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تخصص إذاعة وتليفزيون (2023/2024). لديها خبرة ثلاث سنوات كمراسلة في قسم الأخبار والتحقيقات بجريدة المصري اليوم، وتعمل كمدققة حقائق في موقع أخبار ميتر. وهي متخصصة في تحديد الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وتفنيدها، وخاصة تلك التي تنتشر على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال عمليات التحقق الصارمة، تضمن وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور.
يتيح فريق أخبار ميتر المساحة المناسبة لرد الأشخاص المعنيين والجمهور على المعلومات الواردة في عملية تقصي الحقائق بتصحيحها بشفافية كاملة. يمكن التواصل معنا عبر بريد الموقع الإلكتروني [email protected]. كما يتكفل الفريق بإجراء التصحيحات اللازمة حال التأكد من صحة المعلومات وقبولها في أسرع وقت ممكن.
هل لديك تصحيح أو معلومة غائبة ترغب بإضافتها؟ 📱 تواصل معانا